وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) { وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} أي: أعطاكم من كل ما تعلقت به أمانيكم وحاجتكم مما تسألونه إياه بلسان الحال، أو بلسان المقال، من أنعام، وآلات، وصناعات وغير ذلك. { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} فضلا عن قيامكم بشكرها { إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} أي: هذه طبيعة الإنسان من حيث هو ظالم متجرئ على المعاصي مقصر في حقوق ربه كفَّار لنعم الله، لا يشكرها ولا يعترف بها إلا من هداه الله فشكر نعمه، وعرف حق ربه وقام به. ففي هذه الآيات من أصناف نعم الله على العباد شيء عظيم، مجمل ومفصل يدعو الله به العباد إلى القيام بشكره، وذكره ويحثهم على ذلك، ويرغبهم في سؤاله ودعائه، آناء الليل والنهار، كما أن نعمه تتكرر عليهم في جميع الأوقات.
عبدالباسط عبدالصمد - وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها - Youtube
وقال ابن جرير: يقول: إن اللّه لغفور لما كان منكم من تقصير في شكر بعض ذلك إذا تبتم وأنبتم إلى طاعته واتباع مرضاته، رحيم بكم لا يعذبكم بعد الإنابة والتوبة. تفسير الجلالين { وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها} تضبطوها فضلاً أن تطيقوا شكرها { إن الله لغفور رحيم} حيث ينعم عليكم مع تقصيركم وعصيانكم. تفسير الطبري وَقَوْله: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّه لَا تُحْصُوهَا} لَا تُطِيقُوا أَدَاء شُكْرهَا. وَقَوْله: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَة اللَّه لَا تُحْصُوهَا} لَا تُطِيقُوا أَدَاء شُكْرهَا. ' { إِنَّ اللَّه لَغَفُور رَحِيم} يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّه لَغَفُور لِمَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ تَقْصِير فِي شُكْر بَعْض ذَلِكَ إِذَا تُبْتُمْ وَأَنَبْتُمْ إِلَى طَاعَته وَاتِّبَاع مَرْضَاته, رَحِيم بِكُمْ أَنْ يُعَذِّبكُمْ عَلَيْهِ بَعْد الْإِنَابَة إِلَيْهِ وَالتَّوْبَة. قال تعالى وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. { إِنَّ اللَّه لَغَفُور رَحِيم} يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ: إِنَّ اللَّه لَغَفُور لِمَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ تَقْصِير فِي شُكْر بَعْض ذَلِكَ إِذَا تُبْتُمْ وَأَنَبْتُمْ إِلَى طَاعَته وَاتِّبَاع مَرْضَاته, رَحِيم بِكُمْ أَنْ يُعَذِّبكُمْ عَلَيْهِ بَعْد الْإِنَابَة إِلَيْهِ وَالتَّوْبَة. '
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل - الآية 18
وقال الشوكاني - رحمه الله -: (ومعلومٌ أنه لو رَامَ فردٌ من أفراد العِباد أنْ يُحصي ما أنعمَ اللهُ به عليه في خَلْقِ عُضوٍ من أعضائه، أو حاسَّةٍ من حواسِّه، لم يقدر على ذلك قط، ولا أمكنه أصلاً، فكيف بما عدا ذلك من النِّعم، في جميع ما خَلَقَه اللهُ في بدنه، فكيف بما عدا ذلك من النِّعمِ الواصلةِ إليه في كلِّ وقتٍ، على تَنَوُّعِها واختلافِ أجناسِها). وقال أيضاً: (إنَّ كلَّ جزءٍ من أجزاء الإنسان لو ظَهَرَ فيه أدنى خَلَلٍ، وأيسرَ نَقْصٍ لَنَغَّصَ النِّعمَ على الإنسان، وتمنَّى أنْ يُنفِقَ الدنيا لو كانت في مُلكِه حتى يزول عنه ذلك الخَلَل، فهو سبحانه يُدير بَدَنَ هذا الإنسان على الوجه الملائم له، مع أنَّ الإنسانَ لا عِلْمَ له بوجود ذلك، فكيف يُطِيقُ حَصْرَ بعضِ نِعَمِ اللهِ عليه، أو يَقْدِرُ على إحصائها، أو يتمكَّن من شُكْرِ أدناها؟). الخطبة الثانية
الحمد لله... القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة النحل - الآية 18. أيها الكرام.. خُتِمَت الآيةُ السابقة بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ فهذا طبعُ الإنسان، كفورٌ غير شكور، ظلومٌ لنفسه، كفَّارٌ لنِعَمِ الخالق جلَّ وعلا، يجترئ على المعاصي، ويُقصِّر في حقوق الله تعالى، وبمقدار كثرةِ نِعَمِ الله تعالى يكثر كُفْرُ الكافرين بها، فهم يُعرِضون عن عِبادة المُنعِم، ويعبدون ما لا يملك لهم ضَرًّا ولا نَفْعاً، ولا موتاً ولا حياةً ولا نُشوراً، ولا يَشكر نِعَمَ اللهِ تعالى إلاَّ القليل؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13].
وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها - Youtube
11) تدبير بدَن الإنسان على الوجْه الملائمِ؛ ليتسنَّى له التنعُّم بهذه النِّعم؛ لأنَّه لو ظهَر في بدَنه أدنى خلَل وأيسَر نقص، لنغَّص عليه هذه النِّعَم، وتمنَّى أن ينفِق الدنيا - لو كانت في ملكِه - حتى يَزول عنه ذلك الخلَل. 12) الحثُّ على التفكُّر والتدبُّر في تلك النِّعَم الكثيرة والمتنوعة، التي لا نَستطيع إحصاءها، ولا نطيق عدَّ أنواعها، فضلًا عن أفرادها. تفسير وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. 13) التنبيه إلى الشُّكر وبيان أهميَّتِه، وأنَّه من أعظم الأسباب - إن لم يكن أعظمها - لاستدامَةِ النِّعَم. 14) ذَمُّ الإنسان بكونه كَفورًا غير شكور. 15) الحثُّ على شُكر الله عزَّ وجلَّ على نِعَمه التي لا تُعدُّ ولا تُحصى؛ لأنَّه متى تعسَّر على الإنسان الوقوف عليها، فلا بدَّ عليه أن يَجتهد بالحمد والشُّكر والثَّناء اللائق بها، وإن كان لن يَقوم بالواجب عليه في هذه الأبواب. 16) أنَّ هذا الوصف: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ متعلِّق بالإنسان؛ حتى يؤمِن ويَستقيم على أمر الله عزَّ وجلَّ ورسولِه صلى الله عليه وآله وسلم والإسلامِ كما يجِب. 17) التنبيه مع هذا الفَيض المتدفِّق من الإنعام، وأنَّه كما يستدلُّ على الخالق بالخلق، فإنه يستدلُّ على المنعِم بالنِّعَم؛ إلَّا أنَّه لا يزال هناك مَن يجادِل بالباطِل، ويتعلَّق بالهوى، ويتشبَّث - زعَمَ بالعقل - في القرآن والسنَّة وما يدلَّان عليه من أمورِ العقيدةِ والتوحيد، ووجوب طاعته عزَّ وجلَّ وطاعةِ رسوله صلى الله عليه وآله وسلم - بغير علمٍ من وحْيٍ، ولا استدلالٍ من عقل سَليم، ولا كتابٍ مُنير واضح بيِّن يَحتجُّون به ويجادِلون بأدلَّته.
فوائد مستنبطة من قول الله عز وجل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)
تفكَّر في سمْعِك وقدْ عُوفيت من الصَّمم ، وتأملْ في نظرِك وقدْ سلمت من العمى ، وانظر إلى جِلْدِك وقد نجوْت من البرصِ والجُذامِ ، والمحْ عقلك وقدْ أنعم عليك بحضورهِ ولم تُفجعْ بالجنونِ والذهولِ أتريدُ في بصرِك وحدهُ كجبلِ أُحُدٍ ذهباً ؟! أتحبُّ بيع سمعِك وزن ثهلان فضةَّ ؟! فوائد مستنبطة من قول الله عز وجل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها). هل تشتري قصور الزهراءِ بلسانِك فتكون أبكم ؟! هلْ تقايضُ بيديك مقابل عقودِ اللؤلؤ والياقوتِ لتكون أقطع ؟! إنك في نِعمٍ عميمةٍ وأفضالٍ جسيمةٍ ، ولكنك لا تدريْ ، تعيشُ مهموماً مغموماً حزيناً كئيباً ، وعندك الخبزُ الدافئُ ، والماءُ الباردُ ، والنومُ الهانئُ ، والعافيةُ الوارفةُ ، تتفكرُ في المفقودِ ولا تشكرُ الموجود ، تنزعجُ من خسارةٍ ماليَّةٍ وعندك مفتاحُ السعادة ، وقناطيرُ مقنطرةٌ من الخيرِ والمواهبِ والنعمِ والأشياءِ ، فكّرْ واشكرْ! [ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ] فكّرْ في نفسك ، وأهلِك ، وبيتك ، وعملِك ، وعافيتِك ، وأصدقائِك ، والدنيا من حولِك [ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا]. (منقول عن) (((الدَّكِـتُورْ عَـآئِض القَـرنُـي))) ساعد في نشر والارتقاء بنا عبر مشاركة رأيك في الفيس بوك
14-02-2012, 10:51 PM
# 3
رد: وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها
مشكورة اخت ريحانة على المرور بارك الله فيكى
14-02-2012, 10:56 PM
# 5
مشكورة اخت براءة على المرور
14-02-2012, 11:11 PM
# 6.
فيقول الله لأصغر نعمه - أحسبه قال في ديوان النعم - خذي ثمنك من عمله الصالح ، فتستوعب عمله الصالح كله ، ثم تنحى وتقول: وعزتك ما استوفيت. وتبقى الذنوب والنعم فإذا أراد الله أن يرحم قال: يا عبدي ، قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك - أحسبه قال: ووهبت لك نعمي -. غريب ، وسنده ضعيف. وقد روي في الأثر: أن داود - عليه السلام - قال: يا رب ، كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك علي ؟ فقال الله تعالى: الآن شكرتني يا داود ، أي: حين اعترفت بالتقصير عن أداء شكر النعم. وقال الشافعي - رحمه الله -: الحمد لله الذي لا يؤدى شكر نعمة من نعمه ، إلا بنعمة توجب على مؤدي ماضي نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها. وقال القائل في ذلك: لو كل جارحة مني لها لغة تثني عليك بما أوليت من حسن لكان ما زاد شكري إذ شكرت به إليك أبلغ في الإحسان والمنن
وقال الشافعى -رحمه الله-: الحمد لله الذى لا يؤدى شكر نعمة من نعمه، إلا بنعمة توجب على مؤدى ماضى نعمه بأدائها نعمة حادثة توجب عليه شكره بها.. وفى تفسير القرطبى فإننا نقرأ معنى قوله تعالى «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا»: أى نعم الله، لا تحصوها ولا تطيقوا عدها، ولا تقوموا بحصرها لكثرتها، كالسمع والبصر وتقويم الصور إلى غير ذلك من العافية والرزق، نعم لا تحصى وهذه النعم من الله، فلِمَ تبدلون نعمة الله بالكفر؟! وهلا استعنتم بها على الطاعة ؟!.. «إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ» الإنسان لفظ جنس وأراد به الخصوص، قال ابن عباس: أراد أبا جهل. وقيل: جميع الكفار.. وفى تفسير ابن عاشور فإننا نقرأ معنى قوله تعالى «{وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا}: تأكيد للتذييل وزيادة فى التعميم، تنبيهًا على أن ما آتاهم الله كثير منه معلوم وكثير منه لا يحيطون بعلمه أو لا يتذكرونه عند إرادة تعداد النعم. فمعنى{وَإِن تَعُدُّواْ} إن تحاولوا العد وتأخذوا فيه. وذلك مثل النعم المعتاد بها التى ينسى الناس أنها من النعم، كنعمة التنفس، ونعمة الحواس، ونعمة هضم الطعام والشراب، ونعمة الدورة الدموية، ونعمة الصحة.
فتمنى لو يرزقه الله الشهادة في يوم اليمامة، وهبت رياح الجنة فملأت نفسه شوقاً، وعينيه دموعاً وعزمه إصراراً. وراح يضرب ضرب الباحث عن مصيره العظيم، وسقط البطل الصحابي شهيداً، بل صعد شهيداً عظيماً ممجداً سعيداً. نبأ استشهاد زيد بن الخطاب
عاد جيش الإسلام إلى المدينة ظافراً، وبينما كان عمر بن الخطاب، يستقبل مع الخليفة أبو بكر العائدين الظافرين. راح يرمق بعينين مشتاقتين، أخاه العائد، وكان الصحابي زيد طويلاً بائن الطول، فكان تعرف العين عليه أمراً ميسوراً. ولكن قبل أن يجهد عمر بصره، اقترب إليه من المسلمين العائدين، من عزاه في زيد، فقال عمر:
رحم الله زيداً سبقني إلى الحسنيين، أسلم قبلي، واستشهد قبلي. وعلى كثرة الانتصارات التي راح الإسلام يظفر بها وينعم، فإن زيد لم يغب عن خاطر أخيه الفاروق لحظة. وكان يقول دائماً: ما هبت الصبا، إلا وجدت منها ريح زيد. أجل إن الصبا لتحمل ريح زيد، وعبير شمائله المتفوقة، ونضيف للعبارة الجليلة هذه كلمات، لتكتمل معها جوانب الصورة، ما هبت رياح النصر على الإسلام، منذ يوم اليمامة، إلا وجد الإسلام فيها ريح زيد، وبطولة زيد وعظمة زيد، بورك آل الخطاب، تحت راية الرسول صلى الله عليه وسلم، وبوركوا يوم أسلموا، وبوركوا أيام جاهدوا واستشهدوا، وبوركوا يوم يبعثون.
زيد بن عمر بن الخطاب
الممعن في الصمت جوهر بطولته. وكان
إيمانه
بالله وبرسوله وبدينه ايمانا وثيقا, ولم يتخلّف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في
مشهد ولا في غزاة. وفي كل مشهد لم
يكن يبحث عن النصر, بقدر ما يبحث عن الشهادة..! يوم أحد, حين حمي
القتال بين المسلمين والمشركين والمؤمنين. راح زيد بن الخطاب يضرب ويضرب..
وأبصره أخوه عمر
بن الخطّاب, وقد سقط درعه عنه, وأصبح أدنى منالا للأعداء, فصاح به عمر.
" خذ درعي يا زيد فقاتل بها"..
فأجابه زيد:
" إني أريد من الشهادة ما تريد يا عمر"..!!! وظل يقاتل بغير
درع في فدائية باهرة, واستبسال عظيم. قلنا
رضي الله عنه, كان يتحرّق شوقا للقاء الرّجّال متمنيّا أن يكون
الإجهاز على حياته الخبيثة من حظه وحده.. فالرّجّال في رأي زيد, لم يكن مرتدّا
فحسب.. بل كان كذّابا منافقا, وصوليا. لم يرتدّ عن
اقتناع.. بل عن وصولية حقيرة, ونفاق
بغيض هزيل. وزيد في بغضه
النفاق والكذب, كأخيه عمر تماما..! كلاهما لا يثير اشمئزازه, مثل النفاق الذي تزجيه النفعيّة الهابطة, والأغراض
الدنيئة. ومن أجل تلك
الأغراض المنحطّة, لعب الرّجّال دوره الآثم, فأربى عدد الملتفين حول مسيلمة
إرباء
فاحشا, وهو بهذا يقدّم بيديه
إلى الموت والهلاك أعدادا كثيرة ستلاقي حتفها في معارك
الردّة..
أضلّها أولا,
وأهلكها أخيرا.. وفي سبيل ماذا.. ؟ في سبيل أطماع لئيمة زيّنتها له نفسه, وزخرفها له
هواه, ولقد أعدّ زيد نفسه ليختم حياته المؤمنة بمحق هذه الفتنة, لا في شخص مسيلمة
بل في شخص من هو أكبر منه خطرا, وأشدّ جرما الرّجّال بن عنفوة.
زيد ابن الخطاب
وها هو ذا
الرّجّال قد سقط صريعا..
إذن فنبوّة مسيلمة كلها كاذبة..
وغدا سيسقط
المحكم, وبعد غد مسيلمة..!! هكذا
أحدثت ضربة
زيد بن الخطاب كل هذا المدار في صفوف مسيلمة..
أما المسلمون,
فما كاد الخبر يذيع بينهم حتى تشامخت عزماتهم كالجبال, ونهض جريحهم من جديد, حاملا
سيفه, وغير عابئ بجراحه..
حتى الذين كانوا
على شفا الموت, لا يصلهم بالحياة سوى بقية وهنانة من رمق غارب, مسّ النبأ أسماعهم
كالحلم الجميل, فودّوا لو أنّ بهم قوّة يعودون بها
إلى الحياة ليقاتلوا, وليشهدوا
النصر في روعة ختامه..
ولكن أنّى لهم
هذا, وقد تفتح أبواب الجنّة لاستقبالهم
وإنهم الآن ليسمعون أسماءهم وهم ينادون
للمثول.. ؟؟!!
قبر زيد بن الخطاب
هو سيدٌ من سادات العرب الأشراف، له هيبة وسَطوة بين العرب، وكان سفير العرب في عكاظ، فكان من أبلغ العرب قولًا وأكثرهم جرأةً وشجاعة، وكان يعتز بنسبه وبدين قومه ويتعصب لهم، وهو والد سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وقد ورث عنه الفاروق شدته وهيبته، وأمه هي حنتمة بنت هشام المخزومية أخت أبي جهل، نشأ في مكة المكرمة ومات فيها، وكان العرب يحتكمون إليه في نزاعاتهم وخلافاتهم لفصاحة لسانه، وقوَّة بيانه، وشدته في الحق. اسمه الكامل هو: الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة إلياس بن مضر، وأمه هي أميمة بنت جابر بن حرب بن حبيب بن عمرو بن حنظلة بن نمر بن صباح بن عتيك بن أسلم بن يذكر بن عنزة بن أسد بن ربيعة. مُشاركته في حرب الفِجَار:-
شارك الخطاب بن نفيل في حرب الفِجار (43ق. هـ/580م – 33ق. هـ/590م)، وهي إحدى أشهر حروب العرب الدامية في الجاهلية، والتي استمرت قرابة عشرة أعوام، بين قبيلتي كنانة (ومنها قريش ومعها بني أسد وبني الهون بن خزيمة) من جهة، وقبائل قيس عيلان(ومنها هوازن، وغطفان، وسليم، وثقيف، وفهم، وعدوان، وبني محارب) من جهة أخرى، وقد شارك فيها كونه سيد بني عدي من قريش ومعه زيد بن عمرو بن نفيل.
زيد بن عمر الخطاب
وكثيرا ما يكون قصد الكاتب وصف والده " أسلم " أنه مولى عمر بن الخطاب ، فيقول: "
زيد بن أسلم مولى عمر " فيفهم القارئ أن قوله " مولى عمر " تعود على زيد ، وإنما
المقصود عودها على " أسلم "، وإن كان عودها على " زيد " صحيح أيضا كما سبق. وننقل هنا شيئا من ترجمة الإمام زيد بن أسلم ، لما فيها من فوائد وعبر:
جاء في ترجمته في "تهذيب الكمال" (10/15) للحافظ المزي رحمه الله:
" قَال الواقدي ، عن مالك: كانت لزيد بن أسلم حلقة في مسجد رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وَقَال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال لي أبو حازم: لقد رأيتنا في مجلس أبيك
أربعين حبرا فقهاء ، أدنى خصلة منا التواسي بما في أيدينا ، فما رئي منا متماريان ،
ولا متنازعان في حديث لا ينفعهما قط. قال: وكان أبو حازم يقول: اللهم ، إنك تعلم أني أنظر إلى زيد فأذكر بالنظر إليه
القوة على عبادتك ، فكيف بملاقاته ومحادثته ؟. وَقَال مالك: كان زيد بن أسلم يحدث من تلقاء نفسه ، فإذا سكت قام ، فلا يجترئ عليه
إنسان. قال: وكان يقول: ابن آدم ، اتق الله يحبك الناس وإن كرهوا. وَقَال مصعب بن عَبد الله الزبيري ، عَن أبيه ، عن جده: سمعت زيد بن أسلم يقول:
انظر من كان رضاه عنك في إحسانك إلى نفسك ، وكان سخطه عليك في إساءتك إلى نفسك ،
فكيف تكون مكافأتك إياه " انتهى باختصار.
// قال ابن عمر: "وكان من أفضل الوفد عندنا، قرأ البقرة وآل عمران، وكان يأتي أبيا يقرئه، فقدم اليمامة، وشهد لمسيلمة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أشركه في الأمر من بعده!! فكان أعظم على أهل اليمامة فتنة من غيره لما كان يعرف به" // قال رافع بن خديج: كان بالرجّال من الخشوع ولزوم قراءة القرآن والخير فيما نرى شيء عجيب، خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما وهو معنا جالس مع نفر، فقال: (أحد هؤلاء النفر في النار) قال رافع: فنظرت في القوم فإذا بأبي هريرة وأبي أروى الدوسي وطفيل بن عمرو الدوسي والرَّجال بن عنْفُوة، فجعلت أنظر وأعجب وأقول: "من هذا الشقي؟! " فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجعت بنو حنيفة، فسألت ما فعل الرجال قالوا افتتن، هو الذي شهد لمسيلمة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أشركه في الأمر من بعده، فقلت: ما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو حق". ** ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحب الكشف عن أسماء المنافقين بل كان يسترهم، وكان حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- هو صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شأنهم، وكان يعرفهم ولا يعرفهم غيره بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من البشر، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أسر إليه بأسماء عدة منهم ليراقبهم، ولذا فإن معرفة أسمائهم بالتفصيل ليست متاحة إلا بالنسبة لمن ورد في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إشارة إليه بصفة غير مباشرة، كما هو الحال في «الرَّجال بن عنْفُوة» الذي قال عنه ذات يوم: ( « إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من جبل أحد »).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين