وشرح ذلك قائلاً: "الوقوف على أقدامنا يمنحنا مساحة صغيرة في هذا العالم، وحين يقف الإنسان يشغل مساحة محدودة، ولو جمعت كل ممتلكاتك ستأخذ مساحة صغيرة في هذا العالم، وسيأتي يوم ليموت فيه، ولن يكون لنا أي مساحة على وجه الأرض، ولن يبقى له إلا ما قال الله عنه "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا". وعلق خالد على قوله تعالى "وخير أملاً"، بأن الذكر وهو أملك في الدنيا، وفي المستقبل، وفي الجنة، موضحًا أن الامتثال لدعوة الحق في المحافظة على الباقيات الصالحات تكون في قولك: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر.. ونية عمل الخير. وتابع متحدثًا حول ما يفعله الذكر بالإنسان الذي يذكر الله كثيرًا، قائلاً: "الوقوف على باب الخلق لا يمنحك إلا القليل.. بينما الوقوف على باب الله يمنحك العالم كله.. ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير . [ مريم: 76]. يمنحك ما لا تتوقعه ولا يخطر ببالك... الوقوف على باب الله.. يجعلك عبدًا ربانيًا.. لو أقسمت على الله لأبر قسمك.. يحقق لك مرادك فيما تطلب وفيما تريد". يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: "ما زال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته؛ كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه".
المداومة على الأعمال الصالحة بعد رمضان (خطبة)
ويقول أيضًا: "ما وسعتني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن حين يذكرني". وختم خالد بالدعوة إلى فعل كل ما يجلب على الإنسان من حسنات والإكثار من ذكر الله: "قل من كل قلبك سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وستشعر بأنك إنسان جديد، وستجد حلاوة عجيبة في قلبك".
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة مريم - القول في تأويل قوله تعالى "ويزيد الله الذين اهتدوا هدى "- الجزء رقم18
قـال تعـالـى:
*" وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ۗ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا "*
🌿 ذكر الله أنه يزيد المهتدين هداية من فضله عليهم ورحمته، والهدى يشمل العلم النافع، والعمل الصالح، وان الأعمال الباقية، التي لا تنقطع إذا انقطع غيرها، ولا تضمحل، هي الصالحات منها، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وعمرة، وقراءة، وتسبيح، وتكبير، وتحميد، وتهليل، وإحسان إلى المخلوقين، وأعمال قلبية وبدنية. وهي خير عند الله، ثوابها وأجرها.
ويزيد الله الذين اهتدوا هدى والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير . [ مريم: 76]
كما أن أدلة وجود الله تعالى تعمل على إحياء العزة فيك وتعطيك شعور الانسجام مع نفسك، وذلك وأنت تظهر شعائر دينك وتدعو إليه؛ لأنك تدرك أنك على الحق المبين، وأن هذا الذي تظهره وتدعو إليه، كله مستند في الأساس إلى الحقيقة العظمى والعليا التي لا تتردد في صحتها لحظة ولن تحتاج أن تعدل فيها، كما ولن تشعر بالغربة حتى لو كنت تمشي عكس التيار، لأنك أنت الأصل الثابت، ولأنك على هذا الحق المبين، وهذا الانسجام وهذه الرغبة تتمثل في عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ودلالة الناس على طاعته عزّ وجل. هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عمران
حيث يقول ابن تيمية رحمه الله: (فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله، فهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، ولكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم إنما يحصل شيئا فشيئا إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون إلى اليقين، ولا إلى الجهاد، ولو شككوا لشكوا ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارا ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب).
ومعنى "لا إله إلا الله": لا معبود بحق إلا الله، "ولا إله إلا الله" تتضمن ركنين؛ الركن الأول "لا إله" أي إبطال كل الآلهة التي تُعْبَد من دون الله -تعالى- أيًّا كانت، والكفر بها حتى وإن كان نبيًّا من الأنبياء أو المرسلين أو ملكًا من الملائكة المقربين. والركن الثاني "إلا الله" إثبات العبادة لله -تعالى- فلا يستحق العبادة ولا توجه العبادة إلا لله وحده لا شريك معه. وهذه حقيقة التوحيد ( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[سورة البقرة: 256]، فيجب الكفر بكل المعبودات دون الله، والإيمان بالله وحده دون غيره. نسأل الله -عز وجل- أن يحقّق توحيدنا بالله -عز وجل-، ونعوذ به أن نشرك به ونحن نعلم ونستغفره مما لا نعلم. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الفرق بين توحيد الألوهية والربوبية - موضوع. الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين. وبعد: اعلموا أن لا إله إلا الله لها شروط يجب الإيمان بها وهي:
1- العلم: أي معرفة معناها، وهو العلم أن الله هو المستحق للعبادة وحده، ونكفر بغيره من المعبودات، ونعتقد أنها باطلة جميعاً إلا الله.
الفرق بين توحيد الألوهية والربوبية - موضوع
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبدُه ورسوله.
أما بعد: فإن أهم أمر نتكلم به في هذه الخطبة هي حق الله على العباد؛ حيث إن أعظم وأول واجب على العباد هو التوحيد: توحيد الألوهية؛ ومن أجله خلق الله السماوات والأرض والجن والإنس والجنة والنار، وأُنزلت الكتب السماوية، وأُرسلت الرسل وشُرعت الشرائع. وانقسم الناس في هذا الأمر إلى سعيد وشقي، ومن أجل هذا يبعث الله الناس جميعًا يوم القيامة، ويضع الموازين وينصب الصراط على متن جنهم، كل ذلك من أجل لا إله إلا الله ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ)[الذاريات:56 -58]، وهي أول دعوه الرسل -عليهم الصلاة والسلام-. عباد الله: إن الأمر العظيم الذي يجب أن يحققه المسلم في حياته؟ هو توحيد الألوهية ومعناه إفراد الله بالعبادة دون غيره، وهو أن نؤمن ونعتقد اعتقادًا جازمًا في قلوبنا أن الله -عز وجل- هو المستحق للعبادة دون سواه، وأن نقصده ونفرده بالعبادة من الأعمال الظاهرة فنتوجه بها لله وحده؛ مثل الدعاء والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة، وغيرها وكذلك الأعمال الباطنة نوجهها لله وحده مثل الرجاء والخوف والمحبة والتوكل والرغبة والرهبة، وغير ذلك من العبادات التي يحبها الله من الأقوال والأعمال.