ويحاول أن يطوف أرجاءها قاصداً مؤسساتها السياحية التي تحتوي بين جنبات تاريخها وحضارتها
إن المواقف التي تستمر في الذاكرة بعد السفر هي كيف استطاع أن يستغل وقته خلال الإجازة وأن يعطي نفسه قدراً من الحرية في ربوع تلك الدولة وتلك الأماكن ، ويسجل تلك اللحظات بعدسته للرجوع إليها ، حيث إن المناظر تعيده إلي تلك اللحظات التي تعمل علي إسعاده وإشعاره بالراحة. ومن المعلوم أن السياحة في الأرض والتأمل في عجائب الدنيا عند السفر مما يزيد العبد المؤمن معرفة بالله جل وعلا، ويقيناً بأن لهذا الكون رباً ومدبراً يستحق العبادة وحده دون ما سواه، قال تعالى: { وفي الأرض آيات للموقنين} ( الذاريات:20)، ويعتبر السفر من جملة حاجات الإنسان التي جاءت الشريعة بتنظيمها، فينبغي لمن أراد السفر أن يحافظ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جاءت السنة ببيانه:-
فقد كانت أسفاره صلى الله عليه وسلم دائرة بين أربعة أسفار: سفر لهجرته، وسفر للجهاد، وسفر للعمرة وسفر للحج. وكان عليه الصلاة السلام قبل أن يخرج يودع أهله وأصحابه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول: ( أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك) رواه الترمذي ، وكان يوصيهم بتقوى الله في كل حين.
وفي الأسفار خمس فوائد
إذاً، استطاع الشاعر أن يكتشف الشيء الجديد في سفرهِ البعيد، وأن يلتقي بحبيبتهِ المفقودة. كما عند الشاعر العراقي سعدي يوسف، المقيم في المملكة المتحدة منذ 1999، تلك التجربة المشتهاة في زمن الرتابة، لكن سفره كان مختلفاً عمّا أسلفناه، إذ رأى به السّجنَ؛ ففي هذا السفر/السجن كان يحنُّ إلى بلدهِ الأم الذي هو العراق، يقول: يا بلادي التي لستُ فيها يا بلادي البعيدة حيث تبكي السماء حيث تبكي النساء حيث لا يقرأ الناس إلا جريدة يا بلادي التي لست فيها با بلادي الوحيدة. كأنّهُ حين ابتعد عن سمائهِ الأولى، اقترب منها في الشعر، فبدأ يكتب من بعيدٍ حنينه إليها، وربما، أصيب بحالةِ الفقدان تلك؛ فقدان البلد الأول في سفره الذي لا يعرف مستقرّاً، وهنا يكمن الاختلاف عند شاعرنا؛ إنّ هذا السفر شحنَ بهِ حبّ الوطن، وأشعل فيه صبابة العودة المنشودة إلى ربوعه.
تغرب عن الاوطان في طلب العلى::::*وسافر ففي الاسفار خمس فوائد - منتديات الرمس
إن السفر من الأمور الممتعة فقد يكون لغايات اجتماعية أو ترفيهية أو تعليمية، ولكن لا شك أن به متعة واكتساب فائدة جديدة عن ثقافة وحضارة البلد التي يسافر إليها أي شخص، فمن لم ير إلا بلده يكون قد قرأ الصفحة الأولى فقط من كتاب الكون، فالكرة الأرضية تحتوي على الكثير من الدول، ونلاحظ تزايد الاقبال على بعض الدول خصوصا الأوروبية لجمال الطبيعة وروعة المناخ البارد والثلج الجميل. أن للسفر فوائد عديدة تعود بالنفع على العقل والجسم والحالة النفسية للمسافر.. وفي الأسفار خمس فوائد. فالسفر يزيد ثقافة الشخص ومعرفته عن البلد الذي يسافر إليها والعادات والتقاليد ويكون أكثر تقبلا لتبادل الآراء والأفكار مع باقي الناس غير شعور الفرح والسعادة الذي يشعر به الشخص وبالأخص الأناس المحبين والعاشقين للسفر لأنهم ربطوا سعادتهم بالسفر. فأنا عن نفسي عندما أسافر أحرص كل الحرص أن أختلط مع أهل البلد وأتبادل الأحاديث معهم وأتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وأتذوق الأطعمة التي تشتهر بها بلادهم وأخذ تذكار من كل بلد أزوره، ولا تتم فائدة الانتقال من بلد إلى بلد إلا إذا انتقلت النفس من شعور إلى شعور، فإذا سافر معك الهم فأنت مقيم لم تبرح. نصيحتي لكل شخص سيسافر أن ينسى كل الهموم والغموم والحزن الذي يملأ قلبه.. فلا يوجد شخص في هذا الكون لا توجد لديه منغصات ولكن عند السفر يجب على كل شخص منذ أن يضع رجله على أرض مطار البحرين الدولي ان ينسى كل هذه الهموم ويفكر فقط بأمور رحلته وكيف سيسعد نفسه في هذه الرحلة.
سافرْ، ففي الأسفارِ خمسُ فوائدِ... عن رمزيّة السّفر في الشّعر العربيّ المعاصر - رصيف 22
نافذة الرأي
العنوان شطر من قصيدة فصيحة. وقال أحدهم مداعباً: لو أنها (أي القصيدة) قيلت في زمننا الحاضر لشك المتلقون أن القائل صاحب وكالة سفر ، أو عضو فاعل في (إياتا) وتُنسب الأبيات لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وهذه بعض أبياتها: -
تفريج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجدِ
فإن قيل في الأسفار هم وكربة
وتشتيت شمل وارتكاب الشدائد ِ
فموت الفتى خير له من حياته
بدار هوانٍ بين واش وحاسد
وقال شاعر آخر: -
ما في المقام لذي لب وذي أدبِ
معزة فاترك الأوطان واغترب ِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطبِ ِ
الدعوات للسفر كانت لتفريج هم، واكتساب معيشة، وعلم، وآداب وصحبة ماجدِ.. وهي جميعا كانت مُبررة ومُسوّغة بما فيه الكفاية. غير أن الأول منها (تفريج الهم) طغى عليها في زمننا. ولحق محبة السفر لتفريج الهمّ خدمات أخرى في الغرب. فقد ازدهرت شركات تأمين الإجازة ضد العوامل المناخية. ويسترجع المسافر نقوده لو تأثرت إجازته بفعل عواصف أو أمطار حرمته من الاستمتاع. كذلك ازهرت شركات أمن، وشركات مرافقة Escort للجنسين بحيث يختار الفرد شريكا يوميا للتنزّه والتجوال. بدوام كامل يبدأ من الصباح وحتى وقت متأخر من الليل.
تغرب عن الأوطان في طلب العلا - الإمام الشافعي - الديوان
وأخيراً، مع الشاعر السوري أدونيس المقيم في باريس منذ زمن، وكتب في وصف الاغتراب الكثيرَ من القصائد التي جسّدت هذا السفر الطويل، ومنها يقول: ما الغيب؟ بيت نحب أن نراه، ونكره أن نقيم فيه. ما السر؟ باب مغلق إذا فتحته انكسر. ما الحلم؟ جائع لا يكف عن قرع باب الواقع. ما اليقين؟ قرار بعدم الحاجة الى المعرفة. وفي خضمّ هذا التساؤل، نتلمس أسئلة الغيب التي تلمعُ في النصّ؛ فأسلوب شاعرنا رمزيٌّ وسورياليٌ أحياناً، لكنّهُ يدفعنا إلى التفكير الطويل في تحليلهِ، ولا سيما في مقدمة القصيدة. والسؤال الأول: ما الغيب؟ وكأنّ الغيب هو متسلسل مع ما تلاه من رموز، مثل: السرّ، والحلم، واليقين، وختاماً، الحاجة إلى المعرفة. سفر الشعراء يختلف كثيراً عن الآخرين، لأنّهُ قراءة أخرى في العالم الملموس والمحسوس، فرمزيّة السفر أخذت جزءاً كبيراً في شعرنا العربي المعاصر، لأنّ العرب في القدمِ، كانوا رحّالة في البلاد والمدن والصحاري، ويستمرّ هذا السفر الشعري حتى عصرنا الراهن. كما لا يُخفى عنّا قول الإمام الشافعي بالسفر حين قال: "سافرْ! ففي الأسفار خمس فوائد؛ تغرّب عن الأوطان في طلب العلى، وتفريج همٍّ، واكتساب معيـــشة، وعلـــم وآداب، وصحـــــبة ماجد".
احرصوا كل الحرص على استغلال الاجازات للسفر، ليس بضرورة ان تكون غالية الثمن، بل سافر إلى دول تناسب ميزانيتك، فالتغيير مطلوب والسفر أكبر تغيير للإنسان لأنه المسافر ينتقل من روتينه اليومي المعتاد إلى روتين آخر.. إلى عالم آخر.. إلى دول أخرى.. ليرى جمال هذا الكون الذي صنعه الخالق البديع الله سبحانه وتعالى وفي نفس الوقت يمتع نظره في النظر إلى الطبيعة والبحار، فسافروا ولاتنسوا بأن للسفر خمسة فوائد تفرج هم واكتساب معيشة.. وعلم وآداب وصحبة ماجد.