togelmaster.news
. خواطر الشعراوي لتعريف بمن "يختانون أنفسهم" | مصراوى. [بياض بالأصل] نصبه على التمييز، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ} [الأنفال:47]، فقوله: {سَفِهَ نَفْسَهُ} معناه: إلا من سفهت نفسه، أى كانت سفيهة، فلما أضاف الفعل إليه نصبها على التمييز، كما فى قوله: {وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} [مريم: 4]، ونحو ذلك. وهذا اختيار ابن قُتَيْبَة وغيره، لكن ذاك نكرة وهذا معرفة. وهذا الذى قاله الكوفيون أصح فى اللغة والمعنى؛ فإن الإنسان هو السفيه نفسه، كما قال تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ} [البقرة:142]، {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء} [النساء: 5]، فكذلك قوله: {تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ} أى: تختان أنفسكم، فالأنفس هى التى اختانت، كما أنها هى السفيهة.
والُمجَامِع، إن كان جامع امرأته وهى لا تعلم أنه حرام فقد خانها، والأول أشبه. والصيام مبناه على الأمانة؛ فإن الصائم يمكنه الفطر ولا يدرى به أحد، فإذا أفطر سراً فقد خان أمانته، والفطر بالجماع المستور خيانة، كما أن أخذ المال سراً وإخبار الرسول والمظلوم ببراءة السقيم وسقم البرىء خيانة، فهذا كله خيانة، والنفس هى التى خانت؛ فإنها تحب الشهوة والمال والرئاسة، وخان واختان مثل كسب واكتسب، فجعل الإنسان مختاناً. ثم بين أن نفسه هى التى تختان، كما أنها هى التى تضر؛ لأن مبدأ ذلك من شهوتها، ليس هو مما يأمر به العقل والرأى، ومبدأ السفه منها لخفتها وطيشها، والإنسان تأمره نفسه فى السر بأمور ينهاها عنه العقل والدين فتكون نفسه اختانته وغلبته، وهذا يوجد كثيراً فى أمر الجماع والمال؛ ولهذا لا يؤتمن على ذلك أكثر الناس ويقصد بالائتمان من لا تدعوه نفسه إلى الخيانة فى ذلك. قال سعيد بن المُسَيَّب: لو ائتمنت على بيت مال لأديت الأمانة، ولو ائتمنت على امرأة سوداء لخفت ألا أؤدى الأمانة فيها وكذلك المال لا يؤتمن عليه أصحاب الأنفس الحريصة على أخذه كيف اتفق. وهذا كله مما يبين أن النفس تخون أمانتها، وإن كان الرجل ابتداء لا يقصد الخيانة، فتحمله على الخيانة بغير أمره، وتغلبه على رأيه؛ ولهذا يلوم المرء نفسه على ذلك ويذمها، ويقول: هذه النفس الفاعلة الصانعة؛ فإنها هى التى اختانت.
كنب ايكيا بيج, 2024