والجواب عن هذا الإشكال أن الفرق بين العام والسنة لا يقتصر على مسألة الشدة والرخاء، بل من الممكن أن يكون هناك فروق أخرى يقتضيها السياق.
لماذا قال فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما - إسألنا
تنبيه: روى حسان بن غالب بن نجيح أبو القاسم المصري حدثنا مالك بن أنس عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كان جبريل يذاكرني فضل عمر فقلت يا جبريل ما بلغ فضل عمر قال لي: يا محمد لو لبثت معك ما لبث نوح في قومه ما بلغت لك فضل عمر) ذكره الخطيب أبو بكر أحمد بن ثابت البغدادي وقال تفرد بروايته حسان بن غالب عن مالك وليس بثابت من حديثه. قوله تعالى: فأنجيناه وأصحاب السفينة معطوف على الهاء. وجعلناها آية للعالمين والهاء والألف في ( جعلناها) للسفينة أو للعقوبة أو للنجاة; ثلاثة أقوال.
فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً....) العنكبوت 14 ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ...)المجادلة أعرب الأعداد وبين تمييزها؟
فقال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا [العنكبوت:14] يخبر تعالى أنه أرسل عبده ورسوله نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ [العنكبوت:14]. نوح.. من نوح؟ نوح قيل اسمه يشكر، ويسمى سكن، ولما ناح وطال نوحه عشرات السنين بل مئات السنين نودي بيا نوح. أي: كثير النياحة. مكث ألف سنة إلا خمسين عاماً يدعو إلى الله، وقومه يعاندون ويكابرون، ويقولون الباطل ويهجرون ويفعلون، وهو في صبر شديد. هذا نوح عليه السلام اعلموا أنه أول رسل الله صلى الله عليه وسلم، وجده إدريس عليه السلام، وبينه وبين آدم ألف سنة فقط. فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً....) العنكبوت 14 ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ...)المجادلة أعرب الأعداد وبين تمييزها؟. ما بين ولادة نوح ووجود آدم ألف سنة، وهو أول الرسل، وإدريس كان قبله نبياً، لكنه لم يرسل كما أرسل نوح، والرسل كما ينبغي أن نعلم أنهم ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً أولهم نوح عليه السلام، وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم. والثلاثمائة وأربعة عشر منهم إبراهيم، إسماعيل، إسحاق، يعقوب، داود، سليمان، يحيى، عيسى، زكريا.. ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً. أرسله الله إلى من؟ إلى البشرية كلها يومئذ، ما كان قبله رسول وما كانت البشرية إلا محدودة العدد والكمية في الشرق الأوسط، هذه هي البشرية، أرسل إليهم نوح عليه السلام. لم أرسل إليهم؟ لأنهم أشركوا بالله عز وجل فعبدوا غيره، واتخذوا أصناماً فعبدوها، وألهوها، ودعوها، واستغاثوا بها، وتقربوا إليها.. ونسوا الله خالقهم وخالق كل شيء.
وبذلك نسعد ونكمل إذا أطعنا الله وأطعنا رسوله صلى الله عليه وسلم.
والعفو: ترك المؤاخذة بالذنب. والصفح: إزالة أثره من النفس. صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه. وقد ضربت عنه صفحا إذا أعرضت عنه وتركته، ومنه قوله تعالى: { أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} [6]. الثانية: هذه الآية منسوخة بقوله: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ} [7] إلى قوله: { صَاغِرُونَ} [8] عن ابن عباس. وقيل: الناسخ لها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [9]. الباحث القرآني. قال أبو عبيدة:
كل آية فيها ترك للقتال فهي مكية منسوخة بالقتال. قال ابن عطية: وحكمه بأن هذه الآية مكية ضعيف، لأن معاندات اليهود إنما كانت بالمدينة. قلت: وهو الصحيح، روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد أن رسول الله ﷺ ركب على حمار عليه قطيفة فدكية وأسامة وراءه، يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، فسارا حتى مرا بمجلس فيه عبدالله بن أبي ابن سلول - وذلك قبل أن يسلم عبدالله بن أبي - فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبدالله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبي أنفه بردائه وقال: لا تغبروا علينا! فسلم رسول الله ﷺ ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله تعالى وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبدالله بن أبي بن سلول: أيها المرء، لا أحسن مما تقول إن كان حقا!
الباحث القرآني
(حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أي: حسداً منهم لكم حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة، فقوله (من عند أنفسهم) أي: هذا الحسد ناشئ من نفوسهم. قال الضحاك عن ابن عباس: إن رسولاً أمياً يخبرهم بما في أيديهم في الكتاب والرسل والآيات، ثم يصدق بذلك كله مثل تصديقهم، ولكنهم جحدوا ذلك كفراً وحسداً وبغياً. قوله تعالى (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) أي من تلقائهم من غير أن يجدوه في الكتاب ولا أمروا به، ولفظة الحسد تعطي هذا، فجاء (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ) تأكيداً وإلزاماً، كما قال تعالى (يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ) وقوله (وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ). والحسد: تمني زوال نعمة الله عن الغير، سواء تمنى كونها له أو لغيره، أو مجرد زوالها. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الحسد كراهة نعمة الله على الغير.
(وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُواْ الصَّلَاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)) [البقرة: ١٠٩ - ١١٠] (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) أي: تمنى وحب كثير من اليهود والنصارى. وسموا أهل الكتاب، لأن الله أنزل عليهم الكتاب، فأنزل على اليهود التوراة، وعلى النصارى الإنجيل. (لَوْ يَرُدُّونَكُمْ) أي: لو يصيرونكم كفاراً بعد أن آمنتم. (مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً) الخطاب للمؤمنين من هذه الأمة، أي: ودوا وتمنوا وأحبوا لو يرجعونكم من بعد إيمانكم بالله ورسوله وبما أنزل على رسوله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي والشرع المطهر. (كُفَّاراً) مرتدين عن دينكم، متبعين لهم في دينهم، كما قال تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ).