طلبة الطلبة-أبوحفص النسفي-توفي: 537هـ/1142م 5-تاج العروس (فوض) [فوض]: فَوَّضَ إِلَيْه الأَمْرَ تَفْوِيضًا: رَدَّهُ إِلَيْهِ، وجَعَلَهُ الحاكِمَ فِيه. ومنهُ قَوْلُهُ تَعالَى: {وَ} أُفَوِّضُ {أَمْرِي إِلَى اللهِ}. وفَوَّضَ المَرْأَةَ تَفْوِيضًا: زَوَّجَها بِلا مَهْرٍ وهو نِكَاحُ التَّفْوِيضِ. وقَوْمٌ فَوْضَى، كسَكْرَى: مُتَسَاوُونَ لا رَئِيسَ لَهُمْ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للأَفْوُهِ الأَوْدِيّ: لا يَصْلُحُ النَّاسُ فَوْضَى لا سَرَاةَ لَهُمْ *** ولا سَرَاةَ إِذَا جُهَّالُهمْ سَادُوا أَو النَّاسُ فَوْضَى؛ أَي مُتَفَرِّقُونَ، قَالَهُ اللَّيْثُ. قال: وهُوَ جَمَاعَةُ الفَائِضِ، ولا يُفْرَدُ كما يُفْرَدُ الوَاحِدُ من المُتَفَرِّقِين. والوَحْشُ فَوْضَى؛ أَي مُتَفَرِّقَة تَتَرَدَّد. أَوْ نَعَامٌ فَوْضَى: مُخْتَلِطٌ بَعْضُهُم ببَعْضٍ، وكَذلِكَ جَاءَ القَوْمُ فَوْضَى، كما في الصّحاح. وقِيلَ: هُم الّذِينَ لا أَميرَ لَهُم، ولا مَنْ يَجْمَعُهُم. وأَمْرُهُمْ فَوْضَى بَيْنَهُم وفَيْضَى: مُخْتَلِطٌ، عن الِّلحْيَانِيّ: وقال: مَعْنَاه: سَوَاءٌ بَيْنَهُمْ. لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم - أبو الأسود الدؤلي - الديوان. ويُقَالُ: أَمْرُهُمْ فَوْضُوضَاءُ بَيْنَهُمْ، بالمَدّ، ويُقْصَرُ، إِذَا كَانِوا مُخْتَلِطِينَ يَتَصَرَّفُ كُلُّ مِنْهُمْ فِيمَا لِلآخَرِ، يَلْبَس هذَا ثَوْبَ هذَا، ويَأْكُلُ هذَا طَعَامَ هذَا، لا يُؤامِرُ وَاحِدٌ مِنْهُم صاحِبَهُ فِيما يَفْعَلُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ.
لا صلاح مع الفوضى .. ولا سَراة مع الجهل
لذا فهناك رؤى معتمة في طريق المستقبل.
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم - أبو الأسود الدؤلي - الديوان
وقد فطر الإنسان على العيش في جماعة (مجتمع/ دولة) لأنه لا يستطيع العيش إلا في مجتمع، ولا يشبع حاجاته إلا عيشه مع آخرين من بني جنسه. وهذه الغريزة أدت لنشوء المجتمعات المختلفة. ونشوء المجتمعات أدى إلى ضرورة «تنظيم» هذه المجتمعات، أي حسن إدارتها (سياستها) كي لا تسود فيها الفوضى، ويسري طغيان الأقوى على الأضعف. ومن هنا، نشأت الحاجة الماسة للسلطة السياسية، ونشأ التفكير في تطويعها لخدمة البشر. وهذا أقرب تفسيرات أصل «السلطة الحكومية» (الدولة). عقب ذلك مباشرة، انتشرت الجماعات هنا وهناك... مكونة عشائر، فقبائل.... وبذلك، يمكن القول إن «القبيلة» (Tribe) أو «الدولة القبلية» بمكوناتها وتنظيمها التقليدي المعروف، هي أول صور الدولة وأكثرها بدائية. الناس فــوضى.. لا «ســـراة» لهم..!. ثم بدأت الدولة تتخذ بعد ذلك صوراً متطورة مختلفة... إلى أن وصلت إلى وضع الدولة «القومية» الحالي. حيث يقول المؤرخون إن «الدولة» قد مرت في تطورها التاريخي بست مراحـل متتالية، هي كالتالي، لمن يهمه الأمر: 1 ـ مرحلة الدولة القبلية: وبدأت منذ الأزل، واستمرت هي السائدة حتى سنة 3000ق. م. تقريباً. وكان هناك دول بعدد القبائل. ثم: 2 ـ مرحلة نموذج دولة الإمبراطورية الشرقية القديمة: اذ سادت عدة إمبراطوريات في الشرق، حول الأنهار: منذ حوالى سنة 3000ق.
الناس فــوضى.. لا «ســـراة» لهم..!
الأَفْوَه لقب للشاعر الجاهلي صَلاءة بن عمرِو بنِ.... أَوْد، لُقب (الأَفْوَه) لاتساع فمه. وكان يُقال لأبيه: عمرُو بن مالك "فارس الشوهاء"، وفي ذلك يقول الأفوه:
أَبِي فَارِسُ الشَّوْهَاءِ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ
غَدَاةَ الْوَغَى إِذْ مَالَ بِالْجَدِّ عَاثِرُ
(الشوهاء- الفرس الطويلة الرائعة المشرفة)
كان الأفوه سيد قومه وقائدهم في حروبهم، وكانوا يصدرون عن رأيه، والعرب تعدّه من حكمائها (ت. 50 قبل الهجرة). لا صلاح مع الفوضى .. ولا سَراة مع الجهل. الأصفهاني- الأغاني - (ج 12 ، ص 198)
من القصائد الحكِْمية التي تدل على عمق تجربة الشاعر ونفاذه في الأمر قصيدته الدالية التي تتحدث عن المجتمع والقيادة، فحاولْ أن تقرأ وتتفهم أوضاعنا السياسية والاجتماعية من خلال كلمات هذا الشاعر الحكيم:
تَبْقَى الأُمُورُ بِأَهْلِ الرَّأْيِ مَا صَلَحَتْ
فإن تولّت فبالأشرار تنقادُ
فهل تُقاد أمورنا اليوم بأهل الرأي أم بالأشرار؟
أترك لكم الجواب! مطلع قصيدة الأفوه كما وردت في كتاب أبي علي القالي-(الأمالي، ج2، ص 221):
فينا معاشرُ لم يبنوا لقومهمِ
وإن بنى قومهم ما أفسدوا عادوا
واقرأ معي هذا التشبيه التركيبي والتمثيلي،
وَالْبَيْتُ لاَ يُبْتَنَى إِلاَّ لَهُ عُمُدٌ
ولا عمادَ إذا لم تُرسَ أوتادُ
فكما أن البيت يستلزم الأعمدة، والعمود يستلزم أن يبنى له أساس يُقام عليه، فهكذا المجتمع -وهو هنا مدار اهتمامه- يجب أن يكون فيه رجال صالحون أعمدة القوم، ويكونون مؤسَّسين على القيم ليقودوه إلى بر الأمان.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
إقرأ أيضاً
رياضة وشباب
محليات
م، حتى سنة 1000ق. م، تقريباً، ثم: 3 ـ مرحلة دولة المدينة: حيث كان نموذج الدولة الصغيرة جداً (المدينة) هو السائد عالمياً. وبدأت منذ سنة 1000ق. تقريباً، واستمرت هي السائدة حتى حوالى سنة 300ق. ثم: 4 ـ مرحلة الإمبراطورية الرومانية: وبدأت منذ سنة 300ق. م (تقريباً)، واستمرت هي السائدة حتى سنة 500 ميلادية، ثم: 5 ـ مرحلة الدولة الإقطاعية: وبدأت منذ سنة 500م (تقريباً)، واستمرت حتى سنة 1800م ـ تقريباً. ثم: 6 ـ مرحلة الدولة القومية: وبدأت منذ سنة 1800م (تقريباً)، ومازالت قائمة حتى الآن (عدد الدول حاليا 199). **** أي أننا الآن في عصر الدولة القومية. وهذا لا يعني عدم وجود النماذج (الأطوار) الأخرى، عبر كل مراحل التاريخ والعصور. ففي العصور الوسطى (مثلاً) وجدت الدولة الإسلامية، كإمبراطورية كبيرة موحدة، في الوقت الذي كان فيه نموذج الدولة «الإقطاعية» هو السائد في أوروبا. ونتيجة لـ«تعدد» الدول، نشأ ما يعرف بـ«العلاقات الدولية».