الرئيسية / دين / البلاء محاط باللفظ والقدر موكّل بالمنطق
مايو 31, 2020
دين
728 زيارة
د. عادل المراغي | أكاديمي مصري البلاء محاط باللفظ والقدر موكل بالمنطق، وقد تتكلم بكلمة فيكتبها قلم القضاء في صحيفة قدرك، وكم رأينا من أناس سيق إليهم البلاء بما سبقت به ألسنتهم. وكم من كلمة بعثت جيوش التشاؤم وجنود اليأس،وكم من كلمة حملت ألوية النصر وأرسلت كتائب الأمل. احذر لسانك أن تقول فتبتلي إن البلاء موكل بالمنطق وقال آخر: لاتنطقن بما كرهت فربما عبث اللسان بحادث فيكون ولقد جاء التحذير من النطق بالسوء، أو أن يستفتح الإنسان على نفسه بشر، أو أن يتشاءم بأمر، ويطلق ذلك في مقاله ونطقه؛ حتى لا يُبتلى به، وأن يحسن انتقاء ألفاظه، ويختار الكلمات الحسنة الجميلة التي تدعو إلي التفاؤل وتنشر عبير الأمل والتي تحمل دلالات طيبة، وتحمل روح البشرى، فربما تكلم الإنسان بكلمة كتبها قلم القضاء عليه وكانت حتماً مقضيا. ومما يدل على خطورة الكلمة في قضاء الإنسان وقدره ما روي عن امرأة فرعون أنها لما وجدت موسي عليه السلام في التابوت قالت لفرعون: ( قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) فرد فرعون: قرّة عين لك, أما لي فلا.
البلاء محاط باللفظ والقدر موكّل بالمنطق – جريدة عالم الثقافة – World Of Culture
هل يعقل أن يخون المرء رغباته الحقيقية فيركلها بلفظ؟ هل يعقل أن يخون المرء مشاعره فيزيح الجميل ويركز على السيئ؟ للأسف نعم هذا يحدث عند كثير من الناس وبالأخص ذاك الذي خابت مساعيه مرة بعد أخرى وتلقى الصدمات واحدة بعد واحدة وضاقت به الدنيا بما رحبت في وقت ما من شدة الألم النفسي..
أعجب من استهانة كثير من الناس بكلماتهم ومعانيها وما وراء المعاني، وهي استهانة يترتب عليها كثير من الضرر، ولو أنهم راقبوها وغربلوها ثم استبدلوها بغيرها لحصدوا منها خيراً وفيرا. تحدث كثير من الوعاظ وممارسي التنمية البشرية - وأنا منهم - عن أهمية الكلمة فسبق لي أن قدمت برنامجاً عن قوة الكلمة وتأثيرها على حياتنا وأفكارنا، وبالتالي الأحداث التي نمر بها فهناك تجارب شخصية عشناها وأخرى سمعنا بها أو تابعناها عن قرب لمن نطق جهلاً منه بما يكره وما لا يريد فتحقق ذلك للأسف! وعرف العرب منذ القدم هذه الفكرة لذا قالوا: (البلاء موكل بالمنطق)، ويأتي في معناها ما روي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال لرجل عاده في مرضه: لا بأس، طهور إن شاء الله فقال الرجل: بل حمى تفور على شيخ كبير كيما تزيره القبور، فقال عليه الصلاة والسلام: فنعم إذًا!
إن البلاء موكل بالمنطق | صحيفة الاقتصادية
البلاء موكل بالمنطق - YouTube
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: «قد يجعلُ الله سبحانه تطيُّر العبد وتشاؤمه سببًا لحلول المكروه به، كما يجعلُ الثِّقة به والتوكُّل عليه وإفراده بالخوف والرجاء من أعظم الأسباب التي يدفعُ بها الشرَّ المتطيَّر به». فقل قولاً فيه تفاؤل وخير، وأبشر بالخير إن شاء الله. قال الماوردي رحمه الله: «وأما الفأل ففيه تقوية للعزم وباعث على الجد ومعونة على الظفر، فقد تفاءل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزواته وحروبه. وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته فقال: «أخذنا فألك من فيك». فينبغي للمرء أن يكون في نطقه التفاؤل وحسن الظن، ولا يتشاءم أو يتوقع الشر، بل ينتقي أجمل العبارات وأكثرها لطفاً وإيجابية. قال النخعي رحمه الله: «إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن أبتلى به». فليجتنب كل منَّا أيَّ لفظ فيه تشاؤم وتوقع للشر، وحصول الضر، فتفاءل بالخير دائماً، تفاءل بالتوفيق والربح والعافية وصلاح الحال والذريَّة، وأنت أيَّها المكروب تفاءل بالفرج قال الشاعر: كلُّ كربٍ أنت لاقٍ بعد بلواه انفراجاً وقال آخر: إذا تضايق أمرٌ فانتظر فرجاً فأصعب الأمر أدناه من الفرج وأنت أيها المدين تفاءل بقضاء دينك وسداده، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدَّى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله».