إن قوة الأخلاق تغلب أخلاق القوة، وإن سخط الناس أو رضوا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:" ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " قال ذلك تصحيحاً للمفاهيم المشوهة المشوشة عند الناس حول القوة. فليس القوي الذي يقاتل ويصارع، وإنما القوي الذي يملك نفسه عند القتال والصراع، ويخالق الناس بخلق حسن.
الغضب وسبيل دفعه وعلاجه - إسلام ويب - مركز الفتوى
باب
العفو والإعراض عن الجاهلين
شرح
العلامة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله
حديث (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد)
أحاديث
رياض الصالحين: باب العفو والإعراض عن الجاهلين
٦٥١ - وعنْ ابنِ مسْعُودٍ
-رضيَ اللَّه عنه- قَال: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى رسولِ اللَّه ﷺ يحْكيِ نَبيّاً
مِنَ الأَنْبِياءِ، صلواتُ اللَّهِ وسَلاَمُهُ عَليْهم، ضَرَبُهُ قَوْمُهُ
فَأَدْموْهُ، وهُو يمْسحُ الدَّم عنْ وجْهِهِ، ويقولُ: « اللَّهمَّ
اغْفِرْ لِقَوْمي فإِنَّهُمْ لا يعْلمُونَ » متفقٌ عَلَيهِ. ٦٥٢ - وعنْ
أَبِي هُريرةَ -رضي الله عنهُ- أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: « لَيْسَ الشديدُ بالصُّرَعةِ، إِنمَّا الشديدُ الَّذي
يمْلِكُ نَفسَهُ عِنْد الْغَضَبِ » متفقٌ عَلَيهِ. الشرح
ومن
الأحاديث التي نقلها النووي -رحمه الله- في رياض الصالحين، في باب العفو والإعراض
عن الجاهلين هذا الحديث، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كأني أنظر إلى النبي ﷺ يحكي نبيًا من
الأنبياء؛ ضربه قومه حتى أدموا وجه، فجعل يمسح الدم عن وجهه، ويقول: « اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ». وهذا
من حلم الأنبياء وصبرهم على أذى قومهم، وكم نال الأنبياء من أذى قومهم؟ قال الله
تعالى: { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ
قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا} [الأنعام:
٣٤] فهذا
النبي ﷺ
ضربه قومه حتى أدموا وجهه يقول: « اللهم اغفر لقومي
فإنهم لا يعلمون » وكأن هؤلاء القوم كانوا مسلمين، لكن حصل منهم مغاضبة مع
نبيهم ففعلوا هذا معه، فدعا لهم بالمغفرة، إذ لو كانوا غير مسلمين لكان يدعو لهم
بالهداية، فيقول اللهم اهد قومي، لكن هذا الظاهر أنهم كانوا مسلمين.
إسلام ويب - الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - كتاب حسن الخلق - باب ما جاء في الغضب - حديث أبي هريرة ليس الشديد بالصرعة- الجزء رقم26
بل لو جرب يمشي مسافة ربما يغمى عليه، ولربما لا يستطيع أن يصعد جبلا، وإنما تتهاوى قواه، ويتوقف، ينشل عن الحركة تماماً، كثير من الأشياء نحن نظن أننا نستطيع أن نحققها، وأن قوانا تتحمل ذلك، من الأمور الحسية، أو الأمور المعنوية، ولكن الواقع أحياناً ينكشف عن حال أخرى. المقصود: هذا مما يتعلق بالأخلاق -أيها الأحبة- الإنسان يحتاج دائماً أن يعرض نفسه على هذه المواقف، ثم يرى المسافة بينه وبين هذه الأخلاق العالية. والحديث الأخير هو: حديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب [1]. الصُّرَعَة -بفتح الراء- يعني: الذي يصرع الناس كثيراً. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ، يعني: ليس القوي هو الذي يغلب الناس بقوته البدنية، فهذا أمر يكون للحيوان البهيم أيضاً، وإنما الشدة الحقيقية، والقوة الحقيقية هي: القدرة على ضبط النفس، والأخذ بزمامها، والتحكم بالانفعالات، بحيث إن الإنسان لا ينفرط صبره، ثم بعد ذلك ينطلق يهيم كأنه حيوان بهيم، لا يعقل، كما يقول بعضهم: إذا غضبت ما أبصر شيئاً أمامي، يضرب ممكن، يقتل ممكن، يبطش، وبعد ذلك يندم ندماً شديداً. وكم سمعنا أشياء كثيرة مما يتعلق بتطليق النساء، وكلام يجرح، لربما ما تنساه المرأة.
إسلام ويب - شرح النووي على مسلم - كتاب البر والصلة والآداب - باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب- الجزء رقم16
AliExpress Mobile App
Search Anywhere, Anytime! مسح أو انقر لتحميل
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 134
أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب (8/ 28)، رقم: (6114)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب (4/ 2014)، رقم: (2609).
هكذا كان هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فهو أَمْلَكُ الناس لنفسه في مواطن الغضب ، إلا أن تُنتهك حرمات الله تعالى ، فعندها يغضب ، فما أحوجنا للامتثال بهديه صلى الله عليه وسلم ، في الرضا والغضب ، بل في حياته كلها. موقع مقالات اسلام ويب
بل كان يغضب ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمجرّد تباطؤ الناس عن الخير، فعن جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: ( خطبنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحثنا على الصدقة ، فأبطأ الناس ، حتى رؤى في وجهه الغضب) رواه أحمد. من هذه المواقف وغيرها يتبين لنا أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم كان يغضب ، وفي الوقت نفسه لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله ، أو تأخر الناس عن فعل الخير.. لا انتصار فيه للنفس ، ولا مدخل فيه للهوى أو حب الدنيا..
ومن ثم فعلى المسلم أن يتجنب أسباب الغضب ودواعيه ، من الحقد والحسد ، والحرص على الدنيا ، والجدال والخلاف.. وغير ذلك من الأمور التي نهى عنها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أحاديث كثيرة. هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في علاج الغضب:
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فالشيطان الذي أخرج آدم ـ عليه السلام ـ من الجنة ، ودفع قابيل لقتل هابيل ، هو نفسه الذي يثير الغضب ، فلا يترك الإنسان حتى ينساق له ويتمثل لأمره ، لذا أرشدنا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الاستعاذة من الشيطان الرجيم عند الغضب ، لأنه يجري من ابن آدم مجرى الدم. عن سليمان بن صرد قال: ( استب رجلان عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه (العروق المحيطة بعنقه) ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) رواه مسلم.
كما حدثنا بشر ، قال: ثنا يزيد ، قال: ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: ( كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة) اختار أكثر الناس العاجلة ، إلا من رحم الله وعصم. ابن عاشور: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) رجوع إلى مَهيع الكلام الذي بنيت عليه السورة كما يرجِع المتكلم إلى وَصل كلامه بعد أن قطعه عارض أو سائل ، فكلمة { كلاّ} ردع وإبطال. يجوز أن يكون إبطالاً لما سبق من قوله: { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه إلى قوله: ولو ألقى معاذيره} [ القيامة: 3 15] ، فأعيد { كَلاّ} تأكيداً لنظيره ووصلاً للكلام بإعادة آخر كلمة منه. والمعنى: أن مَزَاعِمَهُم باطلة. وقوله: { بل تحبون العاجلة} إضراب إبطالي يُفصِّل ما أجمله الردع ب { كّلا} من إبطال ما قبلها وتكذيبِه ، أي لا معاذير لهم في نفس الأمر ولكنهم أحبوا العاجلة ، أي شهوات الدنيا وتركوا الآخرة ، والكلام مشعر بالتوبيخ ومناط التوبيخ هو حب العاجلة مع نبذ الآخرة ( فأما لو أحب أحد العاجلة وراعى الآخرة ، أي جرى على الأمر والنهي الشرعيين لم يكن مذموماً. قال تعالى فيما حكاه عن الذين أوتوا العلم من قوم قارون { وابتغ فِيما ءاتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا} [ القصص: 77].
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة القيامة - الآية 20
( ثم إن علينا بيانه كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة)
قوله تعالى: ( ثم إن علينا بيانه) فيه مسألتان:
المسألة الأولى: الآية تدل على أنه عليه السلام كان يقرأ مع قراءة جبريل عليه السلام وكان يسأل في [ ص: 199] أثناء قراءته مشكلاته ومعانيه لغاية حرصه على العلم ، فنهي النبي عليه السلام عن الأمرين جميعا ، أما عن القراءة مع قراءة جبريل فبقوله: ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) وأما عن إلقاء الأسئلة في البيان فبقوله: ( ثم إن علينا بيانه). المسألة الثانية: احتج من جوز تأخير البيان عن وقت الخطاب بهذه الآية. وأجاب أبو الحسين عنه من وجهين:
الأول: أن ظاهر الآية يقتضي وجوب تأخير البيان عن وقت الخطاب وأنتم لا تقولون به. الثاني: أن عندنا الواجب أن يقرن باللفظ إشعارا بأنه ليس المراد من اللفظ ما يقتضيه ظاهره ، فأما البيان التفصيلي فيجوز تأخيره ، فتحمل الآية على تأخير البيان التفصيلي ، وذكر القفال وجها ثالثا: وهو أن قوله: ( ثم إن علينا بيانه) أي: ثم إنا نخبرك بأن علينا بيانه ، ونظيره قوله تعالى: ( فك رقبة) إلى قوله ( ثم كان من الذين آمنوا) [ البلد: 17]. والجواب عن الأول: أن اللفظ لا يقتضي وجوب تأخير البيان بل يقتضي تأخير وجوب البيان ، وعندنا الأمر كذلك ؛ لأن وجوب البيان لا يتحقق إلا عند الحاجة.
تفسير قوله تعالى: وتحبون المال حبا جما
كما أنها متصلة بالنفس اللوامة التي بنيت عليها السورة اتصالاً ظاهراً بالنفس اللوامة كما ذكرنا تلوم نفسها لأحد سببين: إما أن تعجل فتعمل عملاً تندم عليه، فتلوم نفسها علة ذلك، وهذا ما أكده قوله: (كلا بل تحبون العاجلة) وإما أن تؤخر عملاً كان ينبغي لها عمله وقرتها خيره، فتندم عليه، فتلوم نفسها على ذلك وهذا ما يفيده قوله: (كلا بل تحبون العاجلة و تذرون الآخرة) فهو هنا عجل أمراً وترك آخر فندم من الجهتين ولام نفسه الحالتين، لام نفسه في العجلة ولام نفسه في الترك. وما أحرى أن تسمى هذه النفس بالنفس اللوامة، لأن دواعي اللوم لكاثرة عليها. ثم انظر كيف اختار الفعل: (وتذرون) على (تتركون) ذلك أم في تذورن) حذفاً واصله (توذرون) من (وذر) ليدل ذلك على طابع العجلة الذي يريد أن ينتهي من الشيء في أقرب وقت. فاختيار هذا الفعل المحذوف الواو، مناسب لجو العجلة. و قد تقول: ولم لم يقل: (تدعون) وهو فيه حذف كما في (وتذرون) والجواب ـ والله أعلم ـ أن اختيار (تذرون) على (تدعون) له سببه ذلك أن الفعل (وذر) في عموم معانيه يفيد الذم، ومنه قولهم: امرأة وذرة أي: رائحتها رائحة الوذر، وهو اللحم، وقولهم (يا ابن شامة الوذر) وهو سب يكنى به عن القذف.
ومعنى ( بلغت التراقي): أن الروح بلغت الحنجرة حيث تخرج الأنفاس الأخيرة فلا يسمع صوتها إلا في جهة الترقوة وهي آخر حالات الاحتضار ، ومثله قوله تعالى ( فلولا إذا بلغت الحلقوم) الآية. واللام في ( التراقي) مثل اللام في ( المساق) فيقال: هي عوض عن المضاف إليه ، أي بلغت روحه تراقيه ، أي الإنسان. ومعنى ( وقيل من راق) وقال قائل: من يرقي هذا رقيات لشفائه ؟ أي سأل أهل المريض عن وجدان أحد يرقي ، وذلك عند توقع اشتداد المرض به. والبحث عن عارف برقية المريض عادة عربية ورد ذكرها في حديث السرية الذين أتوا على حي من أحياء العرب إذ لدغ سيد ذلك الحي فعرض لهم رجل من أهل الحي ، فقال: هل فيكم من راق ؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما. رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري وعبد الله بن عباس في الرقيا بفاتحة الكتاب. والرقيا بالقصر ، ويقال بهاء تأنيث: هي كلام خاص معتقد نفعه يقوله قائل عند المريض واضعا يده في وقت القراءة على موضع الوجع من المريض أو على رأس المريض ، أو يكتبه الكاتب في خرقة ، أو ورقة وتعلق على المريض ، وكانت من خصائص التطبب يزعمون أنها تشفي من صرع الجنون ومن ضر السموم ومن الحمى. ويختص بمعرفتها ناس يزعمون أنهم يتلقونها من عارفين فلذلك سموا الراقي ونحوه عرافا ، قال رؤبة بن العجاج: بذلت لعراف اليمامة حكمـه وعراف نجد إن هما شفياني فما تركا من عوذة يعرفانهـا ولا رقية بـهـا رقـيانـي [ ص: 359] وقال النابغة يذكر حالة من لدغته أفعى: تناذرها الراقون من سوء سمعها تطلقه طورا وطورا تراجـع وكان الراقي ينفث على المرقي ويتفل ، وأشار إليه الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين بقوله: ثم إنه طمس المكتوب على غفلة ، وتفل عليه مائة تفلة.