قوله تعالى: وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا قوله تعالى: وربطنا على قلوبهم عبارة عن شدة عزم وقوة صبر ، أعطاها الله لهم حتى قالوا بين يدي الكفار: ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا. [ ص: 328] ولما كان الفزع وخور النفس يشبه بالتناسب الانحلال حسن في شدة النفس وقوة التصميم أن يشبه الربط; ومنه يقال: فلان رابط الجأش ، إذا كان لا تفرق نفسه عند الفزع والحرب وغيرها. ومنه الربط على قلب أم موسى. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الكهف - قوله تعالى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا- الجزء رقم8. وقوله - تعالى -: وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام وقد تقدم. قوله تعالى: إذ قاموا فقالوا فيه مسألتان:
الأولى: قوله - تعالى -: إذ قاموا فقالوا يحتمل ثلاثة معان: أحدها: أن يكون هذا وصف مقامهم بين يدي الملك الكافر - كما تقدم ، وهو مقام يحتاج إلى الربط على القلب حيث خالفوا دينه ، ورفضوا في ذات الله هيبته. والمعنى الثاني فيما قيل: إنهم أولاد عظماء تلك المدينة ، فخرجوا واجتمعوا وراء تلك المدينة من غير ميعاد; فقال أسنهم: إني أجد في نفسي أن ربي رب السماوات والأرض; فقالوا ونحن كذلك نجد في أنفسنا. فقاموا جميعا فقالوا: ربنا رب السماوات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الكهف - قوله تعالى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا- الجزء رقم8
• قصة أهل الكهف نتلوها كل جمعة وفيها عبر مختلفة ودروس متنوعة، ومن أهمها الثبات الذي قذفه الله في قلوبهم وربطنا على قلوبهم.. • رباط وثبات حال دون رجوعهم ، وربط أسعدهم بإيمانهم وطريقهم المختار. • وثبات جعلهم يتنازلون عن دنياهم وزينتهم( إذ قاموا فقالوا ربنا رب السموات والأرض). • وربطٌ وثبات حملهم على الدعوة وامتطاء الصبر( لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذاً شططا). • وربطنا على قلوبهم،، برغم القلة والضعف والوحشة، فذهب ما في نفوسهم من الوجل والتوجس وبذلوا بكل بأس وشجاعة. • وربطنا على قلوبهم.. برغم المكر الوثني، ومحاولات التعرض لهم بكل صنوف الأذى..! • وربطنا على قلوبهم بالثبات والصبر بحيث لا يخافوا ولا يحزنوا، ويصدعون بما ألهمهم المولى تعالى.. نظير الصحابة في بدر( وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام) سورة الأنفال. ورباط قلبي نحو ما حصل لأم موسى عليهما السلام( لولا أن ربطنا على قلبها) سورة القصص. • ويكتمل الرباط الإيماني بسبب صدق أهله، وإيثارهم ما عند اللهِ، ولهجهم بالذكر والتوحيد. وسئل الإمام أحمد عن الصدق فقال( بهذا ارتفع القوم). • وانتهى رباط أهل الكهف بأن حماهم الله وجعلهم آية للعالمين( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا) سورة الكهف.
•* ولجمال* هذا* الرباط* جعلهم* يقدمون* مرضاة* الله* على* كل* شيء* ويؤثرونه* على* كل* الملاذ* ،* غير* مبالين* بزينة* فاخرة،* أو* نفائس* فاتنة* «وكذلك* الإيمان* إذا* خالطت* بشاشته* القلوب» * كما* في* حديث* هرقل* المشهور*. •* ويتولد* مع* هذا* الرضا* وتلكم* القناعة* بصحة* الطريق* حب* العمل* والتضحية،* وعدم* الانجراف* إلى* مراتع* الهوى* كما* قال* السحرة* التائبون* {لن* نؤثرك* على* ما* جاءنا* من* البينات* والذي* فطرنا* فاقضِ* ما* أنت* قاضٍ} *) سورة* طه)*. •* انحلال* الرباط* ويبوسة* شعيراته* وخيوطه* راجع* إلى* سبل* التقصير* والهوان،* والضعف* في* مجاهدة* الهوى*. ( {وجاهدوا* في* الله* حق* جهاده} *) سورة* الحج)*. •* ويمتلك* بعض* الناس* مؤهلات* هذا* الرباط* فلا* يستعملها* في* الدعوة* والنفع* والبلاغ* ،* فيطول* عليها* الأمد،* وتصاب* بالذبول* والتلوث*. •* وتمتحن* أربطة* اهل* الإيمان* بالدنيا* ومفاتنها،* والأزمات* وشدائدها،* والمناصب* وابتزازاتها،* والشهوات* وغوائلها*( «حُفت* الجنة* بالمكاره* وحفت* النار* بالشهوات» *.