(نُّورٌ عَلَى نُورٍ)
نورٌ عظيم متضاعف وهو نور الله وهدايته؛ تماماً كنور المصباح على نور الزجاجة على نور الزيت، فهذا كلَّه مثل نور الله -تعالى- وهدايته أو نور الإسلام الذي أنزل الله -تعالى- على نور محمد -صلى الله عليه وسلم- والقرآن الكريم، وأيضًا هذا حال كلام المؤمن فهو نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره يوم القيامة إلى النور. [٦]
(يهدي الله لنوره من يشاء)
هذه المقطع من الآية يُبين أنَّ الله يهدي لنوره من يشاء من عباده بأن يُوَفقَّهم لما فيه خير وفلاح لهم، فيهديهم لفهم تعاليم الإسلام والعمل بها والسير على طريق الصلاح بتطبيق شريعة الله بالامتثال لأوامر الله -تعالى- واجتناب نواهيه. [٧]
وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أي يضرب الله -تعالى- الأمثال ويذكرها لعباده ليُقرِّب لهم الأمور ويُبين لهم المسائل، فيوضحها بجعل المعقول بصورة المحسوس، والله بكل شيءٍ عليم، فهو -سبحانه- عليم وعالم بجميع الأمور سواء أكان ظاهراً أم باطناً خفيّ. [٧]
المراجع ^ أ ب سورة النور، آية:35
↑ السيوطي، الدر المنثور ، صفحة 195. نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء… | Flickr. بتصرّف. ^ أ ب ت أبي زمنين، كتاب تفسير القرآن العزيز لابن أبي زمنين ، صفحة 235.
- فصل: تفسير الآية رقم (35):|نداء الإيمان
- نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء… | Flickr
فصل: تفسير الآية رقم (35):|نداء الإيمان
إن هذه الهداية الالهية شملت سلمان الفارسي الذي طوى مسافات شاسعة بين ايران والمدينة وتحمَّل المشاق والمتاعب الكثيرة لأجل لقاء الرسول وقبول دينه، وقد كان من أوائل المسلمين الذين لبّوا دعوة الرسول وبقى على عقيدته وصمد وقاوم ودافع عنها حتى آخر لحظات عمره الشريف. فصل: تفسير الآية رقم (35):|نداء الإيمان. ولم تشمل هذه الهداية أمثال أبي لهب وأبي سفيان; لأنهما كانا إلى جنب الرسول وكانا يرانه كل يوم ويسمعان حديثه وآيات الله، ولم يزدهما ذلك إلاَّ عصياناً ولجاجاً ومقاومة لهذا الدين. من الواضح أن شمول أو عدم شمول الهداية لم يكونا اعتباطاً بل كانا عن حكمة، فقد تحمَّل سلمان المشاق والمتاعب الوافرة لأجل هذا الدين، وتحمَّل عبء العبودية والرق مرات عديدة وتحمَّل التعذيب، ولم تثبّط هذه الاُمور عزيمته على لقاء الرسول، فكان جديراً للهداية حقاً، أما العصاة المتعصّبون وعبدة الأهواء والمغرورون، فكان التعصّب والغرور واللجاجة قد ضرب بينهم وبين نور الايمان ستاراً يمنع من نيلهم من هذا النور، فكانوا دون نصيب منه. لا يمكن للأعمى أن يهتدي بنور الشمس مهما كان قوياً، وهذا ليس لنقص في نور الشمس بل لسقم في عينيه. والخفاش إذا كان يعيش في الظلام ويهرب من نور الشمس سعياً وراء الظلمات فلأجل أنه غير جدير ولا مؤهَّل لنور الشمس، بل ذلك هو شأنه.
نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء… | Flickr
يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه. رواه البخاري. هذا الحديث: دليل على شدة وروع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
تفسير الآية رقم (35): {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)} قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ} فيه أربعة أقاويل: أحدها: معناه الله هادي السموات والأرض، قاله ابن عباس، وأنس. الثاني: الله مدبر السموات والأرض، قاله مجاهد. الثالث: الله ضياء السموات والأرض، قاله أُبي. الرابع: منور السموات والأرض. فعلى هذا فبما نورهما به ثلاثة أقاويل: أحدها: الله نور السموات بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء. الثاني: أنه نور السموات بالهيبة ونور الأرض بالقدرة. الثالث: نورهما بشمسها وقمرها ونجومها، قاله الحسن، وأبو العالية. {مَثَلُ نُورِهِ} فيه أربعة أقاويل: أحدها: مثل نور الله، قاله ابن عباس. الثاني: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.