فبمثلِ هذه الباقيات الصالحات، ترتفع درجة العامل في أعالي الجنان، ويزداد قدره، ويزكو عمله، ولمثلِ هذا فليعملِ العاملون.
- القران الكريم |فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
- إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة القارعة - قوله تعالى فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية - الجزء رقم31
- خطبة عن ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
القران الكريم |فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
وقوله: { وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ.. } [المؤمنون: 103] لأنهم أخذوا لها القليل العاجل، وفوَّتوا عليها الكثير الآجل، وسارعوا إلى متعة فانية، وتركوا متعة باقية؛ لأن الدنيا أجلها محدود؛ والزمن فيها مظنون، والخير فيها على قَدْر إمكانات أهلها. أما الآخرة فزمنها مُتيقّن، وأجلها ممدود خالد، والخير فيها على قَدْر إمكانات المنعِم عَزَّ وجَلَّ، فلو قارنتَ هذا بذاك لتبيّن لك مدى ما خَسِروا، لذلك تكون النتيجة أنهم { فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} [المؤمنون: 103]. خطبة عن ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم. ثم يعطينا الحق سبحانه صورة تُبشِّع الجزاء في جهنم، وتُصوِّر أهوالها، وذلك رحمة بنا لنرتدع من قريب، ونعمل جاهدين على أن ننجي أنفسنا من هذا المصير، وننفر من هذه العاقبة البشعة، كما يقول الشرع بداية: سنقطع يد السارق، فهو لا يريد أن يقطع أيدي الناس، إنما يريد أن يمنعهم ويحذرهم هذه العاقبة. ومن ذلك قوله تعالى في مسألة القصاص: { وَلَكُمْ فِي ٱلْقِصَاصِ حَيَاةٌ يٰأُولِي ٱلأَلْبَابِ.. } [البقرة: 179]. وقد هُوجم القِصَاص كثيراً من أعداء الإسلام، إذ يقولون: يكفي أن قُتِل واحد من المجتمع، فكيف نقتل الآخر؟ والقرآن لم يضع القصاص ليقتل الاثنين، إنما وضعه ليمنع القتل، وليستبقي القاتل والقتيل أحياء، فحين يعرف القاتل أنه سيُقتل قصاصاً يمتنع ويرتدع، فإن امتنع عن القتل فقد أحيينا القاتل والقتيل، وقد عبَّروا عن هذا المعنى فقالوا: القتل أنفى للقتل.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة القارعة - قوله تعالى فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية - الجزء رقم31
(وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) بسبب كفره وضلاله ،وعدم إيمانه ، فقد خفّ وزن حسناته، فمأواه ومسكنه الهاوية ، التي يهوي فيها على رأسه في جهنم، وسميت النار بالهاوية; لأنه يهوى فيها مع بعد قعرها. هذه هي عاقبة هؤلاء وهؤلاء، فعاقبة أهل الحسنات الجنة والكرامة ، والنار عاقبة أهل الكفر والضلال ، ومن خفت موازينهم من أهل المعاصي بسبب معاصيهم الكثيرة حتى ثقلت موازينهم السيئة وخفت موازين الحسنات.
خطبة عن ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ) - خطب الجمعة - حامد إبراهيم
وحيثما مشى أو ينتقل من مكان إلى مكان ، جرى معه نهر حيث شاء ، علوا وسفلا ، وذلك قوله تعالى: يفجرونها تفجيرا. فيروى في الخبر ( إنه يشير بقضيته فيجري من غير أخدود حيث شاء من قصوره وفي مجالسه). فهذه الأشياء كلها عيشة قد أعطت الرضا من نفسها ، فهي فاعلة للرضا ، وهي انذلت وانقادت بذلا وسماحة. ومعنى فأمه هاوية يعني جهنم. وسماها أما ، لأنه يأوي إليها كما يأوي إلى أمه ، قاله ابن زيد. ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
فالأرض معقلنا وكانت أمنا فيها مقابرنا وفيها نولد
وسميت النار هاوية; لأنه يهوى فيها مع بعد قعرها. ويروى أن الهاوية اسم الباب [ ص: 149] الأسفل من النار. وقال قتادة: معنى فأمه هاوية فمصيره إلى النار. عكرمة: لأنه يهوي فيها على أم رأسه. الأخفش: أمه: مستقره ، والمعنى متقارب. وقال الشاعر:
يا عمرو لو نالتك أرماحنا كنت كمن تهوي به الهاوية
والهاوية: المهواة. وتقول: هوت أمه ، فهي هاوية ، أي ثاكلة ، قال كعب بن سعد الغنوي:
هوت أمه ما يبعث الصبح غاديا وماذا يؤدي الليل حين يئوب
والمهوى والمهواة: ما بين الجبلين ، ونحو ذلك. وتهاوى القوم في المهواة: إذا سقط بعضهم في إثر بعض. القران الكريم |فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. وما أدراك ما هيه الأصل ( ما هي) فدخلت الهاء للسكت.
تفسير الطبري الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه} مَوَازِين حَسَنَاته وَخَفَّتْ مَوَازِين سَيِّئَاته. الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه} يَقُول تَعَالَى ذِكْره: { فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينه} مَوَازِين حَسَنَاته وَخَفَّتْ مَوَازِين سَيِّئَاته. ' يَعْنِي الْخَالِدُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم. يَعْنِي الْخَالِدُونَ فِي جَنَّات النَّعِيم. ' تفسير القرطبي قوله تعالى: { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ،ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون} تقدم الكلام فيهما. قوله تعالى: { تلفح وجوههم النار} ويقال { تنفح} بمعناه؛ ومنه { ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك} [الأنبياء- 46]. إلا أن { تلفح} أبلغ بأسا؛ يقال: لفحته النار والسموم بحرها أحرقته. ولفحته بالسيف لفحة إذا ضربته به [ضربة] خفيفة. { وهم فيها كالحون} قال ابن عباس: عابسون. وقال أهل اللغة: الكلوح تكشر في عبوس. فأما من ثقلت موازينه فهو. والكالح: الذي قد تشمرت شفتاه وبدت أسنانه. قال الأعمش: وله المقدم لا مثل له ** ساعة الشدق عن الناب كلح وقد كلح الرجل كلوحا وكلاحا.