الأول قولهم: ( ربنا غلبت علينا شقوتنا) وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قال صاحب "الكشاف": غلبت علينا: ملكتنا ، من قولك: غلبني فلان على كذا: إذا أخذه منك، والشقاوة: سوء العاقبة، قرئ: " شقوتنا " بفتح الشين وكسرها فيهما، قال أبو مسلم: الشقوة من الشقاء كجرية الماء، والمصدر الجري، وقد يجيء لفظ فعلة، والمراد به الهيئة والحال، فيقول: جلسة حسنة وركبة وقعدة ، وذلك من الهيئة، وتقول: عاش فلان عيشة طيبة ومات ميتة كريمة، وهذا هو الحال والهيئة، فعلى هذا ، المراد من الشقوة حال الشقاء. المسألة الثانية: قال الجبائي: المراد أن طلبنا اللذات المحرمة وحرصنا على العمل القبيح ساقنا إلى هذه الشقاوة، فأطلق اسم المسبب على السبب، وليس هذا باعتذار منهم لعلمهم بأن لا عذر لهم فيه، ولكنه اعتراف بقيام حجة الله تعالى عليهم في سوء صنيعهم. قلنا: إنك حملت الشقاوة على طلب تلك اللذات المحرمة، وطلب تلك اللذات حصل باختيارهم أو لا باختيارهم، فإن حصل باختيارهم فذلك الاختيار محدث، فإن استغنى عن المؤثر فلم لا يجوز في كل الحوادث ذلك، وحينئذ ينسد عليك باب إثبات الصانع، وإن افتقر إلى محدث, فمحدثه إما العبد أو الله تعالى; فإن كان هو العبد فذلك باطل لوجوه:
أحدها: أن قدرة العبد صالحة للفعل والترك، فإن توقف صدور تلك الإرادة عنها إلى مرجح آخر، عاد الكلام فيه ولزم التسلسل، وإن لم يتوقف على المرجح فقد جوزت رجحان أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح، وذلك يسد باب إثبات الصانع.
- إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المؤمنون - قوله تعالى قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين- الجزء رقم9
إسلام ويب - التفسير الكبير - سورة المؤمنون - قوله تعالى قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين- الجزء رقم9
وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض، فأطبقت عليهم. قال عبد الله بن المبارك في حديثه: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه قال: فذلك قوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَحدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، أنه قال: فوالذي أنزل القرآن على محمد، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، ما تكلم أهل النار كلمة بعدها إلا الشهيق والزَّعيق في الخلد أبدا، ليس له نفاد. قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كنا في جنازة ومعنا أبو جعفر القارئ، فجلسنا، فتنحى أبو جعفر، فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا جعفر؟ قال: أخبرني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون. وقوله: ( وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) يقول: كنا قوما ضَلَلْنا عن سبيل الرشاد، وقصد الحقّ.
وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض، فأطبقت عليهم. قال عبد الله بن المبارك في حديثه: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه قال: فذلك قوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، أنه قال: فوالذي أنـزل القرآن على محمد، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، ما تكلم أهل النار كلمة بعدها إلا الشهيق والزَّعيق في الخلد أبدا، ليس له نفاد. قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كنا في جنازة ومعنا أبو جعفر القارئ، فجلسنا، فتنحى أبو جعفر، فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا جعفر؟ قال: أخبرني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون. وقوله: ( وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) يقول: كنا قوما ضَلَلْنا عن سبيل الرشاد، وقصد الحقّ.