إن يوم القيامة يوم ذو حسرات ، وإن من أعظم الحسرات غدًا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيا لها عثرة ، لا تُقال ، وتوبة لا تُنال. وقال محمود الورَّاق - رحمه الله تعالى -:
تمتع بمالك قبل الممـاتِ وإلا فلا مـال إن أنت مُتَّا
شَقِيتَ به ثـم خَلَّفْتَـهُ لِغيرك بُعدًا وسُحـقًا ومقْتا
فجاد عليك بِزُورِ البُـكَا وَجُدْتَ له بالذي قـد جمعتا
وأعطيتَه كُلَّ ما في يديك فخلاّك رهنـًا بما قد كسبتا
وقد عدَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الموبقات. أما من طهَّر نفسه من الشح فقد وعده ربه بالفلاح ، قال تعالى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر:9). المصادر:
- موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم. (مجموعة من العلماء). - الترغيب والترهيب. (المنذري). تفسير قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}. - منهاج المسلم. (أبو بكر الجزائري).
تفسير قوله تعالى: {وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ}
رابعاً: آثار الشُّح والبخل:
وللشُّح والبخل آثار ضارَّة وعواقب مهلكة منها:
1-حمل النفس على الوقوع في الإثم والرذيلة. 2-القلق والاضطراب النفسي، ومنه الفرقة والتَّمزق. 3-تمكُّن العدوِّ الإنسيِّ والجنيِّ من صاحب الشُّح والبخل. الفرق بين البخل والشح - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية. 4-العذاب الشَّديد في الآخرة -نسأل الله العافية-. خامساً: من فقه الآيات الواردة في ذم الشُّح والبخل:
قال -تعالى-: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (9) سورة الحشر، و(16) سورة التغابن. عن ابن عباس- رضي الله عنهما- يقول: (هوى نفسه، حيث يتَّبع هواه، ولم يقبل الإيمان)، وقال ابن مسعود -رضي الله عنه-: ( أن يعمدَ إلى مال غيره فيأكلَه). قال ابن جرير -رحمه الله-: وقوله: (فأولئك هم المفلحون) يقول: فهؤلاء الذين وُقوا شحَّ أنفسهم المنجحون الذين أدركوا طلباتهم عند ربهم). (5)
وكما بين- سبحانه - أن الشُّح على المؤمنين بالخير من البِرِّ والمعروف من صفات المنافقين وكفى بهذا ذمَّاً للشُّح فقال: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}.
الفرق بين البخل والشح - موسوعة الأخلاق - الدرر السنية
تكشف عيوبك وتظهرها للخلق، وبالتالي ستُنبذ بينهم. يُعد الشّح من العوامل التي تُضيّق الرّزق، إذ إنّ الإنفاق سبب في توسعة الرّزق. قد يعسّر الشح أمور حياتك، فقال الله تعالى: {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى ﴿٨﴾ وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴿٩﴾ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴿١٠﴾ وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴿١١﴾} [٩]. [٧]
العذاب الأليم والخزي والعذاب في الآخرة، فقد توعّد الله تعالى البخيل بالخزي والعذاب يوم القيامة، وقال جل جلاله في هذا الأمر: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا} [١٠]. المراجع
^ أ ب سورة الحشر، آية:9
↑ "تعريف و معنى شح في معجم المعاني الجامع" ، المعاني ، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2020. بتصرّف. ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبدالله، الصفحة أو الرقم:2578 ، صحيح. ↑ "الفرق بين البخل والشّح" ، الدرر السُنيّة ، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2020. بتصرّف. ↑ البيهقي، شعب الإيمان ، صفحة 426. ↑ السيوطي، الدر المنثور ، صفحة 107-108. ^ أ ب "ذم البخل فى القرآن والسنة" ، طريق الإسلام ، اطّلع عليه بتاريخ 10/12/2020.
[٢] ، ويُعرف الشُّحُّ في اللُغةً بأنه البُخل والحِرص، أمّا بالاصطلاح فقد عرّفه الأصفهانيّ بأنه البُخل مع الحِرص وهو عادة من عادات الإنسان، فيما عرفه الطبريّ أنه الإفراط بالحِرص على أي أمر من أمور الحياة. [١]
الفرق بين البُخل والشُّحِّ
يختلف مفهوم الشح عن البُّخل بعدة أمور، من أبرزها ما يأتي: [٣]
إن البُخل هو اتصاف الإنسانُ بالكرم على ذاته والبخل على من حوله، أمّا الشُّحُّ فهو بخل الإنسان على ذاته وعلى من حوله بنفس الوقت. يعدّ الشُّحُّ منحدرًا من البخل وأحد منازله، وهو أقسى منازله، فالإنسان الشحيح هو من يبخل على من أتى يسأل بطريقة تهيج الفؤاد دون أن يَرِق القلب له، والإنسان البخيل هو الذي انصرفَ أو تولّى عن الصدقة ، ومن الممكن التفريق ما بين البخل والشح عن طريق تحديد تعريف كل مفهوم، فالشح هو أن يحرص الإنسان على أمر ويلح في طلبه، مع الاستقصاء بتحصيله، مع وجود طمع في النفس، فيما أن البخل يُعرّف منع الإنفاق بعد حصول الإنسان على المال وإمساكه وحبه، فالشح هو قبل الحصول على المال، والبخل بعد الحصول عليه، ويعدّ الشح أحد ثمرات البخل، وهو طريق إليه. [٤] والدليل على قوله تعالى: ((وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) سورة الحشر ، آية: 9.