قوله تعالى: ويوم تشقق السماء بالغمام أي: واذكر يوم تشقق السماء بالغمام. وقرأه عاصم والأعمش ويحيى وحمزة والكسائي وأبو عمرو: تشقق بتخفيف الشين وأصله " تتشقق " بتاءين فحذفوا الأولى تخفيفا ، واختاره أبو عبيد. الباقون تشقق بتشديد الشين على الإدغام ، واختاره أبو حاتم. وكذلك في ( ق). بالغمام أي عن الغمام. والباء و " عن " يتعاقبان; كما تقول: رميت بالقوس وعن القوس. روي أن السماء تتشقق عن سحاب أبيض رقيق مثل الضبابة ، ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم فتنشق السماء عنه; وهو الذي قال تعالى: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام. ونزل الملائكة تنزيلا من السماوات ، ويأتي الرب جل وعز في الثمانية الذين يحملون العرش لفصل القضاء ، على ما يجوز أن يحمل عليه إتيانه; لا على ما تحمل عليه صفات المخلوقين من الحركة والانتقال. وقال ابن عباس: تتشقق سماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس ، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر ممن في سماء الدنيا ، ثم كذلك حتى تنشق السماء السابعة ، ثم ينزل الكروبيون وحملة العرش; وهو معنى قوله: ونزل الملائكة تنزيلا أي من السماء إلى الأرض لحساب الثقلين.
- ويوم تشقق السماء بالغمام)من سورة الفرقان محمد اللحيدان - YouTube
- تفسير ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا | المرسال
ويوم تشقق السماء بالغمام)من سورة الفرقان محمد اللحيدان - Youtube
القول في تأويل قوله تعالى: ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ( 25) الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا ( 26))
اختلف القراء في قراءة قوله ( تشقق) فقرأته عامة قراء الحجاز ( ويوم تشقق) بتشديد الشين بمعنى: تتشقق ، فأدغموا إحدى التاءين في الشين فشددوها ، كما قال: ( لا يسمعون إلى الملأ الأعلى)
وقرأ ذلك عامة قراء أهل الكوفة: ( ويوم تشقق) بتخفيف الشين والاجتزاء بإحدى التاءين من الأخرى. والقول في ذلك عندي: أنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار بمعنى واحد ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وتأويل الكلام: ويوم تشقق السماء عن الغمام. وقيل: إن ذلك غمام أبيض مثل الغمام الذي ظلل على بني إسرائيل ، وجعلت الباء ، في قوله: ( بالغمام) مكان " عن " كما تقول: رميت عن القوس وبالقوس وعلى القوس ، بمعنى واحد. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين ، قال: ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله: ( ويوم تشقق السماء بالغمام) قال: هو الذي قال: ( في ظلل من الغمام) الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ، ولم يكن في تلك قط إلا لبني إسرائيل. قال ابن جريج: الغمام الذي يأتي الله فيه غمام زعموا في الجنة.
تفسير ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا | المرسال
يوم القيامة تشقق السماء بالغمام وتنزل الملائكة مع الرحمن، عندها يشعر الكافرون بعسر الموقف وصعوبة الحال، ويعض الظالم على يديه حسرة وندامة؛ لأنه في حياته الدنيا أعرض عن دين الله ولم يسلك سبيل رسول الله، وإنما اتبع سبيل أخلائه من أهل الدنيا، ممن كذبوا الرسول وأوغلوا في العصيان، وتنكبوا طريق الرحمن. تفسير قوله تعالى: (ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلاً)
تفسير قوله تعالى: (الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوماً على الكافرين عسيراً)
تفسير قوله تعالى: (ويوم يعض الظالم على يديه... )
ثم قال تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ [الفرقان:27] في هذا اليوم يعض الظالم على يديه. كيف يعض على يديه؟ لو رأيتم الناس يعضون! لما يشتد به الكرب يعض يديه.. فطرة غريزة بشرية إذا هاله الأمر وأفزعه وضاق به يعض يديه. وَيَوْمَ يَعَضُّ [الفرقان:27] من هذا الذي يعض؟ الظالم نعوذ بالله أن نكون من الظالمين. من هو هذا الظالم؟ ما اسمه؟ عربي أم عجمي؟ من الظالم؟
أنواع الظلم
تأملوا! واحفظوا أن الظلم ثلاثة أنواع: الأول: ظلم للرب تبارك وتعالى، وهو سلب -أي: أخذ- حق الله وإعطاؤه للأصنام والأحجار والبشر والملائكة والناس، وهو الشرك بالله، والله يقول: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].
كيف يصلح هذا؟ هذا ظلم من أفظع أنواع الظلم. وهذا هو النوع الأول من أنواع الظلم. النوع الثاني: ظلمك لعباد الله بأخذ أموالهم، بنهش أعراضهم، بأذاهم والتسلط عليهم! ظلمك لإخوانك ظلم، بل هو لكل إنسان، حتى ولو كان كافراً لا يحل ظلمه لا بأخذ ماله ولا بانتهاك عرضه ولا بأي شيء! ظلمك لغيرك من الناس من أنواع الظلم العظيمة، فالمؤمن الحق لا يظلم أبداً، يعطي كل إنسان حقه ولا يظلم أحداً لا في ماله ولا في عرضه. النوع الثالث: ظلمك لنفسك. وهل النفس تظلم؟ إي نعم، فبدلاً من أن تطيبها وتطهرها وتعطرها تنتنها وتعفنها بالذنوب والآثام، فإذا لطختها فقد أفسدتها ووالله إنك لظالم لها، قال تعالى: وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57]. نفسك لما نفخها الملك في جسمك في رحم أمك كانت كهذا النور في الإشراق، وتبقى مشرقة إلى أن يبلغ الغلام العشرة والحادية عشرة، وحينئذ إذا أذنب ذنباً ينعكس أثره عليها، فإذا بلغ سن الرشد فإذا كذب كذبة تلطخ لطخة، إذا نظر نظرة متعمدة إلى امرأة محرمة فيقع في قلبه نكتة سوداء.. وهكذا، وإنما من فضل الله أننا إذا تبنا ينمحي ذلك الأثر وهذا كهذا الثوب الأبيض لو نلطخه بالتراب أو بالخراءة أو بالبول ينتن ويعفن فإذا جئنا على الفور بالماء والصابون وغسلناه ينظف، هذه سنة الله عز وجل.