ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻳﺸﻌﺮ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺟﺒﻞ، ﻳﻨﻈﺮ إلى ﺍﻟﺴﻔﺢ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻴﺮﻯ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻭﺷﺒﺎﺑﻪ، ﻭﻳﺠﺪ ﺃﻥ ﻣﺬﺍﻗﻬﻤﺎ ﻻ ﻳﺰﺍﻝ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻪ، ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻔﺢ ﺍﻵﺧﺮ ﻓﻴﺠﺪ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻋﻤﺮﻩ، ﻭﻳﺪﺭﻙ ﻛﻢ ﻫﻮ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻨﻬﺎ. ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻛﻞ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺮﻳﺔ ﻭﻳﻌﺎﻳﺸﻬﺎ ﻭﻳﺘﺤﺪﺙ ﺑﻤﺸﺎﻋﺮﻫﺎ. ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻧﺴﻤﻊ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻣﻦ ﻳﻨﺎﺩﻳﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ: «ﺗﻔﻀﻞ ﻳﺎ ﻋﻢ»، لنجد ﻭﺟﻮﻫﻨﺎ متعجبة من النداء ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ!
اجمل ما قيل عن سن الاربعين في الاعلام الغربي. ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻳﻠﺘﻔﺖ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻟﻴﻘﻮﻟﻮﺍ ﻟﻨﺎ: «ﻫﻨﻴئًا ﻟﻜﻢ، ﻣﺎ ﺯﻟﺘﻢ ﺷﺒﺎﺑًﺎ»، ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ تعجبنا! في الأربعين، تبدأ أزمة منتصف العمر، يبدأ السؤال القاسي بالظهور أمام الإنسان: «ماذا أنجزت في عملك؟ في أسرتك؟ في حياتك؟ في علاقتك مع ربك؟»، إنه سؤال يهز القلوب ويشغل التفكير، فالأيام قد مرت أسرع مما توقعنا، فأثناء طفولتنا كنا ننظر لمن هم في الأربعين على أنهم قد شبعوا من دنياهم، أما اليوم فنرى أننا لم نحقق الكثير مما خططناه أو حلمنا به، وأدركنا أن السنوات تعدو بنا ولا تعطينا الفرصة لكي نحقق ما نريد. ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ، ﻳﺒﺪﺃ ﺍﻟشعر الأبيض بالتسلل إلى رؤوسنا، ﻭﻳﺒﺪﺃ ﻛﺬﻟﻚ ﺿﻌﻒ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻓﻴﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺗﺼﺒﺢ ﺟﺰﺀًﺍ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﻮﻻﺗﻪ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ.