ولقد نقلت الآيات قارون من الجريمة الفردية إلى الجريمة الاجتماعية أو بلغة الأدب ـ من الشخص إلى المصطلح ومن الحدث إلى الرمز (1) لتصبح "القارونية" عباءة لكل "قارون" معاصر أو ثري جَحود. بين أهل الدنيا وأولي العلم
لم يكد قارون يفرغ من عرض ثروته، واستعراض زينته إلا وقد أشعل في قلوب الدنيويين مشاعر التلهف وشعائر التأسف ألا يكون لهم مثل هذه الثروة: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾؛ فجاءت إغاثة اللهفان ـ شأنها في كل زمان ومكان ـ من أهل العلم الذين حذّروا من خطورة النظرة السطحية للأمور، والتي تريد الدنيا للدنيا، ثم لفت أهلُ العلم الأنظار إلى حقيقة ﴿ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ﴾. يحسب ان ماله اخلده - شبكة همس الشوق. فذلكما الأمران هما المطلوبان والمحبوبان؛ ثواب الله والإيمان به. وفي ذلك تنبيه لـ "الدنيويين" على مدار التاريخ ـ وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ـ أن الثروة قد تدلف فجأة، ولكن ترويض النفس على الإيمان والعمل الصالح منزلة ﴿وَلا يُلَقَّاهَا إلاَّ الصَّابِرُونَ﴾. بين اليقين واهتزاز التصور
بدا في التفاوت بين أولي العلم وبين أهل الدنيا الطامعين الطامحين، الذين اضطربت القيم لديهم حتى عظّموا أمر الدنيا بما لا يليق، وانبهروا بشخص كان يجب أن يتقدم بغضه وانتقاده ـ لانحرافه ـ على الاعجاب به.
يحسب ان ماله اخلده - شبكة همس الشوق
وإذا جاء أمر فإنه يترك كل القوى اللائذة بأهل المال رغبة أو رهبة - عاجزة عن أي دور:]فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ومَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ[ وبقدر ما كان الانتقام فاجعاً لقارون كان مفاجئاً للدنيويين فقد انتزعتهم النهاية من زيف أحلامهم وسكرة مشاعرهم لتوقفهم على الأخذ الأليم؛ فيصرخون [ وَيْ] لتبصر البصائر ما عجزت عنه النواظر، ويدركون ألا علاقة بين الهداية والثراء؛ فالله: [ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ويَقْدِرُ]. كما يعترفون بفضل الله عليهم لتدارك رحمته - إياهم - بنصح أولي العلم:]لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا [، كما يخرجون بتجربة ناجحة عن مستقبل الثراء الكافر: [ وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الكَافِرُونَ] ، والتعبير بالمضارع [ لا يُفْلِحُ] يفيد ديمومة الحكم ما وُجدت أطراف القضية. وإذا كان الفوز في الآخرة هو الفوز، فالطريق إليه يبدأ في الدنيا بتجنُّب التجبُّر: [ لا يُرِيدُونَ عُلُواً] ، ومجانبة الفساد بكل مضامينه: [ وَلا فَسَاداً] ، ولئن قُدر للمبطلين أن يهيمنوا بعض الوقت فلن يتأتى لهم ذلك دائماً أو انتهاءً؛ لأن [ الْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ] [القصص:83].
إعراب القرآن الكريم: إعراب يحسب أن ماله أخلده (3)
( ويل لكل همزة لمزة ( 1) الذي جمع مالا وعدده ( 2) يحسب أن ماله أخلده ( 3) كلا لينبذن في الحطمة ( 4) وما أدراك ما الحطمة ( 5) نار الله الموقدة ( 6) التي تطلع على الأفئدة ( 7) إنها عليهم مؤصدة ( 8) في عمد ممددة ( 9)) الهماز: بالقول ، واللماز: بالفعل. يعني: يزدري بالناس وينتقص بهم. وقد تقدم بيان ذلك في قوله: ( هماز مشاء بنميم) [ القلم: 11]. قال ابن عباس: ( همزة لمزة) طعان معياب. وقال الربيع بن أنس: الهمزة ، يهمزه في وجه ، واللمزة من خلفه. وقال قتادة: يهمزه ويلمزه بلسانه وعينه ، ويأكل لحوم الناس ، ويطعن عليهم. وقال مجاهد: الهمزة: باليد والعين ، واللمزة: باللسان. وهكذا قال ابن زيد. وقال مالك ، عن زيد بن أسلم: همزة: لحوم الناس. ثم قال بعضهم: المراد بذلك الأخنس بن شريق. وقيل غيره. وقال مجاهد: هي عامة. وقوله: ( الذي جمع مالا وعدده) أي: جمعه بعضه على بعض ، وأحصى عدده كقوله: ( وجمع فأوعى) [ المعارج: 18] قاله السدي وابن جرير. وقال محمد بن كعب في قوله: ( جمع مالا وعدده) ألهاه ماله بالنهار ، هذا إلى هذا ، فإذا كان الليل ، نام كأنه جيفة. وقوله: ( يحسب أن ماله أخلده) أي: يظن أن جمعه المال يخلده في هذه الدار ؟ ( كلا) أي: ليس الأمر كما زعم ولا كما حسب.
04-20-2022, 09:54 AM
تفسير { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)}
{ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)} وقوله: ( يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ)
يقول: يحسب أن ماله الذي جمعه وأحصاه, وبخل بإنفاقه, مخلده في الدنيا, فمزيل عنه الموت. وقيل: أخلده, والمعنى: يخلده, كما يقال للرجل الذي يأتي الأمر الذي يكون سببا لهلاكه: عطب والله فلان, هلك والله فلان, بمعنى: أنه يعطب من فعله ذلك, ولما يهلك بعد ولم يعطب; وكالرجل يأتي الموبقة من الذنوب: دخل والله فلان النار. المصدر: منتديات اول اذكاري - من آيات الذكر الحكيم~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ