وقد اغتر بهذا الحديث
جماعة من الفقهاء كصاحب (الإحياء) وغيره وكذا من المفسرين، وقد رويت صلاة هذه
الليلة- أعني: ليلة النصف من شعبان على أنحاء مختلفة كلها باطلة موضوعة، ولا
ينافي هذا رواية الترمذي من حديث عائشة لذهابه إلى البقيع، ونزول الرب ليلة
النصف إلي سماء الدنيا، وأنه يغفر لأكثر من عدة شعر غنم بني كلب، فإن الكلام
إنما هو في هذه الصلاة الموضوعة في هذه الليلة، على أن حديث عائشة هذا فيه
ضعف وانقطاع، كما أن حديث علي الذي تقدم ذكره في قيام ليلها، لا ينافي كون
هذه الصلاة موضوعة، على ما فيه من الضعف حسبما ذكرناه" انتهى المقصود. وقال الحافظ العراقي: (حديث صلاة ليلة النصف موضوع على رسول الله وكذب عليه،
وقال الإمام النووي في كتاب: (المجموع): (الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي
اثنتا عشرة ركعة بين المغرب والعشاء، ليلة أول جمعة من رجب، وصلاة ليلة النصف
من شعبان مائة ركعة، هاتان الصلاتان بدعتان منكرتان، ولا يغتر بذكرهما في
كتاب: (قوت القلوب)، و(إحياء علوم الدين)، ولا بالحديث المذكور فيهما، فإن كل
ذلك باطل، ولا يغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة فصنف ورقات في
استحبابهما، فإنه غالط في ذلك). وقد صنف الشيخ الإمام: أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي كتابا نفيسا
في إبطالهما، فأحسن فيه وأجاد، وكلام أهل العلم في هذه المسألة كثير جدا، ولو
ذهبنا ننقل كل ما اطلعنا عليه من كلام في هذه المسألة، لطال بنا الكلام، ولعل
فيما ذكرنا كفاية ومقنعا لطالب الحق.
- ليلة النصف من شعبان ٢٠٢٢
- ليلة النصف من شعبان اسلام ويب
ليلة النصف من شعبان ٢٠٢٢
دعاء ليلة النصف من شعبان
هناك العديد من الأدعية المأثورة عن السلف الصالح والتي من المعتاد ترديدها في ليلة 15شعبان ومن هذه الأدعية ما يلي:-
«اللَّهُمَّ يَا ذَا الْمَنِّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ، يَا ذَا الطَّوْلِ وَالإِنْعَامِ. لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ظَهْرَ اللَّاجِئينَ، وَجَارَ الْمُسْتَجِيرِينَ، وَأَمَانَ الْخَائِفِينَ.
ليلة النصف من شعبان اسلام ويب
ولما كانت ليلة القدر وليالي رمضان يشرع قيامها والاجتهاد فيها، نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وحث الأمة على قيامها، وفعل ذلك بنفسه كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه. فلو كانت ليلة النصف من شعبان، أو ليلة أول جمعة من رجب، أو ليلة الإسراء والمعراج بشرع تخصيصها باحتفال أو شيء من العبادة لأرشد النبي صلى الله عليه وسلم الأمة إليه أو فعله بنفسه ولو وقع شيء من ذلك لنقله الصحابة رضي الله عنهم إلى الأمة ولم يكتموه عنها، وهم خير الناس وأنصح الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورضي الله عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرضاهم. وقد عرفت آنفاً من كلام العلماء: أنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه رضي الله عنهم شيء في فضل ليلة أول جمعة من رجب، ولا في فضل ليلة النصف من شعبان فعلم أن الاحتفال بهما بدعة محدثة في الإسلام، وهكذا تخصيصهما بشيء من العبادة بدعة منكرة، وهكذا ليلة سبع وعشرين من رجب التي يعتقد بعض الناس أنها ليلة الإسراء والمعراج، لا يجوز تخصيصها بشيء من العبادة، كما لا يجوز الاحتفال بها للأدلة السابقة، هذا لو عُلمت فكيف والصحيح من أقوال العلماء أنها لا تعرف؟!
سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبد الله بن باز