لما تتبّعَ أصوليو الإسلام النصوصَ، وجدوا أنها تستحضر الفجوةَ بين التحريم القطعي الدائم، والواقع المتغير، فاستخرجوا قواعدَ ليست نصًا من الكتاب والسنة، ومن أبرزها قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)، إلا أنَّ التلقي لهذه القاعدة، قيّدها بمقيدات نَصّية تتوازى مع حالة الفرد في اندماجه مع مفهومِ الدولة التوسّعية؛ إذ النموذج القديم له مفاهيمه المغايرة للدولة الحديثة، فقالوا إنَّ هذه القاعدة مقيدة بمثلِ آية: (فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فلا إثم عليه)، وقد كانت في سياق تحريم لحم الخنزير. والبغي والعدوان -هنا- انحصرا في مفاهيم فردية متسقة مع النموذج التوسعي القديم، ومن ثم تُلقِّي بما يوازيه، أما حين زال مفهوم الدولة الإسلامية التوسعية، فإنَّ إخراجَ هذه القاعدة من قيودها السابقة أصبحت ضرورة براغماتية، أي بإلباسها قيودًا عملية تتسق مع مشكلات الحقوق الإنسانية العابرة للحدود الضيقة، ومن ثم يحدث انفتاحٌ لم يخالف قواعدَ النصِّ الماضي، إلا بإخراجه من ضيق الزمن المعين، ومن النظرة إلى الحقيقة كموضوعٍ مستقل عن صيرورتنا العملية، فتكون التعددية وحماية الحريات الفردية -من أن يغتصبها مغتصبٌ- أُسسًا فكرية حتى لمن يستخدم هذه القاعدة بإطلاقها من سياقها القديم.
- الضرورات تبيح المحظورات – Felsafa – فلسفة
- Books ضرورات تبيح محظورات - Noor Library
الضرورات تبيح المحظورات – Felsafa – فلسفة
في الواقع جاء إعلان الدوحة، وتوحيد موقف الحركة بشأنه بهذه السرعة القياسية ليؤكد رسوخ دور وصلاحية المكتب السياسي، ورئيسه، ليؤكد أيضاً قدرة القيادة الحمساوية على الحفاظ على وحدة وتماسك الحركة، ورسوخ التحولات الجارية فيها والتي يقودها منذ بعض الوقت الأخ خالد مشعل باقتدار، خصوصاً فيما يتعلق بالمصالحة الوطنية، بكل ما تنطوي عليه من استحقاقات. تدرك قيادة الحركة، أن ثمة عوامل مستجدة في الوضعين العربي والفلسطيني، تمنحها فرصة تاريخية للانتقال المتدرج، نحو اكتساب الشرعية، والمنافسة على المؤسسة والقرار والتمثيل الفلسطيني، وبالتالي تحقيق طموحاتها وبرنامجها وأهدافها بإضفاء البعد الإسلامي على كل ما يتصل بالشأن الفلسطيني. لقد أفضت التغيرات في المغرب وتونس ومصر، إلى تقدم كبير حققته حركة الإخوان المسلمين التي تشكل حماس فرعها الفلسطيني، حتى باتت هذه الحركة مؤهلة لقيادة المرحلة المقبلة، وبما يشكل دعماً قوياً وأكيداً لحركة حماس، ولتعزيز دورها وتجربتها على الصعيد الفلسطيني. الضرورات تبيح المحظورات – Felsafa – فلسفة. يتحدث الناس عن الربيع العربي. ويتحدث الإسلاميون عن الربيع الإسلامي ونهضة المشروع الإسلامي، الأمر الذي يقتضي التكيف في الخطاب والبرنامج والوسائل، مع مرحلة جديدة تسمح للإخوان المسلمين بتقديم مشروعهم، وخوض غمار التجربة من موقع المسؤولين الأولى على قمة الهرم السياسي في أكثر من بلد.
Books ضرورات تبيح محظورات - Noor Library
يترافق هذا التطور، مع أشارات واضحة من قبل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، للتعاون مع القوى الجديدة، شرط أن تبدي هذه القوى تفهماً للالتزامات والاتفاقيات والمصالحة التي تتصل بسياسات واستراتيجيات هذه الدول بما في ذلك المحافظة على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. وبصفة عامة تنسحب هذه الوجهة على حركة حماس في فلسطين، التي لم يعد مطلوباً منها الاستجابة لشرط الاعتراف بإسرائيل، طالما انخرطت في منظمة التحرير الفلسطينية التي اعترفت سابقاً بإسرائيل ولم تسحب اعترافها حتى الآن. وعلى ذات الخط، يمكن القول إن حركة حماس أصبحت مقبولة نسبياً من طرف الدول الغربية، ذلك أنها تواصل الانخراط في السلطة الفلسطينية، بما ينطوي عليه من استحقاقات، وطالما أنها تبدي سلوكا منضبطا إزاء موضوع استخدام العنف ضد إسرائيل بدليل التزامها بالتهدئة في قطاع غزة، وقبول رئيسها في وقت سابق لاعتماد المقاومة الشعبية كأولوية وذلك خلال لقائه بالرئيس محمود عباس في ديسمبر الماضي في القاهرة. ثمة إذا محاولة من قبل حركة حماس للتكيف مع طبيعة المرحلة المقبلة، التي تشهد تصاعداً لدور الحركات الإسلامية، والتي تبدي مرونة معقولة إزاء النظر لمصالح الآخرين.
ولربما سافرت امرأة من غير محرم في غير ضرورة ولا حاجة تنزل منزلة الضرورة، فإذا ذكرت بالله قالت: الضرورات تبيح المحظورات، ولربما ترك إنسان الصلاة في يوم عرسه وما بعده من أيام، فإذا ذكر بالله قال: الضرورات تبيح المحظورات. ولربما تساهل إنسان في معاملة ربوية واضحة ظاهرة، فإذا ذكر بالله قال: الضرورات تبيح المحظورات، وهكذا يخطئ كثير من الناس في تنزيلها. ثم يخطئون ثانياً في ضوابطها الشرعية، فيعتقد كثير من الناس ما ليس بضرورة ضرورة. ويخطئون ثالثاً من جهة الرضا بالواقع، فإن هذه الضرورات التي شرعت في أحوال مخصوصة مخالفة للدليل الشرعي الثابت دفعاً لهلاك أو خطر، كثير من الناس يجعلها أصلاً لازماً فيأخذ بالرخصة، ويعض عليها ولا يفارقها، سواء كانت الحالة تستحق أو لا تستحق. تعريف الضرورة وجوانب تطبيقها
أنواع الضرورات
أيها المسلمون يا عباد الله! الضرورة من جهة الشمول: إما أن تكون ضرورة عامة، وإما أن تكون خاصة. فالضرورة العامة: كحالات القحط والمجاعات التي تعم البلاد، ففي هذه الحالة يجوز للناس عموماً كل من خشي على نفسه هلاكاً، أو خشي على عقله تلفاً أن يتناول الميتة المحرمة، أن يتناول الدم، أن يتناول من الحيوان الذي لا يجوز أكله في حال السعة.