لقد أكرم الله عز وجل نساء النبي صلى الله عليه وسلم بصحبته، والاطلاع على تفاصيل حياته وسنته، فكان عليهن واجبات تفوق ما يلزم سائر نساء المسلمين، وبحكم مكانهن من رسول الله أمرهن الله بالقرار في بيوتهن وبعدم التبرج، كما أمرهن بتبليغ ما يحصل في بيوتهن من سنن المصطفى، وما ينزل عليه في بيوتهن من آيات الله، وأن يؤدين فرائض الله عز وجل حتى يذهب الله عنهن الرجس ويطهرهن تطهيراً. تفسير قوله تعالى: (ومن يقنت منكن لله ورسوله نؤتها أجرها مرتين... )
تفسير قوله تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن... )
تفسير قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى... )
قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] لا تخرجن منها إلا من ضرورة تستدعي الخروج، فالمستقر الحقيقي للمرأة المسلمة بيتها، وهو منزلها أو قصرها أو دارها، فهو نعيمها، فلا تخرج منه إلا من ضرورة. وقوله: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33]، من القرار الذي هو الاستقرار في البيت وعدم الخروج، وإن فرضنا أن دعت الحاجة المرأة أن تخرج واستدعت الحاجة الخروج فلا تتبرج تبرج الجاهلية الأولى، ولا تلبس أحسن ثيابها، ولا تتغنج ولا تتمايل في مشيتها، ولا تتكلم وهي في الشارع مع الناس، ولا تكشف محاسنها، بل تلف نفسها في لفافة سوداء، وتخرج لحاجتها وتعود.
- اية وقرن في بيوتكن
اية وقرن في بيوتكن
وإن له في جزيرة العرب بدايات، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين، وأن يكف البأس عنهم.
والآن إلى إقامة الأدلة :
أولًا: الأدلة من القرآن الكريم
تنوعت الدلائل من آيات القرآن الكريم في سورتي النور والأحزاب على فرضية الحجاب فرضًا مؤبدًا عامًا لجميع نساء المؤمنين، وهي على الآتي:
الدليل الأول: قول الله تعالى: {وَقَـرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33] .
قال الله تعالى: {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولًا معروفًا . وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرًا} [الأحزاب: 32ـ33] .
(الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي " فقد دخل غيرهنَّ فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخصُّ جميع النساء، فكيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة). لماذا قرار المرأة في بيتها؟
أيها الإخوة الكرام: قد تسأل المرأة: لماذا القرار في البيت؟ وقد يعترض المعترضون على هذا القرار، ويتساءلون لما تقرُّ المرأة في بيتها؟
الجواب على ذلك:
أولاً: للتحقق بالعبودية لله عز وجل:
أيها الإخوة إن قرار المرأة في بيتها هو تحقيق لعبوديتها لله عز وجل، قال تعالى: {إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}. ولا يسع العبدَ إلا طاعةُ المعبود، ما دام المعبود أمر، فلا بدَّ من السمع والطاعة، لأنه تبارك وتعالى تفضَّل على خلقه بالأجر العظيم إن هم أطاعوه. ونحن ما خُلقنا إلا للعبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون}. والعبادة يجب أن تكون مطلقة من قبل العابد نحو المعبود، ولا يمكن للعبد أن يناقش سيده ومعبوده فيما أمر. لذلك من الخطأ بمكان أن تناقش إنساناً لا يؤمن بالله واليوم الآخر في فروع الشريعة، لأنَّ هذه التكاليف يقبلها من رضيَ بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.