فبعد تلك الوقعة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دار الأرقم عند الصّفا ،فكانوا يقيمون الصّلاة بها ، واستمروا كذلك ثلاث سنين أو تزيد ، فنزل قوله تعالى: { فاصدع بما تؤمر} الآية. وبنزولها ترك الرسول صلى الله عليه وسلم الاختفاء بدار الأرقم ، وأعلن بالدّعوة للإسلام جهراً. وأما قوله تعالى: { إنّا كفيناكَ المستهزئينَ} ، قيل: وهم خمسة: الوليد بن المغيرة ، والعاص بن وائل ، وأبو زمعة ، والأسود بن عبد يغوث ، والحراث بن الطلاطلة. أهلكهم الله جميعاً قبل بدر لاستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسبب هلاكهم ما حكاه مقسم وقتادة ، أن الوليد بن المغيرة ارتدى فعلق سهم بردائه ، فذهب فجلس فقطع أكحله فنزف فمات. فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين سبب النزول. وأما العاص بن وائل فوطئ على شوكة ، فتساقط لحمه عن عظامه ، فمات ، وأما أبو زمعة فعمى. وأما الأسود بن عبد يغوث فإنه أتى بغصن شوك فأصاب عينيه ، فسالت حدقتاه على وجهه ، فكان يقول: [ دعا] عليّ محمد فاستجيب له ، ودعوت عليه فاستجيب لي ، دعا عليّ أن أعمى فعميت ، ودعوت عليه أن يكون طريداً بيثرب ، فكان كذلك ، وأما الحارث بن الطلاطلة فإنه استسقى بطنه. أيها المسلمون
لقد مرت الدعوة الإسلامية على يد صاحبها (عليه الصلاة والسلام) بثلاث مراحل هي: مرحلة الدعوة السرية: والتي اكتفى فيها (عليه الصلاة والسلام) بدعوة من رغب في الإسلام ،حيث كان اجتماعهم في السر في بيت الأرقم بن أبي الأرقم ،ويمكن أن يطلق على هذه المرحلة أيضا ً مرحلة الدعوة الفردية ، حيث كان كل فرد مسلم حريص على دعوة من عرف فيه الأهلية للإسلام من أقربائه ، أو ممن له عليهم سبيل.
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين سبب النزول
ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله ، وكان أصابه قبل ذلك بسنين ، وهو يجر سبله ، وذلك أنه مر برجل من خزاعة يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء ، فانتقض به فقتله. ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله ، فمرج على حمار له يريد الطائف ، فربض به على شبرقة فدخلت [ ص: 58] في أخمص رجله شوكة فقتلته. ومر به الحارث بن الطلاطلة ، فأشار إلى رأسه فامتخط قيحا فقتله. سبب نزول " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " | المرسال. وقد ذكر في سبب موتهم اختلاف قريب من هذا. وقيل: إنهم المراد بقوله - تعالى -: فخر عليهم السقف من فوقهم شبه ما أصابهم في موتهم بالسقف الواقع عليهم; على ما يأتي.
فاصدع بما تور کیش
واستشهد لقوله ذلك بقول حصين بن المنذر الرقاشي ليزيد بن المهلَّب:
أمَرْتُكَ أمْرًا جازِما فَعَصَيْتَني... فأصْبَحْتَ مَسلُوبَ الإمارَةِ نادِما [[البيت شاهد على أنه يقال أمرتك أمرا، وأمرتك بأمر، فيجوز أن يتعدى الفعل بنفسه وبالباء. ]] فقال أمرتك أمرا، ولم يقل: أمرتك بأمر، وذلك كما قال تعالى: ذكره: ﴿أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ﴾ ولم يقل: بربهم، وكما قالوا: مددت الزمام، ومددت بالزمام، وما أشبه ذلك من الكلام. وأما قوله ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ ويقول تعالى ذكره لنبييه ﷺ: بلغ قومك ما أرسلتَ به، واكفف عن حرب المشركين بالله وقتالهم. وذلك قيل أن يفرض عليه جهادهم، ثم نَسَخَ ذلك بقوله ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾. فاصدع بما تور کیش. كما:-
⁕ حدثنا محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ وهو من المنسوخ. ⁕ حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ و ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ﴾ وهذا النحو كله في القرآن أمر الله تعالى ذكره نبيه ﷺ أن يكون ذلك منه، ثم أمره بالقتال، فنَسَخَ ذلك كله، فقال: ﴿خُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ﴾... الآية.
خواطر قرآنية
1 دقائق للقراءة
فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ
[الحجر: 94]
وكأن الله يُربي النبي بأن ينشغل ببناء الحق ، ولا ينشغل بهدم الباطل.
((فتح القدير)) (3/432). وقال: (التَّسويةُ المُستحَقَّةُ في البيتوتةِ لا في المجامَعةِ؛ لأنَّها تَبتني على النَّشاطِ، ولا خلافَ فيه). ((فتح القدير)) (3/434). وقال ابن نجيم: (الوَطآتُ والقُبُلات والتَّسويةُ فيهما غيرُ لازمةٍ إجماعًا). ((البحر الرائق)) (3/234). وقال ابن عابدين: (ممَّا يجِبُ على الأزواجِ للنِّساءِ العَدلُ، والتَّسويةُ بينهنَّ فيما يملِكُه، والبيتوتةُ عندهما... حكم التعدد وأدلة مشروعيته والحكمة منه. لا في المجامَعةِ؛ لأنَّها تَبتني على النَّشاطِ، ولا خِلافَ فيه). ((حاشية ابن عابدين)) (3/202). الأدِلَّةُ: أوَّلًا: مِن الكِتابِ قَولُه تعالى: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ [النساء: 129] وَجهُ الدَّلالةِ: أنَّ هذا العَدلَ الذي ذكَرَ تعالى هنا أنَّه لا يُستطاعُ: هو العَدلُ في المحبَّةِ والميلِ الطبيعيِّ، بخلاف العَدلِ في الحُقوقِ الشَّرعيَّةِ؛ فإنَّه مُستطاعٌ [1150] ((تفسير البغوي)) (2/295)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (1/317). ثانيًا: أنَّ الميلَ الطبيعيَّ بمَحبَّةِ بَعضِهنَّ أكثَرَ مِن بَعضٍ: غيرُ مُستطاعٍ دَفعُه، وليس تحت قُدرةِ البشَرِ؛ لأنَّه انفِعالٌ وتأثُّرٌ نَفسانيٌّ، لا فِعلٌ [1151] ((أضواء البيان)) للشنقيطي(3/22) و (1/317).
حكم التعدد وأدلة مشروعيته والحكمة منه
اه
والقول الذي نختاره انه يجب عليه تحقيق كفايتها مالم يتضرر هو بذلك فان تضرر فعلى حسب طاقته بشرط أن لايوفر جهده لجماع إحداهما دون الأخرى. وأما الجمع بين الزوجتين في شقة واحدة، بحيث تكون كل منهما في غرفة مستقلة تناسب حالها وحال زوجها. قال ابن قدامة في المغني: وليس للرجل أن يجمع بين زوجتيه في مسكن واحد بغير رضاهما -صغيراً كان أو كبيراً- لأن عليهما ضررا، لما بينهما من العداوة والغيرة، واجتماعهما يثير المخاصمة والمقاتلة. اهـ
وراجع للزيادة في الموضوع الفتويين التاليتين: 38630 ، 21818.
العدل بين الزوجات في الجماع - YouTube