وعليه فيكون الشاهد من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر: ( صل الصلاة لوقتها، فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل، ولا تقل: إني صليت فلا أصلي)، أن الأئمة سوف يؤخرونها إلى قريب من وقت الأخرى، فيأتي الإنسان فيجلس في المسجد ينتظر الصلاة الثانية، ويكون هذا من باب حكاية الحال، أو أنه خرج مخرج الغالب. وعليه: فالصحيح أن إعادة الجماعة تجوز إذا كان في مسجد، أما إذا لم يكن في المسجد، مثل: لو أن إنساناً صلى العصر في مسجده، ثم جاء إلى جماعته وجلس في الاستراحة وهم يصلون العصر فلا يصلي معهم؛ لعموم أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر، فالحكم معلق على الراجح بالمسجد، وعند الحنابلة معلق بشرطين: أن يكون في المسجد، وأن يكون متواجداً قبل الإقامة. من الصلوات التي تجوز في أوقات النهي - إدراك. قال المؤلف رحمه الله: (فإذا وجدهم يصلون؛ لم يستحب الدخول)، الحنابلة يجوزون الدخول، لكنهم لا يستحبونه ففي أوقات النهي عند الحنابلة، إذا جاء والإمام يصلي؛ فلا يستحب له الدخول، فإن دخل جاز، لكن الأفضل عدمه لحديث أبي ذر ، وقلنا: إن الراجح استحباب ذلك مطلقاً. الصلاة على الجنازة
قال المؤلف رحمه الله: (وتجوز الصلاة على الجنازة بعد الفجر والعصر دون بقية الأوقات ما لم يخف عليها)، هذه الحالة الخامسة عند الحنابلة، لكنها مستثناة، يقولون: إنه يجوز الصلاة على الجنازة بعد الفجر والعصر، لإجماع المسلمين على جواز ذلك، نقل الإجماع ابن المنذر رحمه الله فقال: إجماع المسلمين على الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح، وذكره أبو العباس بن تيمية محل إجماع أيضاً.
حُكْمُ الصَّلاةِ ذاتِ السَّببِ في أوقاتِ النَّهْيِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية
وذهب الشافعية ورواية عند الإمام أحمد اختارها أبو العباس بن تيمية وهو ظاهر اختيار بعض المحققين كـ الخطابي وغيره: أن الاستثناء ليس محصوراً على الخمسة هذه، بل يجوز كل ما له سبب. الصلاة ذات السبب
قال المؤلف رحمه الله: (ويحرم تطوع بغيرها، أي: غير المتقدمات من نحو إعادة جماعة، وركعتي طواف، وركعتي الفجر قبلها)، وهذه لم يذكرها المؤلف في المتن، وهي ركعتي الفجر. إذاً نعيد ذكر الخمس التي ذكرها فنقول: الفرائض، والمنذورة، وركعتي طواف، وإعادة جماعة وهو في المسجد، وصلاة الجنازة بعد العصر والفجر. وزادوا أمرين: الأمر الأول: ركعتي الفجر إذا لم يكن قد صلاها قبل الفجر فإنه يصليها بعده، الأمر الثاني: ركعتي الظهر إذا جمعت مع العصر في وقت الأولى أو وقت الثانية. حُكْمُ الصَّلاةِ ذاتِ السَّببِ في أوقاتِ النَّهْيِ - الموسوعة الفقهية - الدرر السنية. إذاً هي عند الحنابلة سبع، والذي يظهر والله أعلم: أن ذلك لا بأس به حتى السنن الرواتب على الراجح، وهو مذهب الشافعي والإمام أحمد في رواية اختارها أبو العباس بن تيمية وبعض المحققين كـ الخطابي وغيره. ودليل ذلك: أولاً: أن أوقات النهي إنما نهى عن تحري الصلاة فيها، فمن تحرى الصلاة في مثل هذه الأوقات؛ حرم عليه ذلك، لما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة ، وصحيح البخاري من حديث ابن عمر: ( لا تتحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك).
من الصلوات التي تجوز في أوقات النهي - إدراك
الخامس: عند غروب الشمس
قضاء الفرائض
الصلوات المنذورة
قال المؤلف رحمه الله: (ويجوز أيضاً فعل المنذورة فيها؛ لأنها صلاة واجبة)، الحنابلة يرون أن أوقات النهي عامة، لا يجوز فعل العبادة فيها إلا ما ورد النص في استثنائها، ويرون أن ما ورد النص في استثنائها معدودة، وما عداها يحرم، فجعلوا مما يجوز الاستثناء فيها فعل الفرائض، والصلاة المنذورة، قالوا: لأنها صلاة واجبة، فلو أن إنساناً قال: لله علي أن أصلي ركعتين إن شفى الله مريضي، فشفى الله مريضه بعد العصر، فتوضأ ثم شرع في الصلاة فكان قبل غروب الشمس، فيرون أن ذلك جائز. والذي يظهر: أن الصلاة المنذورة إن كان يخاف ألا يؤديها، أو يخاف عدم أدائها؛ فإنه يصليها كيفما اتفق ولو كان في وقت النهي. وإن كان يغلب على الظن السلامة، فإن الذي يظهر والله أعلم أنه لا يصليها، وإن صلاها جاز؛ لأنها من ذوات الأسباب كما سوف يأتي، والخلاف هنا والتفصيل من باب الأفضلية. ركعتا الطواف
إعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد
قال المؤلف رحمه الله: (وتجوز فيها إعادة جماعة أقيمت وهو بالمسجد)، هذه الحالة الرابعة: أنه لا بأس بإعادة الجماعة ما دام في المسجد، بمعنى: أنه لو كان جالساً في المسجد، وقد صلى الفرض، ثم أقيمت الصلاة وهو في المسجد فإنه يصلي، أما لو جاء من خارج المسجد، والصلاة قد شرعت في وقت النهي؛ فلا يصلي، هذا على مذهب الحنابلة.
، وابنُ باز قال ابنُ باز: (لكن هذا العموم يُستثنى منه الصلاةُ ذات السَّبب في أصحِّ قولي العلماء، كصلاة الكسوفِ، وصلاة الطوافِ، وتحيَّة المسجد، فإنَّ هذه الصلوات يُشرَع فِعلُها ولو في وقتِ النهي؛ لأحاديثَ صحيحةٍ وردتْ في ذلك تدلُّ على استثنائها من العموم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (25/186). ، وابنُ عُثيمين قال ابنُ عثيمين: (والقول الصَّحيح في هذه المسألة: أنَّ ما له سببٌ يجوز فِعلُه في أوقات النهي كلها، الطويلة والقصيرة) ((الشرح الممتع)) (4/126). الأدلَّة: أولًا: من السُّنَّة 1- عن أبي قَتادَة الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَ أحدُكم المسجدَ، فلا يجلسْ حتَّى يُصلِّيَ ركعتينِ)) [4043] رواه البخاري (444)، مسلم (714). 2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إنَّ الشمسَ والقمرَ لا يُخسفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، ولكنَّهما آيتانِ من آياتِ اللهِ، فإذا رأيتموهما فصلُّوا)) رواه البخاري (1042)، ومسلم (914). 3- عن أَبي سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّه سألَ عائشةَ عن السَّجدتينِ اللَّتينِ كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُصلِّيهما بعدَ العصرِ؟ فقالتْ: كان يُصلِّيهما قبلَ العصرِ، ثم إنَّه شُغِل عنهما أو نسِيهما فصلَّاهما بعدَ العصرِ، ثم أثبتَهما، وكان إذا صلَّى صلاةً أثبتَها)) رواه مسلم (835).