الحمد لله العزيز الغفار، مقلب القلوب والأبصار، أحمده سبحانه وأشكره، ومن مساوئ عملي أستغفره، نعمه تترى، وفضله مدرار. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، رفع الأغلال والآصار، وكشف -بإذن ربه- الغشاوة عن البصائر والأبصار، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه المصطفَيْن الأخيار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار. أما بعد: يقول الحق تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِه وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102] وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ [محمد:31]. عباد الله: إن البلايا والمِحَن محكٌّ يكشف عما في القلوب، ويُظهر مكنونات الصدور، ينتفي بالابتلاء الزيف والرياء، وتنكشف الحقيقة والصدق معه بجلاء. إنها تطهير ليس معه زيف ولا دَخَل، وتصحيح لا يبقى فيه غبَش ولا خلل. من هم الثلاثه الذين خلفوا في غزوة تبوك الإلكترونية. إنها تفتح في القلوب منافذَ ما كان ليعلمها المؤمن من نفسه إلا حين تتعرض للابتلاء، وعند الابتلاء يتميز الغبش من الصفاء، والهلع من الصبر، والصدق من الكذب، والثقة من القنوط. إن الابتلاء محكٌّ لا يخطئ، وميزان لا يظلم، والرخاء في ذلك كالشدة، والمؤمن الصادق ثابت في السراء والضراء.
- من هم الثلاثه الذين خلفوا في غزوة تبوك التعليم الالكتروني
من هم الثلاثه الذين خلفوا في غزوة تبوك التعليم الالكتروني
العبر المستفادة من غزوة تبوك
من يدرس أحداث غزوة تبوك يستطيع أن يصل إلى الدروس والعِبر الآتية:
النفاق والمنافقين لا بُد أن يُفتضح أمرهم ولو بعد حين. طبيعة الحرب في الإسلام قائمةٌ على الدفاع عن الدين والبلاد، وردْع المعتدين، ولا علاقة لها بالعدوانية والاستفزاز، وإنما هي رسالة تحريرية للناس كافة وليس للعرب خاصة. أحداث غزوة تبوك وتجهيز جيشها الذي عُرِفَ بجيش العُسرة لصعوبة الوقت والجوّ والموسم الذي دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم الناس لتجهيز هذا الجيش؛ استطاعت كل هذه الشدائد أن تميّز المؤمن الصادق من المنافق، مما أدى إلى تخليص الجيش من أمثال هؤلاء المخادعين الذين يعيقون مسيرة الإصلاح، وبالتالي انتصر هذا الجيش المتّحد الكلمة، وقوي الإيمان صادق العهد. قصة الثلاثة الذين خلفوا - موضوع. مسارعة الأغنياء من الصحابة رضوان الله عليهم في البذل والعطاء من أجل إعلاء كلمة الله والنصر على الأعداء؛ كان دليلاً على ما يفعله الإيمان في نفوس أصحابه من الانتصار على غرائزها، ومقاومة أهوائها، والمبادرة إلى فعل الخير، وهذا ما تحتاجه الأمة الإسلامية اليوم، وما يجب أن يركّز عليه المصلحون، فذلك يوازي الجهاد بالنفس. الإيمان يصنع المعجزات، وكان ذلك واضحاً في قصة النّفر من الصحابة الذين كانوا يرغبون بالقتال، لكنَّهم لا يملكون ما يُحملون عليه، فتولّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً؛ لأنَّه فاتهم شرف الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنَّ الطبيعة البشرية تقتضي فرح الإنسان عند بُعده عن المخاطر والحروب، إلا أنَّ إيمانهم الصادق خلَّد ذكرهم في قرآنٍ يُتلى إلى يوم القيامة.
عباد الله: ما أجمل الحديث عن القِيَم! وما أعظم الكلام عن المُثُل! وأروع من ذلك أن ترى المُثُل رجالاً، والأخلاق فعالاً. ألا فلنقف معكم دقائق موقف صدق من مواقف الصحب البرَرَة. إن قلم الكاتب ولسان الخطيب -مهما أوتيَ من براعة وبلاغة- عاجزان عن وصف تلك الحادثة، عن وصفها في مِحنتها وابتلاءاتها، عن وصفها في صدق رجالها وإيمان أصحابها. فيها ابتلاء بهجر الأقربين، وبلاء بتزلُّف المناوئين والكافرين. قصة كلها عِبَر وعَبَرات، وفكر ونظرات، ودموع حرَّاء وحسرات. قصة تحكي مواقف الصدق والصبر في صحب محمد صلى الله عليه وسلم الذين هم مثال المتانة في البناء، وأنموذج الصدق في اللهجة، والإخلاص في الطاعة، والقدوة في الصبر على البلاء، والشكر على السراء. إنها قصة الثلاثة الذين خُلِّفُوا في غزوة تبوك ، يوم ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه، ثم تاب عليهم ليتوبوا، إن الله هو التواب الرحيم. من هم الثلاثه الذين خلفوا في غزوة تبوك التعليم الالكتروني. فلا إله إلا الله! من آيات وأحداث تذرف منها الدموع، وتخشع لها القلوب. هاهو الإمام أحمد شيخ أهل السنة ، وإمام هذه الأمة، كان لا يبكيه شيء من القرآن كما تبكيه هذه الآيات. وحديث كعب في تفصيل أخبارها وأحداثها مُبكٍ مُحزِن مُوجِد لمن كان له قلب.