ثم إن جملة الذين يبلغون إلى آخرها يجوز أن تكون في موضع الصفة للذين خلوا من قبل ، أي الأنبياء. وإذ قد علم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - متبع ما أذن الله له اتباعه من سنة الأنبياء قبله علم أنه متصف بمضمون جملة الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله بحكم قياس المساواة ، فعلم أن الخشية التي في قوله وتخشى الناس ليست خشية خوف توجب ترك ما يكرهه الناس أو فعل ما يرغبونه بحيث يكون الناس محتسبين على النبي - عليه الصلاة [ ص: 43] والسلام - ولكنها توقع أن يصدر من الناس وهم المنافقون ما يكرهه النبي - عليه الصلاة والسلام - ويدل لذلك قوله ( وكفى بالله حسيبا) ، أي الله حسيب الأنبياء لا غيره. هذا هو الوجه في سياق تفسير هذه الآيات ، فلا تسلك في معنى الآية مسلكا يفضي بك إلى توهم أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - حصلت منه خشية الناس وأن الله عرض به في قوله ولا يخشون أحدا إلا الله تصريحا بعد أن عرض به تلميحا في قوله وتخشى الناس بل النبيء - عليه الصلاة والسلام - لم يكترث بهم وأقدم على تزوج زينب ، فكل ذلك قبل نزول هذه الآيات التي ما نزلت إلا بعد تزوج زينب كما هو صريح قوله زوجناكها ولم يتأخر إلى نزول هذه الآية.
ما مفهوم القضاء والقدر - موضوع
(عَبدانُ، عن أبي حمزةَ): بحاء مهملة وزاي.
السنة النبوية
قول الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه عندما أوصاه: (فلو أن الخلق كلهم جميعاً أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه وإن أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه) [صحيح]. العقل
التفكير الصحيح يقتضي وجود خالق عظيم مدبّر لشأن هذا الكون، حيث نجد الدقة المتناهية، والنظام الدقيق والمُحكم، وهذا يتضمن قدر الله وقضاءه في الكون وما فيه، فكون عظيم متناهٍ في الدقة والعظمة لا يمكن أن يوجد صدفة أو عشوائية أو عبثاً، بل هو نتاج تقدير حكيم وقضاء نافذ من قوي عليم. الإجماع
أجمع علماء الأمّة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر، والحقيقة أنّه قد وجد الدليل من القرآن والسنة ابتداءً، فلا نحتاج إلى أدلة أخرى فقد تحقق الغرض بهما. آثار الإيمان بالقضاء والقدر
بعث همّة المسلم وتفجير طاقاته الإيجابية، والحدّ من الطاقات السلبية لديه. طمأنينة المسلم لما يصيبه من هموم وأحزان، فهو يعلم علم اليقين أنّها من قدر الله وقضائه النافذ، وأنّ الله سيثيبه عليها إنْ تعامل معها بشكل إيجابي وتحلّى بالصبر إزاءها. تعديل سلوك المسلم وتصحيح مساره في النظر إلى الأمور كربط الأسباب بالمسببات، فإذا كان المرض مثلاً قدراً فإنّه يدفع بقدر العلاج، وكلّها أقدار من الله سبحانه فما عند الله هو خير للمسلم دائماً، وإن بدا في ظاهره للمسلم غير ذلك أحياناً، وهنا يأتي دور المحن والابتلاءات والتمحيص وأثرها في تربية المسلم وتزكيته.