رثاء العلامة الجليل الشيخ محمد السبيل
إذا تنوَّعتْ أكدارُ الحياةِ، وتعددتْ أسبابُها؛ فإنَّ فقدَ أهلِ العلمِ، وغِيابَ ذوي الفضلِ والمكانةِ، لَهُوَ منْ أشدِّ هذهِ الأكدارِ، وأعظمِها وقعًا، وأبلغِها أثرًا. وإنَّ منْ أشدِّ الأنباءِ تكديرًا، وأعظمِهَا إيلامًا وتأثيرًا: نبأَ وفاةِ سماحةِ الوالدِ العلامةِ الجليلِ الـمُحدِّثِ الفقيهِ الشيخِ: محمدِ بنِ عبدِاللهِ السُّبَيِّلِ، إمامِ وخطيبِ المسجدِ الحرامِ، عضوِ هيئةِ كبارِ العُلماءِ، الرئيسِ العامِّ لشؤونِ المسجدِ الحرامِ والمسجدِ النبويِّ - سابقًا - رحمهُ اللهُ رحمةً واسعةً. فلقدْ كانَ لسماحتِهِ الأيادي البيضاءُ التي لا تُنسى، والفضائلُ الجَمَّةُ، والمناقبُ العظيمةُ، التي يذكرُها لهُ كلُّ منْ ائتَمَّ بهِ في صلاةٍ، أو استمعَ إليهِ في خُطبةٍ، أو جلسَ إليهِ في درسٍ من دروسِهِ في المسجدِ الحرامِ طَوَالَ مدةٍ جاوَزَت الأربعينَ عامًا من عُمُر الزمَنِ، كانَ فيها - رحمه اللهُ - الإمامَ القُدْوَةَ، والخطيبَ الـمُؤَثِّـرَ، والدَّاعيةَ الصادقَ، والعالمَ المتمكنَ، والناصحَ الـمُخلصَ، والإداريَّ الناجحَ. أحسبُهُ كذلك، ولا أزكِّيه على الله. وكان رحمه الله تُقبلُ عليه، فيلقاكَ هاشًّا باشًّا بأحسنِ لقاءٍ، وأجملِ عِبارةٍ، وتُصغي إليهِ، فتجدُ في كلامِهِ نُصحًا رفيقًا، وإرشادًا وتوجيهًا حكيمًا مسدَّدًا مُستلهمًا منْ هديِ خيرِ الورى - صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليهِ - القائلِ: «عَلَيكُمْ بِالرِّفْقِ في الأمْرِ كُلِّهِ؛ فَإِنَّ الرِّفْقَ مَا كانَ في أَمْرٍ إلا زَانَهُ، ولا نُزِعَ منْ شيءٍ إلا شَانَهُ».
- الشيخ محمد بن عبد الله السبيل
- الشيخ محمد السبيل قران كريم
- التحذير من آفة الانتحار - طريق الإسلام
الشيخ محمد بن عبد الله السبيل
الشيخ محمد السبيل صلاة العشاء سنة ١٤٢٠ هجري َ Mohammed Al-Sabeel - YouTube
الشيخ محمد السبيل قران كريم
حياته العملية …
– عمل كمشرف في المعهد العلمي في مدينة بريدة و ذلك خلال الفترة من عام 1373 إلى عام 1385 هجريا
– عمل كإمام وخطيب ومدرس بالمسجد الحرام بمكة المكرمة و ذلك خلال الفترة من عام 1385 إلى عام 1429 هجريا
– في عام 1385 هجريا تم تعينه كرئيس المدرسين والمراقبين في رئاسة الإشراف الديني على المسجد الحرام. – في عام 1393 هجريا تم تعينه كنائب عام لرئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام. – و خلال الفترة من عام ( 1411 إلى 1421)هجريا تولى الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف. – و كان أحد أعضاء هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية في الفترة من 1413 إلى 1427 هجريا. – و خلال الفترة من عام ( 1397 إلى 1432)هجريا كان أحد أعضاء المجمع الفقهي الإسلامي الذي يتبع رابطة العالم الإسلامي. التعرض لمحاولة القتل …
لقد أنجاه الله سبحانه و تعالى من محاولة القتل و ذلك في حادثة إقتحام المسجد الحرام والتي قام بتنفيذها جهيمان وأتباعه خلال عام 1400 هجريا و ذلك عندما كان الإمام لصلاة الفجر حيث كان وقت الإقتحام للحرم المكي هو وقت صلاة الفجر. أبرز مؤلفاته …
– ديوان خطب " من منبر المسجد الحرام"
– "رسالة في بيان حق الراعي والرعية"
– "رسالة في حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد"
– رسالة في حد السرقة والخط المشير إلى الحجر الأسود ومدى مشروعيته
– دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم
– فتاوى ورسائل مختارة
– من هدي المصطفى (شرح لعدد من الأحاديث النبوية)
– حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية
وفاته … لقد توفي الشيخ العلامة محمد السبيل يوم الإثنين 3 صفر في عام 1434 هجريا ، الموافق 17 من شهر ديسمبرعام 2012 ميلاديا ، نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته وأن يتغمده بواسع رحمته وأن يجعله مع الكرام البررة.
ومِثلُ هذا النُّصحِ الـمُسدَّدِ الكريمِ، لا ريبَ في طيبِ وحُسنِ موقعِهِ من النَّفسِ، ولا ريبَ - أيضًا - في دوامِ وبقاءِ أثرِهِ كذلكَ. وكانَ - رحمَهُ اللهُ - مُتَّصِفًا بأحسنِ الصِّفاتِ وأجملِها: مِنْ سلامةِ الصدر، وحُسنِ الخُلُق، ولينِ الجانب، وحُبِّ الإحسانِ إلى عِبادِ اللهِ: ببذلِ المَعروفِ، والسعي إلى الإصلاحِ، والإكرامِ لهم، وكثرةِ التودُّدِ إليهِمْ. وقدْ كانَ والدي - رحمَهُ اللهُ - وهو الذي كانَ وثيقَ الصلةِ به رحمهُ اللهُ؛ لاشتراكِهِما في الخطابةِ في المسجدِ الحرامِ ردحًا من الزمنِ - كانَ كثيرَ الثناءِ عليهِ، عظيمَ المحبةِ لهُ، موصولَ الدعاءِ له، رحمَهُمَا اللهُ. وأحسَبُ أنَّ سماحتَهُ - رحمَهُ اللهُ - ممَّنْ جَمَعَ اللهُ لهُ الخِصالَ الواردةَ في الحديثِ: «إذا مَاتَ ابْنُ آدَمَ، انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». فرَحِمَ اللهُ سماحةَ شيخِنَا رَحمةً واسعةً، وغَفَر لهُ في المهديينَ، ورفعَ درجاتِهِ في عِلِّيِّينَ، وألحَقَهُ بصالحِ سلفِ المُؤمِنينَ، آمينَ، آمينَ. مرحباً بالضيف
إن دور المسلم هو الإحياء، والمقصود تخليص الناس مما يهلكهم في الدنيا أو الآخرة، ألا ترى أن امرأة حبست هرة فدخلت النار، وأن رجلاً سقى كلباً فدخل الجنة! إن علينا أن نغرس في نفوس من حولنا قيمة الحياة، تلك الحياة الطيبة التي وعد الله عز وجل بها عباده، قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، والمراد: فلنحيينه في الدنيا حياة طيبة ولنجزينه في الآخرة بأحسن ما كان يعمل. تلك الحياة تقتضي أن ننشر الخير وأن نشيع الرحمة وأن نعلم الناس ما في ديننا من قيم وأخلاق وأحكام بعيداً عن أصحاب النفوس الضيقة، وعن تلك التصورات الخاطئة والأوهام التي تقتل صاحبها بالجهل قبل أن تجعل منه أداة لقتل غيره دون قيمة أو معنى للحياة لديه.
التحذير من آفة الانتحار - طريق الإسلام
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 12/9/2015 ميلادي - 29/11/1436 هجري
الزيارات: 50839
ربما كان من السهل تصور الأمر الحسي، بينما يصعب - على البعض - تصور الأمر المعنوي، ومن استطاع المقارنة والتصور بين الأمرين انفتحت له أبواب من التأمل والمعرفة والحكمة. فالحياة ربما نتصورها بمفهومها الحسي، ولكن كيف لنا أن نتصورها بمفهومها المعنوي، ولكي نقرب الصورة أكثر لنستمع لقوله تبارك وتعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، هذه الآية فيها من الوعيد الشديد لمن استحل قتل واحد لكونه سوف يستحل دم غيره، ولو تصور القاتل أنه بقتل نفس كأنما قتل الناس جميعا لما قتل! وكيف يظن القاتل بعد قتله للناس جميعا أن يبقى له عمل ينجيه من النار! وفيها من الحث على تعظيم النفوس وحفظها، وأن من تسبب ببقاء نفس واحدة بنهي قاتلها أو استنقاذها من أسباب الهلاك فكأنما أحيا الناس جميعاً، بل ينال أجر كل عمل صالح تعمله تلك النفس من صلاة وصوم وزكاة وطاعة وذكر، بل حتى بقاء نسله العابد لله عز وجل، ولذا كان على الناس كلهم شكره.
أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل} يقول: من أجل ابن آدم الذي قتل أخاه ظلمًا. وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله: {من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا} عند المقتول يقول: في الإثم {ومن أحياها} فاستنقذها من هلكة {فكأنما أحيا الناس جميعًا} عند المستنفذ. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {فكأنما قتل الناس جميعًا} قال: أوبق نفسه كما لو قتل الناس جميعًا وفي قوله: {من أحياها} قال: من سلم من قتلها. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: احياؤها أن لا يقتل نفسًا حرمها الله. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: من قتل نبيًا، أو إمام عدل، فكأنما قتل الناس جميعًا. وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال: دخلت على عثمان يوم الدار فقلت: جئت لأنصرك. فقال: يا أبا هريرة، أيسرك أن تقتل الناس جميعًا وإيار معهم؟ قلت: لا. قال: فإنك إن قتلت رجلًا واحدًا فكأنما قتلت الناس جميعًا، فانصرف. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {فكأنما قتل الناس جميعًا} قال: هذه مثل التي في سورة النساء {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا} [النساء: 93] يقول: لو قتل الناس جميعًا لم يزد على مثل ذلك العذاب.