يحكي الروائي الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز في مذكراته الشخصية أنه سأل جده في الصغر عن معنى كلمة "بحر"،غير أن هذا الأخير لم يعثر على صورة له في قاموسه المهترئ القديم فحاول أن يشرحها له من خلال عبارة تستحق التسجيل،قال " هناك كلمات لا يحتويها القاموس،لأن الناس جميعا تعرف معناها ". ويبدو الأمر كذلك حين نتحدث عن الاضطهاد والتحرر كما ترددا في كتابات المفكر و التربوي البرازيلي باولو فريري (1997-1921)، فللمفردتين معا دلالات خلاقة لا يمكن أن تستشفها من التعريفات المبثوثة في القواميس و المعاجم. وحده باولو فريري من خلال رؤيته الإنسانية والتناقضات التي ضج بها واقعه يمكنه أن يضعك أمام ضراوة القهر المطمور تحت ثقافة الصمت, وآلية تفجيره من الداخل لبلوغ التحرر الفعال. لم تكن "ريسايف"،مسقط رأس باولو فريري،غير تجل آخر لأحزمة البؤس والقهر المنتشرة في البرازيل مطلع الثلاثينات من القرن الماضي. كلمة بحرف سايت. وأسهمت الأزمة الاقتصادية الشهيرة عام 1929 في تضييق الخناق على أسرة فريري ليختبر بنفسه آلام الجوع و المعاناة, وليعزز مقولاته النظرية فيما بعد بميزة الممارسة العملية والخبرة المستقاة من واقع مجرب. فكان اكتشافه لثقافة الصمت التي يلوذ بها المقهورون مدخلا لتصحيح الوضع التعليمي،لا على صعيد تعليم الكبار فحسب, بل أيضا من خلال إبداع فلسفة تربوية تضع حدا للهيمنة والغزو الثقافي،وتحرض المقهورين على الدخول في حوار ناقد مع العالم،يُسائله تمهيدا لتغييره وتجاوز مقولاته الاستعلائية.
كلمة تتكون من م س د س ة - إسألنا
- تدشين حوارات فك الرموز عبر حلقات بحث الموضوعات،والتي يشترط فريري أن تتألف من عشرين شخصا كحد أقصى،وأن تستوعب الحلقات عشرة بالمائة من سكان المنطقة موضع الدرس. - متابعة مكملة للمستفيدين من هذه الحملة التعليمية كي لا يرتدوا مجددا إلى الأمية. جرى لاحقا تطوير منهجية فريري لتشمل ليس فقط الكبار بل حتى الأطفال اليافعين المتسربين من المدارس. إذ تم تصميم برامج تثقيف المتسربين وفق منهجيةTCELFER،وهي اختصار ل"الفريرية المتجددة لمحو الأمية من خلال التقنيات المجتمعية". وفي مقابلة أجرتها كاترين دينيس (6)مع جواد قسوس المشرف على برنامج تعزيز ثقافة المتسربين بالأردن،يقدم هذا الأخير مثالا حيا للنتائج الإيجابية التي حققتها هذه المنهجية مع فئة من أطفال الشوارع: " لقد استخدمنا أسلوب الحوار لتحديد المواضيع التي تهم الطلاب،فعلى سبيل المثال كان موضوع التعرض للحرارة الخارجية أثناء النهار من المواضيع التي حازت على اهتمامهم. البحور الشعرية والأوزان الخليلية - جريدة العدد الاول - أدبي. بداية، طلبنا منهم وصف شعورهم إزاء تعرضهم لحرارة الجو ومن ثم ربطنا ملاحظاتهم ببعض المشاكل الصحية مثل الجفاف و الحروق الناجمة عن التعرض للشمس التي يمكن أن تسببها الحرارة. انتقلنا بعدها لتعلم الأجزاء المختلفة من جسم الإنسان وشرح عملية الجفاف وأهمية الماء للجسم وكيفية امتصاصه.
الكلمات التي تبدأ بحرف S في اللغة الإنجليزية – E3Arabi – إي عربي
لذا حرص فريري على التأكيد بأن الأداة الفعالة التي يستهل بها المقهورون مسلسل نضالهم هي تطوير أسلوب تعليمي نقدي يكتشفون من خلاله أنفسهم. لكن قبل المضي في عرض البدائل التي طرحها فريري لبلوغ أنسنة ممكنة لهذا الواقع غير المتحرر،لابد من الإشارة إلى أن دعوته لم تكن مجتزأة من السياق الاجتماعي والتاريخي لدول أمريكا اللاتينية ككل. فالمنطقة آنذاك كانت مسرحا لتيار لاهوتي جديد،مزج بين معطيات علم اللاهوت ومقولات التحليل الاجتماعي للتبعية و التخلف اللذين تعيشهما أمريكا اللاتينية. إنه لاهوت التحرير الذي أعلن عن ميلاده القس غوستافو غوتييريز في دولة البيرو عام 1968, واضعا بذلك الحجر الأساس للكنيسة الشعبية التي تبنت مفهوم التربية التحررية كما باشره فيما بعد باولو فريري. إذن كان المشهد يعرف نوعا من الحراك الديني والثقافي الذي استوعب آراء فريري وهيأ لها فرص النجاح قبل حدوث الانقلاب العسكري. كلمة تتكون من م س د س ة - إسألنا. ينتج مجتمع القهر نظاما تربويا مكرسا لخدمته والإبقاء عليه،وبالتالي فلا صحة للمقولة السائدة لدى أغلب التربويين حول قدرة التربية على إعادة تشكيل الواقع الاجتماعي وتغيير الأوضاع الراهنة. أما دور المربي أمام وضع كهذا فهو كشف الأساليب التعليمية المعتمدة في التطبيع مع القهر وإبطال مفعولها،ثم استعادة البعد الإنساني للتعليم كمدخل حيوي لاكتساب الحرية.
البحور الشعرية والأوزان الخليلية - جريدة العدد الاول - أدبي
البحور الشعرية والأوزان الخليلية
بقلم: أشرف النعماني
الحلقة التاسعة
البيت هو مجموعة كلمات صحيحة التركيب، موزونة حسب علم القواعد والعَروض، تكوِّن في ذاتها وَحدة موسيقية تقابلها تفعيلات معينة. وسمي البيت بهذا الاسم تشبيها له بالبيت المعروف، وهو بيت الشَّعْر؛ لأنه يضم الكلام كما يضم البيت أهله؛ ولذلك سموا مقاطِعَهُ أسبابا وأوتادا تشبيها لها بأسباب البيوت وأوتادها، والجمع أبيات. ألقاب الأبيات:
من حيث العدد:
– اليتيم: هو بيت الشعر الواحد الذي ينظمه الشاعر مفردا وحيدا. – النُّتْفَة: هي البيتان ينظمهما الشاعر. – القطعة: هي ما زاد على اثنين إلى ستة من أبيات الشعر. – القصيدة: هي مجموعة من الأبيات الشعرية تتكون من سبعة أبيات فأكثر. الكلمات التي تبدأ بحرف S في اللغة الإنجليزية – e3arabi – إي عربي. من حيث تسمية أجزاء البيت:
– الحشو: هو كل جزء في البيت الشعري ما عدا العَروض والضرب. – العَروض: آخر تفعيلة في الشطر الأول ( المصراع الأول، أو الصدر) وجمعها أعاريض ( إضافة إلى معناها الآخر الذي هو اسم هذا العلم) وقد سميت عَروضا لأنها تقع في وسط البيت، تشبيها بالعارضة التي تقع في وسط الخيمة. – الضرب: هو التفعيلة الأخيرة من الشطر الثاني ( المصراع الثاني أو العَجُز) وجمعه أضرب وضروب وأضراب ( أي أمثال) وسُمي ضربا لأن البيت الأول من القصيدة إذا بُني على نوع من الضرب، كان سائر القصيدة عليه، فصارت أواخر القصيدة متماثلة، فسمّي ضربا.
فكنا نبدأ، على سبيل المثال، بكلمة "شمس" ومن ثم نكتب كلمات أخرى تبدأ بحرف "ش" وكلمات تبدأ بحرف "م" ثم كلمات تبدأ بحرف "س". وانطلاقا من الكلمات كنا ننتقل إلى الجمل والنصوص البسيطة. فقد أنتجنا نصا يمكن للطلاب قراءته وإعادة كتابته و التعامل معه. وبناء على ذلك تم تصميم الاختبارات،حيث شعر الطلاب لأول مرة بأن الاختبار أمر يمكن اجتيازه لأن المواضيع كانت مألوفة بالنسبة إليهم "(7). نجح البرنامج كذلك في إقناع المعلمين المشاركين في هذه الحملة بالتخلي عن أساليب التدريس التقليدية،واعتماد منهجية فريري في فصولهم الدراسية،مما يستدعي تبنيها كأسلوب بيداغوجي في المؤسسات التعليمية. تطورت تربية المقهورين إلى "تربية الأمل " كما صاغ فريري مقولاتها في أواخر حياته،ملائما موقفه مرة أخرى مع لاهوت التحرر الذي تطور بدوره إلى "لاهوت الحياة". وفي الصياغة الأخيرة بدا فريري أكثر تفاؤلا وثقة بالمستقبل. لقد كان كما وصفه التربوي الأمريكي باتريك كلارك "شعلة مضيئة في ظلام الحتمية الإيديولوجية و اليأس والمنظم". إن استحضار باولو فريري اليوم ،كرؤية إنسانية تنشد نهجا تعليميا أكثر إنصافا وعدالة،لهو أمر يستمد وجاهته من الضغط الذي تمارسه عولمة لا ترحم،ومن القهر الذي لا يكف عن ملاحقتنا وفق أكثر الصيغ تهذيبا ومراوغة.
إن التعليم برأي فريري لا يمكن أن يكون محايدا مادام ضرورة إنسانية،وكل ادعاء للحياد هنا لا يخلو من زيف. فإما أن يكون عملية تحرر وتجاوز, وإما عملية أقلمة وتطويع و ملاءمة للجيل الناشئ مع الأوضاع القائمة. إننا عندما نخطط ونرسم السياسات التعليمية نكون بصدد أعمال سياسية منطوية على اختيار إيديولوجي سواء كان هذا الاختيار واضحا أو مبهما لا فرق (3). غير أن مجرد الوعي بهذه الحقيقة لن يغير من الأمر شيئا ما لم تتم إعادة الاعتبار لعلاقة الإنسان بالعالم عبر منهج تعليمي محدد وسيلته المثلى:الحوار! يؤمن فريري بأن الحوار مواجهة سلاحها كلمة صادقة ذات بعدين:الرؤية التي تضفي على الوجود الإنساني قيمة ومعنى،والفعل المحفز على تغيير الواقع. أما الغاية منه فهي التأسيس لعلاقة تضامنية بين الطرفين (المدرس و الطالب) تحقق الأنسنة عبر التفكير المبدع،وهو ما يفرض إعادة النظر في الرؤية المتحكمة في بناء الموقف التعليمي "إن الصفة الحوارية للتعليم كمظهر للحرية لا تبدأ حين يقابل المدرس التلميذ في موقف تعليمي،بل تبدأ حين يسأل المدرس نفسه عن القضية التي سيجعلها موضوعا للحوار مع التلميذ"(4). وهذا المنهج الحواري هو قلب العملية التحررية كما تصورها فريري،والذي يُكسب الطالب وعيا نقديا يتسم بالعمق في طرح المشكلات وكشف التناقضات التي يضج بها العالم من حوله،ثم يعمل على خلق حالة حوارية دائمة تنمي ملكات الفضول المعرفي و التساؤل،و تستنهض إمكانيات التغيير و المراجعة.