أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أما بعد فيا أيها الناس: إن الأعمال تنقسم إلى أعمال جوارح وأعمال قلوب، وأعمال القلوب أعلى مرتبة عند الله، وما شرعت أعمال الجوارح إلا من أجل أعمال القلوب، فبأعمال القلوب يتفاوت الناس في منزلتهم عند الله -تعالى-، لذا وجب على العبد أن يعتني بها، وأن يسابق فيها، فكثير من الناس يعتني بأعمال الجوارح ويغفل عن أعمال القلوب. لفظ (اليقين) في القرآن الكريم - طريق الإسلام. معاشر المؤمنين: إن من أجلّ أعمال القلوب التي ينبغي للمؤمن أن يعتني بها عمل: اليقين، وهو عمل قلبي، يحتاج عناية وتثبتًا؛ فبه ترتفع الدرجات، وتكثر الأعطيات، ويسبق المرء من حوله من الناس، إن عمل اليقين عمل عظيم، فإن اليقين شعبة عظيمة من شعب الإيمان، وصفة من صفات أهل التقوى والإحسان، قال -تعالى-: ( الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[سورة لقمان:4-5]. ولربما يتساءل البعض، ما اليقين؟
فنقول قال الإمام السعدي -رحمه الله-: " هو العلم التامّ الذي ليس فيه أدنى شك، الموجب للعمل "(تفسير السعدي: ص40).
صفاء اليقين - ملتقى الخطباء
قال الشاعر:
وقد أتاك يقين غير ذي عوج *** من الإله وقول غير مكذوب
وقال البيهقي: " اليقين هو سكون القلب عند العمل بما صدق به القلب؛ فالقلب مطمئن ليس فيه تخويف من الشيطان، ولا يؤثر فيه تخوف؛ فالقلب ساكن آمن ليس يخاف من الدنيا قليلاً ولا كثيرًا "(الزهد الكبير 1/352). ما هو اليقين بالله. قال ابن القيم -رحمه الله- في "زاد المعاد": " لا يتم صلاح العبد في الدارين إلا باليقين والعافية، فاليقين يدفع عنه عقوبات الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا من قلبه وبدنه "(مدارج السالكين 2/397). واليقين عده البعض الإيمان كله، قال بعض السلف: " الصبر نصف الإيمان، واليقين الإيمان كله "، وقال ابن القيم: " اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد، وبه تفاضل العارفون، وفيه تنافس المتنافسون، وإليه شمر العاملون، وهو مع المحبة ركنان للإيمان، وعليهما ينبني وبهما قوامه، وهما يُمدان سائر الأعمال القلبية والبدنية، وعنهما تصدر، وبضعفهما يكون ضعف الأعمال، وبقوتهما تقوى الأعمال، وجميع منازل السائرين إنما تُفتتح بالمحبة واليقين، وهما يثمران كل عمل صالح، وعلم نافع، وهدى مستقيم "(مدارج السالكين 2/397). ولهذا قال أبو بكر الوراق -رحمه الله-: " اليقين ملاك القلب، وبه كمال الإيمان، وباليقين عُرف الله، وبالعقل عُقل عن الله ".
يقين - ويكيبيديا
وَيُقَالُ: عِلْمُ الْيَقِينِ كَالنَّاظِرِ إلَى الْبَحْرِ، وَعَيْنُ الْيَقِينِ كَرَاكِبِ الْبَحْرِ، وَحَقُّ الْيَقِينِ كَمَنْ غَرِقَ فِي الْبَحْرِ". [٧]
الفرق علم اليقين وعين اليقين من حيث المرتبة
قال العلماء إنّ اليقين يدل على ثلاث درجات في القطعية، وهي كما يأتي: [٨]
علم اليقين وهو أدنى مراتب القطع بالشيء. ما هو علم اليقين. عين اليقين وهو ما يأتي بعد علم اليقين في القطع على الدلالة. حق اليقين وهو أعلم مراتب العلم بالشيء. عين اليقين في القرآن الكريم
يعد علم اليقين من الأمور التي تتعلّق بالإدراك والعلم بالشيء والتأكد منه، أما عين اليقين؛ فهو متعلق بالحاسّة التي يتمكن من خلالها الإنسان بالوصول إلى الإدارك حيث قال الله تعالى: (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ) ، [٩] ويقصد بذلك رؤية الشيء على وجه لا يمكن أن يخالطه شك، ولا يدخل فيه ريبة إلى قلب الإنسان. [١٠] وجاءت هذه الآية ردًا على الكافرين الذين كذّبوا بآيات الله واليوم الآخر وأنكروا الحقائق التي تتعلّق بالبعث والحساب، فيخبرهم الله -تعالى- أنّ الذي يفصل في هذا الأمر يوم القيامة ويظهر الفرق بين مَن صدّق بآيات الله ومن كذّب بها هو ما يراه الناس يوم القيامة من حقائق لا يخالطها شك، وهو متعلّق بالإدراك، ولكل واحد منهما مفهوم معين.
لفظ (اليقين) في القرآن الكريم - طريق الإسلام
مفهوم اليقين في اللغة
إنَّ لفظة اليقين من حيث أقسام الكلمة في اللغة تعدُّ اسمًا، وهي صفة مشبهة تدلُّ على الثبات، فإن قال أحدٌ: أنا على يقين من أمري فإنَّ ذلك يقتضي التأكدَّ من الأمر وعدم الشكِّ به، [١] وقد وردت كلمة اليقين في أكثر من موضع في القرآن الكريم حيث قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} ، [٢] وقوله تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ، [٣] والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هل مفهوم اليقين في الإسلام يأتي بنفس مفهوم اليقين في اللغة، هذا ما سيتم بيانه في هذا المقال تحت عنوان مفهوم اليقين في الإسلام، كما سيتم بعد ذلك ذكر صفات أهل اليقين.
﴿ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾؛ أي: لتردنَّ القيامة، فلترونَّ الجحيم التي أعدَّها الله للكافرين. ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ﴾؛ أي: رؤية بصرية، كما قال تعالى: ﴿ وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ [الكهف: 53]. ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ الذي تنعمْتُم به في دار الدنيا، هل قُمتُم بشُكْره، وأدَّيتم حقَّ الله فيه، ولم تَستَعينوا به على معاصِيه، فينعمكم نعيمًا أعْلى منه وأفضل؟
أمِ اغتررتم به، ولم تقوموا بشُكْره؟ بل ربَّما استَعَنتم به على معاصي الله، فيعاقبكم على ذلك" [11]. وفي السُّورة أيضًا ثلاثةُ درجات لليقين:
♦ عِلم اليقين: وهو قَبول ما ظَهَر مِن الحق تعالى، مِن أوامره ونواهيه، وشَرْعه ودِينه الذي جاء على ألْسِنة رُسُله، فنتلقَّاه بالقَبول والإذْعان والانصياع لله جَلَّتْ قُدرتُه. صفاء اليقين - ملتقى الخطباء. وقَبول ما غاب مِن أمور المَعاد، والجَنَّة والنار، وما قبْل ذلك مِن بعْث وصِراط وميزان وحساب، وإثْبات الأسماء والصِّفات. فقَبول هذا كله هو عِلْم اليقين الذي لا يُخالِج القَلْب فيه ريبٌ ولا مِرْية، ولا تعطيل أو نفي.