ثم قال ابلعي ولم يقل ابتلعي لأن ابتلعي فيها مدة طويلة وجهد لكن الآن ابلعي في أقصر وقت. ابتلعي فيها وقت أطول من قبيل زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى ابلعي وابتلعي من حيث الدلالة واحدة وإنما من حيث الزمن مختلف، ابلعي الأمر ينفذ بسرعة وابلعي أوجز من ابتلعي. ثم قال ابلعي ماءك لم يقل ابلعي كما قال أقلعي بل ذكر مفعول البلع لأن بلع الماء هو المقصود لو قال ابلعي تبلع الأشجار والناس وما عليها هي تنفذ ما تسمع لذلك حدد ما تبلعه (ماءك). سؤال: بلع فعل متعدي وأقلع فعل متعدي بحرف الجر (عن) لكن قال في السماء أقلعي؟ هل تقلع عن المطر؟
في السماء قال أقلعي في الأصل السماء فيها مطر ليس فيها غير المطر. وقيل يا أرض ابلعي ماءك بلاغة. ثم قال (ماءك) أضاف الماء إليها لأن الماء أصبح ماءها هي لأنه ما نزل من السماء هو لها سيكون في الأرض وهو في الأصل من الأرض تبخر وصعد من البحار ورجع لها فالماء ماءها سواء كان نازلاً من السماء أو كان فيها لم يقل ابلعي الماء وإنما ماءك. قبلها قال (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ (43) هود) لأن الموج عامة للبحار. ولكن قال ابلعي الماء ولم يقل ماء الموج وإنما الماء عموماً الذي نزل من السماء والذي تفجر من الأرض. نادى السماء فقال اقلعي يعني أمسكي وكُفّي لأنه معلوم القصد منه.
تفسير: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الطبعة الثانية / ص57. 2- في الصفحة 387 وما بعدها. 3- الطبعة الثانية ص55.
حيّاك الله السائل الكريم، ونفع الله بك، الكلمة هي (وغيض)، وبالنسبة إلى سؤالك عن معنى وغِيضَ الماء في الآية الكريمة، فإنّ الآية بدايةً تتحدّث عن هلاك قوم نوح عندما أمر الله تعالى نوح عليه السّلام أنْ يركب السفينة ومن آمن معه؛ ليُغرق قوم نوح لما كانوا عليه من الكفر والعصيان. وبعدما تناهى أمر الله في هلاك قوم نوح قال للأرض أنْ تبلع ماءها؛ أي أنْ تشربها، وقال للسّماء أنْ تُقْلِع؛ أي أنْ تمسك عن المطر، وغِيضَ الماء أي نَقَصَ الماء وذهبت به الأرض ونَشِفَته ، ثمّ قُضِيَ أمر الله بهلاك قوم نوح، واستوتْ وأرستْ السفينة على جبل الجوديّ، وهو جبل يقع من ناحية الموصل والجزيرة.