هذا التعبير مجازي، فإذا قلت: فلان يفعل ذلك لحاجة في نفس يعقوب، فهو كناية عن غرض يقصده على التشبيه بيعقوب ــ عليه السلام ــ الذي كانت حاجته رؤية يوسف ــ عليه السلام ــ، وهو مستفاد من قول الله تعالى: "وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حيثُ أَمَرَهُمْ أَبوهُمْ مَا كانَ يُغْنِي عَنْهُم مِنَ الله مِنْ شيء إلا حَاجَة في نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا.. " سورة يوسف، من الآية (68) فهو تعبير اصطلاحي جرى مجرى المثل، وشاع استعماله بهذا المعنى المستفاد من القرآن الكريم. وهذه التعبيرات إفرازات لتجارب الحياة، وهي تختلف من مجتمع لآخر.
- حاجة في نفس يعقوب
- الحاجة التي في نفس يعقوب قضاها | سلسلة نليون بيان
- تفسير قوله تعالى حاجة في نفس يعقوب قضاها - إسألنا
- ما هي الحاجة التي كانت في نفس يعقوب
حاجة في نفس يعقوب
لا بد أن نعلم في البداية أن هذا القول مقتبس عن الآية الكريمة "إلا حاجة في نفس يعقوب". لكن ماذا يعني هذا القول عند استخدامه في حياتنا العامة؟
استخدام المقولة
حين نقول أن أحد الأشخاص قام بفعل أمر ما، بنظر البعض لا تفسير واضح له، فيُقال أنه فعل كذا "لحاجة في نفس يعقوب" أي أنه قد أخفى النية الحقيقية والسبب الواضح وراء قيامه بذلك، فيما صرّح بشيء مختلف تمامًا عما في نفسه، وغالبًا ما قد يرتبط بنية سيئة. لكن يُقال أن استخدام القول على هذا النحو هو أمر غير لائق حين يقترن باسم النبي يعقوب، فهل يُعقل أن تكون نيئة سيئة في نفس نبي كريم؟؟
كي تكون الصورة أوضح هذا هو تفسير الآية الكريمة
(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ). (سورة يوسف – الآية 68). تفسير قوله تعالى حاجة في نفس يعقوب قضاها - إسألنا. بحسب موقع إسلام ويب فقد جاءت هذه الآية حين طلب النبي يعقوب من أبنائه دخول مصر من أبواب متفرقة. وقد اختلف أهل التفسير في معرفة الحاجة التي كانت في نفس يعقوب، لكن البعض يرجح أنها "خوف النبي على أبنائه من العين والحسد" فدرءًا للحسد من دخولهم جماعة إلى مصر، فقد أمرهم بالدخول متفرقين.
الحاجة التي في نفس يعقوب قضاها | سلسلة نليون بيان
ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ما كان يغني عنهم من الله من شيء إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون جملة معترضة. والواو اعتراضية. ودلت ( حيث) على الجهة ، أي لما دخلوا من الجهات التي أمرهم أبوهم بالدخول منها. فالجملة التي تضاف إليها حيث هي التي تبين المراد من الجهة. الحاجة التي في نفس يعقوب قضاها | سلسلة نليون بيان. وقد أغنت جملة ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم عن جمل كثيرة ، وهي أنهم ارتحلوا ودخلوا من حيث أمرهم أبوهم ، ولما دخلوا من حيث أمرهم سلموا مما كان يخافه عليهم. وما كان دخولهم من حيث أمرهم يغني عنهم من الله من شيء لو قدر الله أن يحاط بهم ، فالكلام إيجاز. ومعنى ما كان يغني عنهم من الله من شيء أنه ما كان يرد عنهم قضاء الله لولا أن الله قدر سلامتهم. والاستثناء في قوله إلا حاجة منقطع; لأن الحاجة التي في نفس يعقوب عليه السلام ليست بعضا من الشيء المنفي إغناؤه عنهم من الله ، فالتقدير: لكن حاجة في نفس يعقوب عليه السلام قضاها. والقضاء: الإنفاذ ، ومعنى قضاها أنفذها. يقال: قضى حاجة لنفسه ، إذا أنفذ ما أضمره في نفسه ، أي نصيحة لأبنائه أداها لهم ولم يدخرها عنهم ليطمئن قلبه بأنه لم يترك شيئا يظنه نافعا لهم إلا أبلغه إليهم.
تفسير قوله تعالى حاجة في نفس يعقوب قضاها - إسألنا
لقد أخبر الله جل جلاله نبيه الكريم يعقوب الغيب و ما سيحصل مع بينه من متاعب و أسر لبنيامين عند ذهابهم لمصر ، و علم يعقوب مسبقاً أن أي نصيحة أو توجيه سيرشد به أبناءه لن يغنيهم عن الوقوع بتلك المصاعب ، لكن ذلك لم يردعه من حثهم و توجيههم ، رغم أن ذلك فرضياً فقط قد يكون جيد ، بينما على أرض الواقع لن يكون مثمراً. أي أن نبي الله يعقوب عليه السلام عبر بفكرته و شعوره مثلث اليأس إلى حَيّز المزاولة رغم معرفته بالتامة بأن ذلك لن ينتج أي فائدة ، و أعظم الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه و آله أشار بموعظة مشابهة للحاجة التي بنفس يعقوب و التي جعلته يقوم بذلك ، فلقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه و آله أنه قال: إن قامت الساعة و في يد أحدكم الفسيلة فإن استطاع أن لا تقوم الساعة حتّى يغرسها فليغرسها. و قد نقول ما قيمة غرس فسيلة ستقوم عليها أهوال القيامة و لن يحصدها أحد ؟! ، ما الفائدة من توجيه نبي الله يعقوب عليه السلام لأبنائه بالدخول من أبواب متفرقة و ذلك لن يغني عنهم من الله شيئاً و سيبتلون ؟! وحدها النفوس العظيمة و العقول الجبارة ستجر جبال أفكارها و مشاعرها بين غابات شوك اليأس أو رياض زهر الأمل لتصغ منها أفعالاً و إن لم يُحصد منها على أرض الواقع فائدة ، فلتلك الأنفس و العقول مقاييسها الخاصة التي لا تؤمن بالربحية و النفعية ، و منها أن تقوم بما شاءت لأنها تراه هو الخير و هي خَيّرة بطبيعتها ، أو تقيّمه على أنه الذكاء و المنطق ثم لا ترتضي لذاتها أن تخوض في غيره ، أو تطلبه و تحققه لأن قلبها الذي يخفق في ضلوعها اختاره لنفسها.
ما هي الحاجة التي كانت في نفس يعقوب
وقد دل قوله وإنه لذو علم لما علمناه بصريحه على أن يعقوب عليه السلام عمل بما علمه الله. ودل قوله ولكن أكثر الناس لا يعلمون بتعريضه على أن يعقوب عليه السلام من القليل من الناس الذين علموا مراعاة الأمرين ليتقرر الثناء على يعقوب عليه السلام باستفادته من الكلام مرتين: مرة بالصراحة ومرة بالاستدراك. والمعنى أن أكثر الناس في جهالة عن وضع هاته الحقائق موضعها ولا يخلون عن مضيع لإحداهما. ويفسر هذا المعنى قول عمر بن الخطاب رضي [ ص: 26] الله عنه لما أمر المسلمين بالقفول عن عمواس لما بلغه ظهور الطاعون بها وقال له أبو عبيدة: أفرارا من قدر الله ؟ فقال عمر رضي الله عنه: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة ألسنا نفر من قدر الله إلى قدر الله... إلى آخر الخبر.
وقوله عليه السلام: ((لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ)) فيها أخذٌ بالأسباب، وقوله: ((وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ)) فيها تسليم بقضاء الله وقدره، وصدق التوكل على الله في جميع الأمور. وفي الآية دليل على أن يعقوب عليه السلام، صاحب علم عظيم، ولكن هذا العلم لم يحصل عليه بحوله وقوته، وإنما من فضل الله عليه وتعليمه إياه ((وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ)). ونذكر من أقوال العلماء في الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، قال ابن القيم الجوزية في مدارج السالكين: ((التوكل عمل القلب ومعنى ذلك أنه عمل قلبي ليس بقول اللسان ولا عمل الجوارح ولا هو من باب العلوم والإدراكات)). وقال أيضاً: ((التوكل نصف الدين والنصف الثاني الإنابة فإن الدين استعانة وعبادة فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها ولا تزال معمورة بالنازلين لسعة متعلق التوكل وكثرة حوائج العالمين وعموم التوكل)). ونستفيد مما سبق ذكره فوائد، منها: 1- على الإنسان الأخذ بالأسباب في جميع الأمور، فعلى الوالدين، أن ينصحوا أبنائهم، ويبينوا لهم الأمور.