البكاء شوقًا إلى الأحباب هو أمر وارد وليس مكروه ولكن كل شئ بقدر، ولنا في ذلك خير مثال النبي صل الله عليه وسلم فقد بكى أحبابه وعلى رأسهم حبه زيد بن حارثة أقرب الناس إلى قلبه، وقد أحب ابنه أسامة بن زيد، فكان أسامة هو حب النبي وابن حب النبي صلوات الله وسلامه عليه ولم يكن يفرق بينه وبين أحفاده.
من هو حب رسول الله لامته
فقد دلّ أمته على كل خير يقربها إلى رابها وحذرها من كل شر يجلب لها الذل والخزي في الدنيا والعذاب والنكال في الآخرة. يقول تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]. لأجل هذا كانت المنة ببعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - عظيمة، والنعمة بذلك جسيمة، ولا يعرف قدر هذه النعمة إلا من أدرك الفرق بين الهدى والضلال. من هو حب رسول الله - موقع محتويات. يقول الأستاذ عبد الرؤوف عثمان في كتابه " محبة الرسول بين الإتباع والابتداع ": فمن عرف هذا الفرق وأدركه إدراكاً يقيناً، علم عظم هذه النعمة التي لا تعادلها نعمة على ظهر الأرض، وأحب الرسول عليه الصلاة والسلام بكل قلبه وآثر حب الله ورسوله على ما سواهما. وعليه فإن حُب المسلم للرسول - صلى الله عليه وسلم - يحركه في قلبه أمور كثيرة منها: تذكر الرسول عليه الصلاة والسلام وأحواله، والوقوف على هديه - صلى الله عليه وسلم - والاشتغال بالسنة قولاً وعملاً، ومعرفة نعمة الله على عباده بهذا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكثرة الصلاة والسلام عليه.
ومن أعظم لوازم محبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحكيمه في كل موضع نزاع، فلا يقدم قول أحد ولا رأيه ولا اجتهاده ولا نظره، ولا حكمه على قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحكمه، يقول الله تبارك وتعالى في هذا: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجدُوا فِي أَنْفُسِهمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء:65). وهذه الآية كما ذكر ابن القيم رحمه الله في شرح المنازل، فيها المقامات الثلاثة: مقام الإسلام ومقام الإيمان ومقام الإحسان. ومن مقتضيات محبته صلى الله عليه وسلم الثناء على فضائله ومكانته عند ربه سبحانه ومكانته بين الأنبياء وشفاعته يوم القيامة ومقامه في الجنة صلى الله عليه وسلم والتأكيد على بيان معنى قوله في الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: فُضِّلتُ على الأنبياء بست: أُعطيت جوامع الكلم فهو البليغ الفصيح ونُصرت بالرعب وأُحلت لي الغنائم، وجُعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، وأُرسلت إلى الخلق كافة، وخُتم بي النبيون. من هو حب رسول الله لامته. ومن مقتضيات محبته صلى الله عليه وسلم تبيين بشارة الأنبياء السابقين به وحبهم له واستقبالهم إياه في الإسراء والمعراج، وأنه هو النبي الخاتم لهم، وأن شريعته هي الناسخة لشريعتهم والجامعة لفضائلها والشاملة لكل خير وهدى جاء في رسالتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.