السؤال: بحث حول صوم يوم السبت
الإجابة: حديث: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم
إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغه". قال أبو داود في السنن: قال مالك:
هذا كذب الحديث. وقال أبو داود رحمه الله: هو منسوخ. وقال الإمام أحمد رحمه الله: كان يحيى بن سعيد يتقيه وأبى أن يحدثني
به. قال الأثرم: وحجة أبي عبد الله في الرخصة في صوم يوم السبت أن
الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بشر (يشير إلى حديث النهي عن
صومه) منها حديث أم سلمة رضي الله عنها حين سئلت أي الأيام كان النبي
صلى الله عليه وسلم أكثر صياماً لها؟ فقالت: "السبت
والأحد". أ. هـ. وذكر أحاديث أخرى تدل على جوازه إلى أن قال: فهذا الأثرم فهم من كلام
أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث، وأنه رخص في صومه، وذكر أن
الإمام في علل الحديث يحيى بن سعيد كان يتقيه، وأبى أن يحدثه به، فهذا
تضعيف للحديث إلى أن قال: وعلى هذا فيكون الحديث إما شاذًّا غير
محفوظ، وإما منسوخاً. قال أبو داود: وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة. ما بين القوسين من (اقتضاء الصراط المستقيم) لشيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله.. وليُعلم أن صيام يوم السبت له أحوال:
* الحال الأولى: أن يكون في فرض كرمضان أداء أو قضاء، وكصيام الكفارة،
وبدل هدي التمتع، ونحو ذلك، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقداً
أن له مزية.
- صيام يوم السبت للالباني
- حكم صيام يوم السبت
- حكم صيام يوم السبت منفردا
- إسلام ويب - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الغاشية
صيام يوم السبت للالباني
تاريخ النشر: الثلاثاء 16 رجب 1433 هـ - 5-6-2012 م
التقييم:
رقم الفتوى: 181017
71128
0
390
السؤال
يرهقني صيام داود ويضعف قوتي، وصيام الإثنين والخميس لا يطفئ شهوتي. فأردت صياما بينهما يخمد نار الشهوة ولا يخالف السنة. فهل يجوز لي أن أصوم أي الأيام شئت ؟ وما حكم صيام السبت دون يوم قبله أو بعده في هذه الحالة، علما بأني لا أطيق صيام يومين متتاليين؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع من أن تصوم أي يوم من أيام الأسبوع ماعدا الأيام التي ورد النهي عن إفرادها بالصيام تطوعا ومنها السبت، فينبغي أن تصوم يوما قبله أو بعده لتتجنب النهي، ويكره إفراده بالصيام إلا في حالات سبق ذكرها في الفتوى رقم: 120002. قال ابن قدامة في المغني: قَالَ أَصْحَابُنَا: يُكْرَهُ إفْرَادُ يَوْمِ السَّبْتِ بِالصَّوْمِ؛ لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاءِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إلَّا فِيمَا اُفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ، أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ، فَلْيَمْضُغْهُ».
حكم صيام يوم السبت
يجوزُ صيامُ يومِ السَّبتِ وَحْدَه لسَبَبٍ كيوم عرفة أو غيره، أو إذا وافَقَ عادَةً للصَّائِمِ، ويجوزُ صَومُه مقرونًا بغيره، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ الأربَعةِ وعند المذاهب الفقهية الأربعة: يُكرَه إفرادُه بالصيامِ لِغَيرِ الأسباب المذكورة. ومن أهل العلم كابنِ تيمية وابنِ حَجَر وغيرهما، من ذهَبَ إلى جواز صومِه مُطلقًا. ينظر:((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/378)، ((اقتضاء الصراط المستقيم)) لابن تيمية (2/71 – 79)، ((فتح الباري)) لابن حجر (10/362). : الحَنَفيَّة ((حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح)) (ص 436)، وينظر: ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/79). ، والمالكيَّة ((الذخيرة)) للقرافي (2 / 497)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (ص 78). ، والشَّافِعيَّة ((المجموع)) للنووي (6/439)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/447). ، والحَنابِلة ((الإنصاف)) للمرداوي (3/347)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/107). الأدِلَّة أولًا مِن السُّنَّةِ: 1- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه قال: سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((لا يصومَنَّ أحدُكم يومَ الجُمُعةِ إلَّا يومًا قَبلَه أو بَعدَه)) رواه البخاري (1985)، ومسلم (1144).
حكم صيام يوم السبت منفردا
5- عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، قال: ((أُخبِرَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أقولُ: واللهِ لأصومَنَّ النَّهارَ، ولأقومَنَّ اللَّيلَ ما عِشْتُ، فقُلتُ له: قد قلْتُه بأبي أنت وأمي، قال: فإنَّك لا تستطيعُ ذلك، فصُمْ وأفطِرْ، وقُمْ ونَمْ، وصُمْ مِن الشَّهرِ ثلاثةَ أيَّامٍ؛ فإنَّ الحَسَنةَ بعَشْرِ أمثالِها، وذلك مِثلُ صِيامِ الدَّهرِ. قلتُ: إنِّي أطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يَومَينِ. قلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فذلك صيامُ داودَ عليه السَّلامُ، وهو أفضَلُ الصِّيامِ. فقُلتُ: إنِّي أُطيقُ أفضَلَ من ذلك. فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا أفضَلَ مِن ذلك)) رواه البخاري (1976)، ومسلم (1159). وجهُ الدَّلالةِ مِن الحديثينِ: أنَّه لا بدَّ أن يصادِفَ صيامُه يومَ السَّبتِ. ثانيًا: لأنَّه إذا صادف يومُ السَّبتِ يومَ عَرفةَ، أو العاشِرَ مِن شَهرِ مُحَرَّم، لم يَصُمْه لأنَّه يومُ السَّبتِ، بل يصومُ يومًا من الأيَّامِ التي يُشرَعُ صَومُها، دون أن يعتقِدَ أنَّ في السَّبتِ مَزِيَّةً عن غَيرِه ((مجموع فتاوى ورسائل العُثيمين)) (20 / 37، 58).
وحديث أم سلمة هذا رواه النسائي أيضا والبيهقي وغيرهما. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين ، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس) رواه الترمذي وقال حديث حسن. والصواب على الجملة ما قدمناه عن أصحابنا أنه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له ؛ لحديث الصماء … وأما الأحاديث الباقية التي ذكرناها في صيام السبت فكلها واردة في صومه مع الجمعة والأحد فلا مخالفة فيها لما قاله أصحابنا من كراهة إفراد السبت وبهذا يجمع بين الأحاديث] المجموع 6/439-440. (انتهى).
والإتْيانُ بِفِعْلِ المُضِيِّ في قَوْلِهِ: أفْلَحَ لِلتَّنْبِيهِ عَلى المُحَقَّقِ وُقُوعِهِ مِنَ الآخِرَةِ، واقْتِرانِهِ بِحَرْفِ قَدْ لِتَحْقِيقِهِ وتَثْنِيَتِهِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ المُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ١] وقَوْلِهِ: ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن زَكّاها﴾ [الشمس: ٩] لِأنَّ الكَلامَ مُوَجَّهٌ إلى الأشْقَيْنَ الَّذِينَ تَجَنَّبُوا الذِّكْرى إثارَةً لِهِمَّتِهِمْ في الِالتِحاقِ بِالَّذِينَ خَشَوْا فَأفْلَحُوا. ومَعْنى تَزَكّى: عالَجَ أنْ يَكُونَ زَكِيًّا، أيْ: بَذَلَ اسْتِطاعَتَهُ في تَطْهِيرِ نَفْسِهِ وتَزْكِيَتِها كَما قالَ تَعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن زَكّاها﴾ [الشمس: ٩] ﴿وقَدْ خابَ مَن دَسّاها﴾ [الشمس: ١٠]. إسلام ويب - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الغاشية. (p-٢٨٨)فَمادَّةُ التَّفَعُّلِ لِلتَّكَلُّفِ وبِذْلِ الجُهْدِ، وأصْلُ ذَلِكَ هو التَّوْحِيدُ والِاسْتِعْدادُ لِلْأعْمالِ الصّالِحَةِ الَّتِي جاءَ بِها الإسْلامُ ويَجِيءُ بِها، فَيَشْمَلُ زَكاةَ الأمْوالِ. أخْرَجَ البَزّارُ عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ «عَنِ النَّبِيءِ ﷺ قالَ: ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن تَزَكّى﴾ قالَ: مَن شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ، وخَلَعَ الأنْدادَ، وشَهِدَ أنِّي رَسُولُ اللَّهِ ﴿وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى﴾ قالَ: هي الصَّلَواتُ الخَمْسُ والمُحافَظَةُ عَلَيْها والِاهْتِمامُ بِها»، وهو قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ وعَطاءٍ وعِكْرِمَةَ وقَتادَةَ.
إسلام ويب - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الغاشية
وأما عبادة الإنفاق، فقال عروة: «لَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا تَقْسِمُ سَبْعِينَ أَلْفًا وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَيْبَ دِرْعِهَا» ( [6]). وعلى هذا مضى الأوائل جيلا بعد جيل، قال حماد بن سلمة: «مَا أَتَيْنَا سُلَيْمَانَ التَّيْمِيَّ فِي سَاعَةٍ يُطَاعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا، إِلَّا وَجَدْنَاهُ مُطِيعًا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ يَعْصِي اللَّهَ تَعَالَى» ( [7]). وقال مصعب بن عبد الله قال: "سمعَ عامرُ بن عبد الله بن الزبير المُؤَذِّنَ وَهُوَ يَجُوْدُ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: خُذُوا بِيَدِي. فَقِيْلَ: إِنَّكَ عَلِيْلٌ! قَالَ أَسْمَعُ دَاعِيَ اللهِ، فَلاَ أُجِيْبُهُ. فَأَخَذُوا بِيَدِهِ، فَدَخَلَ مَعَ الإِمَامِ فِي المَغْرِبِ, فَرَكَعَ رَكْعَةً, ثُمَّ مَاتَ" ( [8]). وقال ضمرة بن ربيعة: "حَجَجْنَا مَعَ الْأَوْزَاعِيِّ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمَحْمَلِ فِي لَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ قَطُّ، وَكَانَ يُصَلِّي فَإِذَا غَلَبَهُ النَّوْمُ اسْتَنَدَ إِلَى الْقَتَبِ" ( [9]). "وكان أبان بن عثمان بن عفان يشتري أهل البيت، فيكسوهم، ويعتقهم، ويقول: أستعين بهم على غمرات الموت، فمات وهو نائم في مسجده" ( [10]).
قَد أَفلَحَ مَن تَزَكّى ما ألح القرآن على شيء كما ألح على ذكر الله، ذكر اسم الله، فبالذكر يناط الفلاح وبه تناط الحرية. قال الله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾. وقال عز من قائل: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى﴾. والتزكية أمرنا بها في آيات كثيرات، أمرنا أن نزكي أنفسنا بأن نطهرها ونجعلها طيبة، وأمرنا ألا نزكي كبرياء بدعوى تدغدغ زعمها للصلاح والتقوى. وأهل التزكية الروحية هم أهل الذكر، وهم الصوفية رجال الصحبة سالكو الطريق. وقد ألفوا رحمهم الله ورضي عنهم في وصف علل النفس وتهافت العقل وسلطان الغريزة. واستقل لهم تاريخ منفصل عن عالم الفتنة حتى ظن قوم أن الصوفية مذهب من المذاهب. وفقه المنهاج النبوي مسدود بابه على من حرم صحبة وذكرا. نطلق لفظ الذكر لنجمع به مفاهيم قرآنية كثيرة. فعندما نعد الذكر خصلة من خصالنا العشر فإننا لا نعني به ذكر اللسان وحده ولا الأوراد والمراقبة، بل نقصد به كل الأعمال العبادية من فرض ونفل.