والمعنى هنا في الآية الأخيرة الإرشاد والدلالة إلى طريق الحق، وجاء أيضًا في قوله تعالى (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) [الشورى: 52] وقد تعدى باللام، مثل قول أهل الجنة: (الحمد لله الذي هدانا لهذا) [الأعراف: 43]. وعنى الآية أي وفقنا إلى الجنة وما يوجد بها من خيرات. بحث في مفهوم الصراط المستقيم. وجاء في قول أبي جعفر ابن جرير أن الأمة كلها قد أجمعت على أن الصراط المستقيم الذي يقصد بها هو الطريق المنير واضح المعالم الذي لا يشوبه أي انحراف أو اعوجاج مطلقًا. وقد اختلفت التفسيرات لمعنى هذه الآية بين السلف والخلف ولكن جميع التفسيرات قد تتشابه في امر واحد وهو اتباع الله ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد جاء أيضًا لبعض التفسيرات أن هذه الآية تدل على كتاب الله ودليل ذلك ما قاله ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني يحيى بن يمان، عن حمزة الزيات، عن سعد، وهو أبو المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصراط المستقيم كتاب الله. وكذلك رواه ابن جرير، من حديث حمزة بن حبيب الزيات، رواه أحمد والترمذي من رواية الحارث الأعور. وجاء عن ميمون بن مهران عن ابن عباس أن معنى الصراط المستقيم في الآية الكريمة يدل على الإسلام.
- بحث في مفهوم الصراط المستقيم
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الفاتحة - الآية 6
- معنى الصراط المستقيم الصحيح..تحليل الصراط المستقيم في القرآن الكريم - مجلة رجيم
بحث في مفهوم الصراط المستقيم
وقال الطبراني: حدثنا محمد بن الفضل السقطي ، حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال: الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الإمام أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله: والذي هو أولى بتأويل هذه الآية عندي - أعني اهدنا الصراط المستقيم - أن يكون معنيا به: وفقنا للثبات على ما ارتضيته ووفقت له من أنعمت عليه من عبادك ، من قول وعمل ، وذلك هو الصراط المستقيم ؛ لأن من وفق لما وفق له من أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، فقد وفق للإسلام ، وتصديق الرسل ، والتمسك بالكتاب ، والعمل بما أمره الله به ، والانزجار عما زجره عنه ، واتباع منهاج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنهاج الخلفاء الأربعة ، وكل عبد صالح ، وكل ذلك من الصراط المستقيم. 8
1
1, 770
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الفاتحة - الآية 6
وقال ابن باز - رحمه الله - [5]: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾، والمستقيم الذي ليس فيه عوج، قال الله -تعالى- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ ﴾ [الشورى: 52، 53]؛ فالرسول -صلى الله عليه وسلم- بعثه الله ليهديَ إلى صراط مستقيم، وهكذا الرسل جميعًا، كلهم بعثوا ليهدوا إلى الصراط المستقيم يعني: يدعون الناس إلى الصراط المستقيم وهو توحيد الله وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، هذا صراط الله المستقيم [6]. [1] انظر: الجدول في إعراب القرآن محمود بن عبدالرحيم صافي (1/27). [2] انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لعبدالرحمن بن ناصر السعدي - نشر مؤسسة الرسالة (ص/39). معنى الصراط المستقيم الصحيح..تحليل الصراط المستقيم في القرآن الكريم - مجلة رجيم. [3] انظر: الفوائد؛ لابن قيم الجوزية - الناشر: دار الكتب العلمية - بيروت ص/19. [4] انظر تفسير القرآن لمحمد بن صالح بن محمد العثيمين - رحمه الله- (2/9).
معنى الصراط المستقيم الصحيح..تحليل الصراط المستقيم في القرآن الكريم - مجلة رجيم
وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ ": أي الرسول محمد عليه السلام يدعو قومه وجميع الناس إلى القرءان أي إلى طريق الآخرة أي طريق الجنة. (٧): * سُوۡرَةُ سَبَأ وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِىٓ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (٦).
" ٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلۡحَقَّ وَيَهۡدِىٓ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ": لأنَّ القرءان الّذي أنزله الله هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد أي إلى الجنة. (٨): * سُوۡرَةُ یسٓ أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ يَـٰبَنِىٓ ءَادَمَ أَن لَّا تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَـٰنَۖ إِنَّهُ لَكُمۡ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (٦٠) وَأَنِ ٱعۡبُدُونِىۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسۡتَقِيمٌ (٦١).
" وَأَنِ ٱعۡبُدُونِىۚ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسۡتَقِيمٌ ": عبادة الله لا تكون إلاَّ بالطريق المُستقيم أي بالقرءان، ولذلك قال تعالى: " هذا صِراطٌ مُستقيم " أي هذا القرءان هو صِراطٌ مُستقيم. (٩): * سُوۡرَةُ الزّخرُف فَٱسۡتَمۡسِكۡ بِٱلَّذِىٓ أُوحِىَ إِلَيۡكَۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكۡرٌ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ (٤٤).
مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 27/12/2014 ميلادي - 6/3/1436 هجري
الزيارات: 261025
تفسير سورة الفاتحة
﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾
إعراب الآية:
﴿ اهْدِ ﴾: فعل أمر دُعائي، مبني على حذف حرف العلة، و﴿ نَا ﴾ ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره أنت. ﴿ الصِّرَاطَ ﴾: مفعول به ثانٍ منصوب، وعلامة النصب الفتحة. ﴿ الْمُسْتَقِيمَ ﴾: نعت للصراط منصوب مثله، وعلامة النصب الفتحة، والجملة: لا محل لها، استئنافية [1]. روائع البيان والتفسير:
قال السعدي: "قال - تعالى -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾؛ أي: دُلَّنا وأرشدنا، ووفِّقنا للصراط المستقيم ، وهو الطريق الواضح الموصل إلى الله، وإلى جنته، وهو معرفة الحق والعمل به، فاهدنا إلى الصراط، واهدنا في الصراط؛ فالهداية إلى الصراط: لزوم دين الإسلام، وترك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط، تشمل الهداية لجميع التفاصيل الدينية علمًا وعملاً؛ فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد؛ ولهذا وجب على الإنسان أن يدعوَ الله به في كل ركعة من صلاته؛ لضرورته إلى ذلك"؛ [2] اهـ. وقال ابن القيم: "﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6] يتضمَّن بيان أن العبد لا سبيلَ له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم ، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له، كما لا سبيل له إلى عبادته بمعونته، فلا سبيل له إلى الاستقامة على الصراط إلا بهدايته.