((قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى))
البقرة (263)
هناك مشكلة عامة مستفحلة في بيوتنا..
وهي قحط المشاعر.. وفقر التعبير عنها..
هناك ألسنة أشبه بصحراء جرداء.. لا تبهج نفسا.. وإن أمطرت.. لا تنبت زهراً..
هناك نفوس لديها ممانعة عجيبة.. عجيبة.. في قول الكلمة الطيبة..
وليتها لم تجد كلاماً طيباً فتسكت..
انما تسلق الأخرين بألسنة حداد! هناك غباء عاطفي (نقيض الذكاء العاطفي) نخر في النفوس عبر دائرة أسرية مفرغة من الحب والحنان والتسامح والتفاهم..
فخرج جيل.. بل أجيال.. لا تفهم مشاعرها ولا تعبر عنها..
ولا تفهم مشاعر من حولها.. ولا حتى تتفهمها!! الذكاء العاطفي.. يُقدم عبر كتب ومحاضرات ودورات حول العالم..
لكنه يُكتسب عبر مدرسة الحياة..
عبر احتضان إنسانية الآخر.. وتقبل اختلافاته.. وتقبل عيوبه ونواقصه وتقصيره قبل مَلَكاته وقدراته ومواهبه! قول معروف ومغفرة خير..
الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفهم "زعل" زوجته الحبيبة عائشة (رضي الله عنها).. من وجهها.. وطريقة حديثها معه..
فيشير لها مازحاً "إني لأعلم إذا كنت عني راضية ، وإذا كنت علي غضبى…" (صحيح مسلم)
يفهمها من كلمة.. كلمة بس!!
- قول معروف ومغفره خير من صدقة
- قول معروف ومغفرة خير
قول معروف ومغفره خير من صدقة
﴿ تفسير البغوي ﴾
قول معروف) أي كلام حسن ورد على السائل جميل وقيل: عدة حسنة. وقال الكلبي: دعاء صالح يدعو لأخيه بظهر الغيب وقال الضحاك: نزلت في إصلاح ذات البين ( ومغفرة) أي تستر عليه خلته ولا تهتك عليه ستره وقال الكلبي والضحاك: بتجاوز عن ظالمه ، وقيل يتجاوز عن الفقير إذا استطال عليه عند رده ( خير من صدقة) يدفعها إليه ( يتبعها أذى) أي من وتعيير للسائل أو قول يؤذيه ( والله غني) أي مستغن عن صدقة العباد ( حليم) لا يعجل بالعقوبة على من يمن ويؤذي بالصدقة. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
والمعنى: قَوْلٌ مَعْرُوفٌ بأن تقول للسائل كلاما جميلا طيبا تجبر به خاطره، ويحفظ له كرامته «ومغفرة» لما وقع منه من إلحاف في السؤال، وستر لحاله وصفح عنه، خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً أى خير من صدقة يتبعها المتصدق أذى للمتصدق عليه. لأن الكلمة الطيبة للسائل، والستر عليه، والعفو عنه فيما صدر منه، كل ذلك يؤدى إلى رفع الدرجات عند الله، وإلى تهذيب النفوس، وتأليف القلوب وحفظ كرامة أولئك الذين مدوا أيديهم بالسؤال. أما الصدقة التي يتبعها الأذى فإن إيتاءها بتلك الطريقة يؤدى إلى ذهاب ثوابها، وإلى زيادة الآلام عند السائلين ولا سيما الذين يحرصون على حفظ كرامتهم، وعلى صيانة ماء وجوههم، فإن ألم الحرمان عند بعض الناس أقل أثرا في نفوسهم من آلام الصدقة المصحوبة بالأذى، لأن ألم الحرمان يخففه الصبر الذي وراءه الفرج، أما آلام الصدقة المصحوبة بالأذى لهم فإنها تصيب النفوس الكريمة بالجراح التي من العسير التئامها وشفاؤها.
قول معروف ومغفرة خير
القرآن الكريم - البقرة 2: 263 Al-Baqarah 2: 263
-----------------الهوامش:(81) انظر تفسير"المعروف" فيما سلف 3: 371 ، 372 / ثم 4: 547 ، 548 / 5: 7 ، 44 ، 76 ، 93 ، 173. (82) انظر تفسير"المغفرة" 2: 109 ، 110 ، وفهارس اللغة. (83) انظر تفسير"حليم" فيما سلف 5: 117.