قسم فقهاء الإسلام العقوبات الشرعية إلى ثلاثة أقسام: حدود لا يجوز لأحد المساس بها ولا بقَدرها. والقسم الثاني: (القصاص) وهو أن يحكم على الجاني بذات الفعل الذي ارتكبه. حروف المعاني في آيات الصيام ودورها في الترابط الدلالي «8» - جريدة الوطن. والقسم الثالث: (التعزيرات) وهي عقوبات تقع على الجاني في الجرائم أو الجنح التي هي دون الحدود، وترك الشارع الحكيم للقاضي حق تقديرها حسب اجتهاده. كما أعطى لولي الأمر صاحب البيعة الذي عقد للقاضي الصلاحية (الولاية) حقَ مراجعة الأحكام التعزيرية، فإذا كان من المصلحة إمضاؤها أمضاها، أو تغليظها غلظها، أو تخفيفها خففها، أو إلغاؤها ألغاها؛ فكما يقول ابن القيم -رحمه الله-: (حيثما كانت المصلحة فثمَّ شرع الله)؛ وولي الأمر هو المناط به شرعًا تحقيق المصلحة.. وغنيٌ عن القول إن الشرع الحنيف يدور مع مصلحة الناس حيث دارت؛ فالهدف والغاية والقصد من الأحكام القضائية أياً كان نوعها إقامة العدل والإنصاف بين الناس، وترسيخ الاستقرار والأمن والسلام في المجتمع. الجلد كعقوبة حدية وردت في ثلاث جرائم فقط، وهي حد الزنا لغير المحصن، حد القذف، وحد شرب الخمر، فلا يجوز بالتالي إلا تنفيذها كما وردت في النص، أما الجلد كعقوبة تعزيرية فهي حسب اجتهاد القاضي في تقديرها، شريطة إلا يتجاوز مقدارها عشرة أسواط كحد أعلى؛ لقوله صلى الله عليه وسلَّم كما جاء في المُستدرك: (لا يُجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى).
حروف المعاني في آيات الصيام ودورها في الترابط الدلالي «8» - جريدة الوطن
والحديث الثاني: يقول ﷺ: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين سبب هذا أنه عفا عن شخص يقال له أبو عزة، عفا عنه في يوم بدر، ثم نكث العهد، وقد عاهد النبي ﷺ ألا يساعد المشركين، فساعدهم وغزا معهم يوم أحد، فأسر فقال: اعف عني ولا أقاتل مع عدو عليك، قال: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين لا تذهب إلى مكة تقول: غدرت محمدًا مرتين، أو لعبت بمحمد مرتين ثم أمر بقتله، المقصود أن الإنسان يحذر إذا لدغ من جحر -يعني من شخص- يحذر لا يلدغ منه مرة أخرى من شخص أو من مؤسسة أو من أي جهة ليحذر، فاللادغ قد يعود فليحذر. تلك حدود الله فلا تعتدوها. والحديث الرابع: يقول ﷺ: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم هذا وعيد عظيم نسأل الله العافية. الأول: رجل على فضل ماء في الفلاة يمنعه ابن السبيل إنسان عنده فضل ماء في البر فيمنع الناس لا يردون عليه، هذا ظالم متعدٍ، أما الماء الذي قدره ماء عنده قدر حاجته لا بأس، أما فضل الماء في الفلاة مغادر واسعة، أو آبار فيها ماء يكفيه ويكفي غيره، ليس له أن يمنع من يرد عليها أو يشرب منها أو يحمل منها، وإلا فهو متعد لحدود الله، ظالم لعباد الله. والثاني: باع سلعة بعد العصر فحلف لأخذها أو أعطي بها كذا وكذا وهو يكذب، هذا يفيد أن الأيمان بعد العصر -عند ختام النهار- أغلظ منها في وسط النهار، ومع هذا يحلف والله أنها أسيمت بكذا، والله أني شريتها بكذا، وهو يكذب، نسأل الله العافية.
25/1832- وعنْ أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنيِّ جَرْثُومِ بنِ نَاشِرٍ عنْ رَسُولِ اللَّه ﷺ قَالَ: إنَّ اللَّه تَعَالَى فَرَضَ فَرائِضَ فَلاَ تُضَيِّعُوهَا، وحدَّ حُدُودًا فَلا تَعْتَدُوهَا، وحَرَّم أشْياءَ فَلا تَنْتَهِكُوها، وَسكَتَ عَنْ أشْياءَ رَحْمةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيانٍ فَلا تَبْحثُوا عَنْهَا حديثٌ حسن، رواه الدَّارقُطْني وَغَيْرهُ. 26/1833- وعنْ عَبدِ اللَّهِ بنِ أبي أوْفي رضي اللَّه، عَنْهُمَا قالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّه ﷺ سَبْعَ غَزَوَاتٍ نَأكُلُ الجرادَ. وَفِي روايةٍ: نَأْكُلُ معهُ الجَراد، متفقٌ عليه. 27/1834- وعَنْ أبي هُريْرةَ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قَال: لا يُلْدغُ المُؤمِنُ مِنْ جُحْرٍ مرَّتَيْنِ متفقٌ عليه. 28/1835- وَعنْهُ قَال: قَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: ثَلاثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّه يَوْمَ الْقِيَامةِ وَلاَ ينْظُرُ إلَيْهِمْ وَلا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ: رجُلٌ علَى فَضْلِ ماءٍ بِالْفَلاةِ يمْنَعُهُ مِن ابْنِ السَّبِيلِ، ورَجُلٌ بَايَع رجُلًا سِلْعَةً بعْد الْعَصْرِ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لأخَذَهَا بكَذَا وَكَذا، فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلى غيْرِ ذَلِكَ، ورَجُلٌ بَايع إمَامًا لاَ يُبايِعُهُ إلاَّ لِدُنيَا، فَإنْ أعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى، وإنْ لَم يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ متفقٌ عليه.