وتعالت الأصوات كلٌ ينادي باسم صاحبه، فأقبل المقداد على الناس وقال: أيها الناس اسمعوا ما أقول: أنا المقداد بن عمرو، إنّكم إن بايعتم عليًا سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثمانًا سمعنا وعصينا! فقام عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي وقال: أيها الناس، إنكم إن بايعتم عثمانًا سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عليًا سمعنا وعصينا! فانتفض المقداد ورد عليه قائلاً: (يا عدو الله، وعدوّ رسوله، وعدوّ كتابه، متى كان مثلك يسمع له الصالحون). ولما بويع لعثمان بالخلافة، عبّر أمير المؤمنين (ع) عن عدم رضاه لهذه النتيجة، لكنّه سلّم بالأمر الواقع، قائلاً: (لأسلمن ما سلمت أُمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا عليَّ خاصة). وقال المقداد: تالله ما رأيت مثل ما أُوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، واعجبًا لقريش! لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أن أحدًا أقضى بالعدل، ولا أعلم، ولا أتقى منه، أما والله لو أجد أعوانًا… الخ. فالتفت الإمام علي (ع) نحو المقداد، وقال مسلّيًا ومهدّئًا: إني لأعلم ما في أنفسهم، إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر في صلاح شأنها فتقول: إن ولي الأمر بنو هاشم لم يخرج منهم أبدًا، وما كان في غيرهم فهو متداول في بطون قريش.
- مدرسة المقداد بن عمرو
- المقداد بن عمرو في الطائف
- المقداد بن عمرو
- مدرسة المقداد بن عمرو البريمي
مدرسة المقداد بن عمرو
انا لصبر في الحرب٬ صدق في اللقاء.. ولعل الله يريك منا ما تقر عينك.. فسر على بركة الله".. وامتلأ قلب الرسول بشرا.. وقال لأصحابه:" سيروا وأبشروا".. والتقى الجمعان.. وكان من فرسان المسلمين يومئذ ثلاثة لا غير: المقداد بن عمرو٬ ومرثد بن أبي مرثد٬ والزبير بن العو ام٬ بينما كان بقية المجاهدين مشاة٬ أو راكبين ابلا.. ** ان كلمات المقداد بن عمرو التي مر ت بنا من قبل٬ لا تصور شجاعته فحسب٬ بل تصور لنا حكمته الراجحة٬ وتفكيره العميق.. وكذلك كان المقداد. كان حكيما أريبا٬ ولم تكن حكمته تعبر عن نفسها في مجر د كلمات بل هي تعبر عن نفسها في مبادئ نافذة٬ وسلوك قويم مطر د.
المقداد بن عمرو في الطائف
وكان المقداد رجلًا طويلًا ، كثيف الشعر عظيم البطن ، واسع العينين ، مقرون الحاجبين مهيبا ، ولحيته ليست بالكثيفة ولا بالخفيفة ، وكان للمقداد منزلة عظيمة عند النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد دعى الرسول عليه الصلاة والسلام المسلمين لحب المقداد ، روى بريدة بن الحصيب عن النبي محمد قوله: (عليكم بحب أربعة علي وأبي ذر وسلمان والمقداد). وكان حب المقداد للإسلام ملأ قلبه بمسئولياته عن حماية الإسلام ، ليس فقط من كيد أعدائه ، بل ومن خطأ أصدقائه ، فقد خرج يومًا في سرية تمكن العدو فيها من حصارهم ، فأصدر أمير السرية أمره بألا يرعى أحد دابته. ولكن أحد المسلمين لم يستجيب للأمر وخرج ، فتلقى من الأمير عقوبة أكثر مما يستحق ، أو لا يستحقها على الإطلاق ، فمر المقداد بالرجل يبكي ويصيح فسأله فأنبأه ما حدث ، فأخذ المقداد بيمينه ومضيا صوب الأمير ، وراح المقداد يناقشه حتى كشف له خطأه وقال له: (والآن أقِدْهُ من نفسك ، ومَكِنه من القصاص) ، وأذعن الأمير ، لكن الجندي عفا وصفح وفرح المقداد بعظمة الموقف وبعظمة الدين الذي أفاء عليهم هذه العزة، فراح يقول: (لأموتن والإسلام عزيز). كان المقداد وعبد الرحمن بن عوف جالسين فقال له عبد الرحمن: ألا تتزوج ؟ قال: زوجني ابنتك ، فغضب عبد الرحمن وأغلظ له ، فشكا المقداد ذلك للنبي صلّ الله عليه وسلم ، فقال النبي صلّ الله عليه وسلم: أنا أزوجك ، فزوجه بنت عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب رضي الله عنها.
المقداد بن عمرو
وعن ثابت البناني، قال: كان المقداد وعبدالرحمن بن عوف جالسَين، فقال له مالك: ألا تتزوج؟ قال: زوجني ابنتك. فغضب عبد الرحمن وأغلظ له، فشكا ذلك للنبي، فقال: أنا أزوجك، فزوجه بنت عمه ضباعة بنت الزبير بن عبدالمطلب. ولاّه الرسول إحدى الإمارات يوماً، فلما رجع سأله النبي: «كيف وجدت الإمارة؟»، فأجاب: لقد جَعَلتني أنظر إلى نفسي كما لو كنت فوق الناس، وهم جميعًا دوني، والذي بعثك بالحق، لا أتأمرن على اثنين بعد اليوم أبداً. وتوفي المقداد سنة 33 هجرية في خلافة عثمان، وهو ابن سبعين سنة، وصلى عليه عثمان بن عفان ودفن بالبقيع. جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2022©
مدرسة المقداد بن عمرو البريمي
وكانت تجاربه قوتا لحكته وريا لفطنته..
ولاه الرسول على
إحدى الولايات يوما, فلما رجع سأله النبي:
" كيف وجدت الإمارة".. ؟؟
فأجاب في صدق
عظيم:
" لقد جعلتني أنظر
إلى نفسي كما لو كنت فوق الناس, وهم جميعا دوني..
بالحق, لا أتأمرّن على اثنين بعد اليوم, أبدا"..
وإذا لم تكن هذه
الحكمة فماذا تكون.. ؟
وإذا لم يكن هذا
هو الحكيم فمن يكون.. ؟
رجل لا يخدع عن
نفسه, ولا عن ضعفه..
يلي
الإمارة,
فيغشى نفسه الزهو والصلف, ويكتشف في نفسه هذا الضعف, فيقسم ليجنّبها مظانه, وليرفض
الإمارة بعد تلك التجربة ويتحاماها.. ثم يبر بقسمه فلا يكون أميرا بعد ذلك
أبدا..!!
لأجل هذا كان المقداد يتحين الفرص لانفلاته من ربقة "الحلف" الذي أصبح فيما بعد ضربًا من العبودية المقيتة، ولونًا من ألوان التسخير المطلق للمحالف يجرده عن كل قيمة، ويُحرم معه من أبسط الحقوق.