قال أبي بن كعب: وأشهد عليهم السماوات السبع ، فليس من أحد يولد إلى يوم القيامة إلا وقد أخذ عليه العهد. [ ص: 283] واختلف في الموضع الذي أخذ فيه الميثاق حين أخرجوا على أربعة أقوال; فقال ابن عباس: ببطن نعمان ، واد إلى جنب عرفة. وروي عنه أن ذلك برهبا - أرض بالهند - الذي هبط فيه آدم عليه السلام. وقال يحيى بن سلام قال ابن عباس في هذه الآية: أهبط الله آدم بالهند ، ثم مسح على ظهره فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة ، ثم قال: ألست بربكم قالوا بلى شهدنا قال يحيى قال الحسن: ثم أعادهم في صلب آدم عليه السلام. وقال الكلبي: بين مكة والطائف. وقال السدي: في السماء الدنيا حين أهبط من الجنة إليها مسح على ظهره فأخرج من صفحة ظهره اليمنى ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ ، فقال لهم ادخلوا الجنة برحمتي. في ظلال آية – (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) | اسلاميات. وأخرج من صفحة ظهره اليسرى ذرية سوداء وقال لهم ادخلوا النار ولا أبالي. قال ابن جريج: خرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء ، وكل نفس مخلوقة للنار سوداء. الثانية: قال ابن العربي رحمه الله: فإن قيل فكيف يجوز أن يعذب الخلق وهم لم يذنبوا ، أو يعاقبهم على ما أراده منهم وكتبه عليهم وساقهم إليه ، قلنا: ومن أين يمتنع ذلك ، أعقلا أم شرعا ؟ فإن قيل: لأن الرحيم الحكيم منا لا يجوز أن يفعل ذلك.
في ظلال آية – (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) | اسلاميات
...
صفحات أخرى من الفصل: آية ألست بربّكم
آية ألست بربّكم
قوله تعالى: (وإذ أخذ ربّك من بني آدم... )
قال السيّد رحمه اللّه:
بل هي ممّا أخذ اللّه به العهد من عهد ألست بربّكم، كما جاء في تفسير قوله تعالى: (وإذ أخذ اللّه من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى)(1). فقال في الهامش:
يدلّك على هذا حديثنا عن أهل البيت في تفسير الآية(2). فقيل:
لمّا كان المعنى الذي استشهد المؤلّف بالآية من أجله ممّا لا يقوله من عنده أدنى عقل، فقد أحال لتأييد رأيه على حديثهم عن أهل البيت في تفسير الآية. ويلزم من استشهاده هذا أن يكون علي أميراً على الأنبياء كلّهم، من نوح إلى محمّد صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم، وهذا كلام المجانين، فإنّ أُولئك ماتوا قبل أن يخلق اللّه عليّاً، فكيف يكون أميراً عليهم. وغاية ما يمكن أن يكون أميراً على أهل زمانه، أما الأمارة على من خلق قبله ومن يخلق بعده، فهذا من كذب من لا يعقل ما يقول ولا يستحي ممّا يقول. إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الأعراف - قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - الجزء رقم7. أُنظر: منهاج السُنّة 4 / 578. أقول:
لقد استدلّ العلاّمة الحلّي رحمه اللّه تعالى بهذه الآية المباركة في كتابيه منهاج الكرامة في معرفة الإمامة ونهج الصدق، وروى في ذيلها في الأوّل منهما عن كتاب فردوس الأخبار للحافظ الديلمي الحديث التالي:
«عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم: لو علم الناس متى سمّي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله: سمّي أمير المؤمنين وآدم بين الروح والجسد، قال اللّه عزّ وجلّ: (وإذ أخذ ربّك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا) قالت الملائكة: بلى.
تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ..} (1)
وهذا محلّ إجماعٍ، ومَن لم يبلغ ما عليه تكليف، إنما الخلاف في أولاد المشركين، والصَّحيح أنَّهم إمَّا يُمتحنون يوم القيامة، وهو قولٌ قويٌّ، والصَّواب والأصح منه أنَّهم من أهل الجنة؛ لأنَّ الرسول قال: ما من مولودٍ يُولد إلا على الفطرة ، وقال: يقول الله: إني خلقتُ عبادي حُنفاء، فاجتالتهم الشَّياطين عن دينهم ، فالاجتهاد بعد البلوغ، أمَّا قبل البلوغ ما عليه عملٌ، غير مُكلَّفٍ.
خطيب الحرم المكي: نفرح برمضان لما فيه من أسباب الفوز بالجنان والنجاة من النيران
أحمد ابن أبي طيبة هذا هو أبو محمد الجرجاني، قاضي قومس، كان أحد الزُّهاد، أخرج له النَّسائي في "سننه"، وقال أبو حاتم الرازي: يُكتب حديثه. وقال ابنُ عدي: حدّث بأحاديث كثيرةٍ غرائب. وقد روى هذا الحديث عبدُالرحمن بن حمزة بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن عبدالله بن عمرو قوله. الشيخ: "قوله" يعني: من قوله، منقول يعني، منصوب بنزع الخافض. خطيب الحرم المكي: نفرح برمضان لما فيه من أسباب الفوز بالجنان والنجاة من النيران. وكذا رواه ابنُ جرير عن منصور، به، وهذا أصحّ، والله أعلم. الشيخ: الأول فيه الأجدح، والأجدح يضعف، انظر "التقريب"، ذكر عبدالرحمن بن حمزة في "التقريب"، أو "الخلاصة": عبدالرحمن بن حمزة بن مهدي في "التقريب" أو "الخلاصة"..........
الشيخ: حطّ نسخة: عبدالرحمن بن مهدي، بدل: عبدالرحمن بن حمزة، عبدالرحمن بن مهدي، وهو الأشبه -والله أعلم-: ابن حمزة، ما أتذكر عبدالرحمن بن حمزة، و"التقريب" ما فيه شيء؟
الطالب: ما فيه، لا، عبدالرحمن بن حمزة بن مهدي؟
الشيخ: الظاهر أنَّ "حمزة" مُقحمة: عبدالرحمن بن مهدي، نعم، حطّ: نسخة. حديثٌ آخر: قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا روح -هو ابن عبادة-: حدَّثنا مالك.
إسلام ويب - تفسير القرطبي - سورة الأعراف - قوله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - الجزء رقم7
قال: أي ربّ، وقد وهبتُ له من عمري أربعين سنةً. فلمَّا انقضى عمرُ آدم جاءه ملكُ الموت، قال: أولم يبقَ من عمري أربعون سنةً؟ قال: أولم تُعطها ابنك داود؟ قال: فجحد آدمُ فجحدت ذُريته، ونسي آدمُ فنسيت ذُريته، وخطئ آدمُ فخطئت ذُريته. الشيخ: هذا سندٌ جيدٌ؛ لأنَّ هشام بن سعد، عن زيد ثقة، لا بأس به، وشاهد هذا قوله -جلَّ وعلا-: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه:115]، وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى [طه:121-122]. ثم قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، وقد رُوِيَ من غير وجهٍ عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. ورواه الحاكم في "مُستدركه" من حديث أبي نعيم الفضل بن دكين، به، وقال: صحيحٌ على شرط مسلمٍ ولم يُخرجاه. ورواه ابنُ أبي حاتم في "تفسيره" من حديث عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه: أنَّه حدَّث عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة ، عن رسول الله ﷺ فذكر نحو ما تقدّم، إلى أن قال: ثم عرضهم على آدم، فقال: يا آدم، هؤلاء ذُريتك، وإذا فيهم الأجذم، والأبرص، والأعمى، وأنواع الأسقام، فقال آدم: يا ربّ، لم فعلتَ هذا بذُريتي؟ قال: كي تشكر نعمتي.
يقول ابن عجيبة: أَخَذَ الحقّ جلّ جلاله العهد على الأرواح أن تعرفه وتُوحده مرتين، أحدهما: قبل ظهور الكائنات، والثاني: بعد ظهورها. والأول أخذه عليها في معرفة الربوبية، والثاني تجديدًا له مع القيام بآداب العبودية. قال بعضهم: أخذ الأول على الأرواح يوم المقادير، وذلك قبل السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، ثم أخذ الثاني على النفوس بعد ظهورها في عالم الأشباح، كما نبهت عليه الآية والأحاديث. قال القاشاني: أراد بالعهد السابق: ما أخذه الله على الأرواح والإنسانية المستخرجة من صلب الروح الأعضم، الذي هو آدم الكبير، في صور المثل، قبل تعلقها بالأشباح، وهو عقد المحبة بين الرب والمربوب، في قوله سبحانه: { وإذ أخذ ربك... } الآية. وبالعهد اللاحق: ما أخذه عليهم بواسطة الأنبياء، من عقد الإسلام بعد التعلق بالأبدان، وهو توكيدٌ للعهد الأول، وتوثيقه بالتزام أحكام الربوبية والتزامها. والحاصل مما تقدم: أن العهد أخذ على الأرواح ثلاث مرات، أحدها: حين استخرجت من صلب الروح الأعظم الذي هو آدم الكبير، وهو معنى القبضة النورانية، التي آخذت من عالم الجبروت. والثاني: حينن استخرجت من صلب آدم الأصغر، كالذر، والثالث: حيث دخلت في عالم الأشباح، على ألسنة الرسل، ومن ناب عنهم، فالمذكور في الآية هو الثاني، وهو أحسن من حَملِ القاشاني الآية على الأول.