افترض العلماء أن قوانين الفيزياء ستكون مختلفة بالنسبة لكائنٍ ساكنٍ نسبةً إلى الأثير. وبعد إجراء التجارب العلمية المناسبة، سيكون من الممكن تحديدُ العنصر الساكن حقاً، حسب ما يقول بيتر غاليسون Peter Galison أستاذ الفيزياء وتاريخ العلوم في جامعة هارفرد. يقول غاليسون: "تخلص آينشتاين من ذلك". ويكمل كلامه "لا توجد خصائص فيزيائيةٌ تتوافق مع جملة "أنا حقّاً في حالة سكون". وهذا فعلاً هو جوهر نظرية النسبية"! بعبارةٍ أخرى، إن خصائص الفيزياء هي نفسها بالنسبة إليّ، سواء أكنت أقود دراجتي أو جالساً على المقعد في الحديقة. لكن يبدو أن النظرية النسبية الخاصة لا تنطبق على التسارع، وهذا ما عالجه آينشتاين لاحقاً في نظريته للنسبية العامة. استندت نظرية النسبية الخاصة إلى افتراضٍ ثانٍ يمنح سرعة الضوء في الفراغ وضعاً خاصاً، وتبلغ تلك السرعة 186 ألف ميل في الثانية أي ما يعادل 300 مليون متر في الثانية. كم تبلغ سرعة الضوء. افترض آينشتاين أن الضوء يسافر دائماً بسرعةٍ ثابتةٍ بالنسبة لأي مراقب، وذلك بغض النظر عن سرعة المراقب كما يشرح غاليسون. من الناحية النظرية، إذا كنت تملك سيارةً سريعةً بما فيه الكفاية، فإنك ربما تستطيع اللحاق بسرعة الطلقة، ولكن لا يمكنك اللحاق أبداً أو حتى خفض السرعة الظاهرية للنبضة الضوئية.
كم تبلغ سرعة الضوء في الثانية الواحدة؟ - مقال
إذن كيف أمكن جمعهما معًا؟
كان لا بد من وجود رابط يسمح لنا بالتحويل بين الحركة في المكان والحركة في الزمان، بعبارة أخرى، كان لا بد لنا من معرفة كم يساوي مثلاً مقدار متر واحد بالزمان، تمامًا كما هو عليه الأمر عند التحويل بين العملات فلا بد من وجود عملة تُعد معيارًا تستند إليه كل عمليات التحويل بين العملات، وهذا ما اكتشفه آينشتاين حين حصل على ثابت واحد -سرعة معينة- بمقدورنا الاعتماد عليه لمعرفة كم يساوي مقدار من المكان نظيره من الزمان، أو العكس. لم تذكر نظريات آينشتاين ذلك العدد، لكن حين طُبِّقت النسبية الخاصة على معادلات ماكسويل وجد آينشتاين أن معامل التحويل هذا هو سرعة الضوء نفسها. تُعتبر سرعة الضوء ثابتًا أساسيًا يُوحد الزمان والمكان، لكنه يبقى مجرد رقم حسبه واكتشفه ماكسويل مسبقًا من دون أن يعلم ماهيته، وذلك لأن كل الجسيمات عديمة الكتلة تستطيع السفر بهذه السرعة، وبما أن الضوء عديم الكتلة فيمكنه السفر بهذه السرعة أيضًا، ومن هنا أصبحت سرعة الضوء حجر الأساس في الفيزياء الحديثة. كم تبلغ سرعة الضوء في الثانية الواحدة؟ - مقال. لكن يبقى السؤال مطروحًا: لماذا ذلك العدد وليس غيره؟ لماذا اختارت الطبيعة ذلك العدد تحديدًا؟
فقدان المعنى
حسنًا، ذلك العدد لا يهم مادام يملك وحدات (أمتار في الثانية)، لذلك يجب علينا أن نحدد ماهية هذه الوحدات مسبقًا.
إذا تم تطبيق قوة ما على جسم ذو كتلة، ستعتقد أن سرعته هي التي تزداد فقط. هذا ما كان يعتقده العلماء في الماضي، وذلك لأننا لا نستطيع مراقبة الأجسام التي تسير بسرعة كبيرة. لكن قبل أكثر من قرن بقليل، أظهر حسابات العالم الشهير ألبرت أينشتاين أن الطاقة التي يرمز لها بالرمز E لأي جسم مرتبطة بكتلة m وفقًا للمعادلة الشهيرة:
E = m c2
حيث "C" هي سرعة الضوء والتي تبلغ (299. 792. 458 كم / ثانية). بحسب دراسات العالم ألبرت أينشتاين، تشكل الطاقة والكتلة كيانان مترابطان، ويمكن أن يتحول كل منهما إلى الآخر. وهذا بالضبط ما يحدث عندما نقوم بتسريع جسم ما لسرعات كبيرة، فالطاقة التي نمنحه إياها تتحول إلى كتلة مما يؤدي لزيادة كتلته. ومع زيادة السرعة، سيكون هناك حاجة إلى المزيد والمزيد من الطاقة للاستمرار، وهذا يسبب تحول المزيد والمزيد من الطاقة إلى كتلة. ومن الناحية العملية، كلما اقترب الجسم من سرعة الضوء، أصبح أكبر وأكثر ثباتًا. على سبيل المثال، عند يصل جسم كتلته 80 كيلوغرام إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء (99. 9٪ من سرعة الضوء)، يصبح وزنه حوالي 2 طن (2000 كيلوغرام). وعند محاولة دفعه أكثر لجعله يتغلب على حاجز سرعة الضوء سيؤدي إلى النتيجة الوحيدة المؤكدة وهي زيادة كتلته كثيرًا، تاركًا سرعته عمليًا دون تغيير.