ماهر شرف الدين
لم تكن لحظة وفاة حافظ الأسد لحظة وفاة عادية عند السوريين. الإنسان العادي حين يموت ينفلق نصفَين: نصف ينزل إلى الأرض (الجسد)، ونصف يصعد إلى السماء (الروح). لكنْ في حالة دكتاتور صنع سمعته من الرعب، فإن نصفه الثاني (الروح) سيرفض مغادرة الأرض. سينتشر بين البيوت ويتحوَّل إلى آذان وعيون. العاطفة لا مكان لها عند تلقّي خبر موته. وإذا كان ثمة من مشاعر فهي مشاعر غير واثقة، ولذلك هي غير صادقة. حتى الذين تألَّموا فعلاً للخبر طردت الصدمةُ مشاعرَهم الحقيقية وأجلستْ مكانها مشاعرَ مزوَّرة. حتى الذين سعدوا بهذا الخبر لم تكن سعادتهم حقيقية. صناعة الكذب على الطريقة الإيرانية.. فبركة لزيادة قامة "خامنئي". حتى الذين شمتوا لم تكن شماتتهم صافية. إن إنساناً حُبس في القبو لمدّة أربعين عاماً حين يرى الشمس للمرّة الأولى لن يعرف كيف يستقبل ضوءها، ورغم كل الدفء الذي تبثّه في جسده إلا أنها حتماً ستُزعج عينَيه اللتين لن يستطيع فتحهما بسهولة لتلقّي هذه الكمّية الفائضة من النور. لقد أعمى بعضَنا الشعاعُ البازغ من خبر موت الدكتاتور، لقد جعلنا نغمض أعيننا. لذلك شعرنا بالخوف والريبة حين سمعنا الخبر، فأقفلنا بابَ البيت علينا. ***
بعد موت حافظ الأسد ببضعة أشهر، كنتُ أقف مع أهل قريتي في مأتم شاب قضى بحادث سير، حين قام رجلٌ جاوز المئة من عمره، وكسرَ أمام الجميع عصاه التي يتوكَّأ عليها، حالفاً ألا يستعملها بعد اليوم، ما دام الشبّان يموتون، وهو العجوز حيّ يرزق!
- صناعة الكذب على الطريقة الإيرانية.. فبركة لزيادة قامة "خامنئي"
صناعة الكذب على الطريقة الإيرانية.. فبركة لزيادة قامة &Quot;خامنئي&Quot;
وبدأت إيران والأطراف التي لا تزال منضوية في الاتفاق، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة، مباحثات في فيينا قبل نحو عام سعيا لإحياء الاتفاق. وأكد المعنيون أن المباحثات بلغت مرحلة حاسمة في الأسابيع الماضية. وبينما أكدت طهران الأسبوع الماضي أن هناك "موضوعين" فقط لا يزالان عالقين بينها وبين الولايات المتحدة لإنجاز تفاهم لإحياء الاتفاق، حذّرت واشنطن الإثنين من أن ابرام الاتفاق "ليس وشيكاً ولا مؤكّداً"، وأنها جاهزة لتحمّل تبعات نجاح المفاوضات كما فشلها. ويعتبر الموقف المتقارب بين إسرائيل وبعض دول الخليج حيال إيران من الأسباب التي ساهمت في إقامة علاقات تطبيع بينها خلال السنة الماضية. وكانت مصر أول دولة عربية وقعت معاهدة سلام مع اسرائيل في العام 1979. أما الامارات فأصبحت ثالث دولة تطبّع العلاقات مع إسرائيل (بعد مصر والاردن) في العام 2020 برعاية من دونالد ترامب، وسرعان ما تبعتها البحرين والمغرب. كما وافق السودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن لم تتم إقامة علاقات كاملة حتى الآن. ووقّعت اسرائيل والإمارات اتفاقات في مجال الإعفاء من التأشيرات وفي السياحة والمال وغيرها. وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أعلنت شركة "البيت سيستمز" الإسرائيلية للأسلحة فتح فرع لها في الإمارات.
كان ذلك مأساوياً بالنسبة إليَّ كشاب في مقتبل العمر. وقد أثارني جداً التفكيرُ بأنه في وسع مومياء مثلَّجة أن تحكم بلداً بأكمله، بأنه في وسع جثَّة رجل عجوز أن تثير الرعب في قلوب ملايين الناس. لقد برز حافظ الأسد قاسياً حتى في موته. هستيريا من النفاق والدَّجَل اندلعتْ فور إعلان خبر الوفاة. كان الشعراء في المقدّمة لرثاء الرجل الذي «لم يحلم بهِ في الملاحم الشعراءُ»! والذي لولاه «لكان العُرْب ما وُجدوا»! كتبتْ شاعرةٌ تقول إن حافظ الأسد هو الميِّت الذي يُحيي! وكتبتْ زميلةٌ لها تُطالب الأبجدية بأن تكون «مليارَ حرف» كي تستطيع إيفاء الأسد الراحل حقَّه! شاعرٌ آخر أقسم بأن الموت لم يكن موجوداً ولم يسمع به الناس حتى مات حافظ الأسد! وفي حومة الدَّجَل تلك، لم ينسَ هؤلاء المنافقون التبشير بالأسد الابن. أحد الشعراء أصدر حكمه المبرم بأن بشار الأسد، الذي كنا آنذاك لا نعرف عنه شيئاً، «أعدلُ مَن يسودُ ويحكمُ»! شاعر آخر تغزَّل بوجه الأسد الابن كما يتغزَّل شاعر بوجه محبوبته: «عشقتُ وجهَكَ يا بشار…»! قبل أن يتحدَّث عن «حرقةَ اللهب» التي تعتمل في قلبه! لم يتركوا شيئاً يمكن أن يُقال في مديح أبطال الحروب وأبطال السينما على السواء إلا وقالوه في الرئيس الوريث، حتى طوله كتبوا عنه وامتدحوه!