من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا
قوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله وإنما كانت طاعة لله لأنها موافقة لأمر الله تعالى. ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا فيه تأويلان: أحدهما: يعني حافظا لهم من المعاصي حتى لا تقع منهم. والثاني: حافظا لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها فتخاف ألا تقوم بها ، فإن الله تعالى هو المجازي عليها. ويقولون طاعة يعني المنافقين ، أي أمرنا طاعة. فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والتبييت كل عمل دبر ليلا ، قال عبيد بن همام: أتوني فلم أرض ما بيتوا وكانوا أتوني بأمر نكر لأنكح أيمهم منذرا وهل ينكح العبد حر لحر؟ [ ص: 510]
وفي تسمية العمل بالليل بياتا قولان: أحدهما: لأن الليل وقت المبيت. والثاني: لأنه وقت البيوت. وفي المراد بقوله تعالى: بيت طائفة منهم غير الذي تقول قولان: أحدهما: أنها غيرت ما أضمرت من الخلاف فيما أمرتهم به أو نهيتهم عنه ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة ، والسدي. والثاني: معناه فدبرت غير الذي تقول على جهة التكذيب ، وهذا قول الحسن.
شرح وترجمة حديث: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني - موسوعة الأحاديث النبوية
تفسير و معنى الآية 80 من سورة النساء عدة تفاسير - سورة النساء: عدد الآيات 176 - - الصفحة 91 - الجزء 5. ﴿ التفسير الميسر ﴾
من يستجب للرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل بهديه، فقد استجاب لله تعالى وامتثل أمره، ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فما بعثناك -أيها الرسول- على هؤلاء المعترضين رقيبًا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها، فحسابهم علينا. ﴿ تفسير الجلالين ﴾
«من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى أعرض عن طاعتك فلا يهمنَّك «فما أرسلناك عليهم حفيظا» حافظا لأعمالهم بل نذيرا وإلينا أمرهم فنجازيهم وهذا قبل الأمر بالقتال. ﴿ تفسير السعدي ﴾
أي: كل مَنْ أطاع رسول الله في أوامره ونواهيه فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ تعالى لكونه لا يأمر ولا ينهى إلا بأمر الله وشرعه ووحيه وتنزيله، وفي هذا عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الله أمر بطاعته مطلقا، فلولا أنه معصوم في كل ما يُبَلِّغ عن الله لم يأمر بطاعته مطلقا، ويمدح على ذلك. وهذا من الحقوق المشتركة فإن الحقوق ثلاثة: حق لله تعالى لا يكون لأحد من الخلق، وهو عبادة الله والرغبة إليه، وتوابع ذلك. وقسم مختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير والنصرة. وقسم مشترك، وهو الإيمان بالله ورسوله ومحبتهما وطاعتهما، كما جمع الله بين هذه الحقوق في قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا فمَنْ أطاع الرسول فقد أطاع الله، وله من الثواب والخير ما رتب على طاعة الله وَمَنْ تَوَلَّى عن طاعة الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئًا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا أي: تحفظ أعمالهم وأحوالهم، بل أرسلناك مبلغا ومبينا وناصحا، وقد أديت وظيفتك، ووجب أجرك على الله، سواء اهتدوا أم لم يهتدوا.
الدرر السنية
لمشاهدة الصورة بحجمها الأصلي اضغط هنا
جودة الطباعة - ألوان جودة الطباعة - أسود ملف نصّي
من يطع الرسول فقد أطاع الله
قال الله تعالى:
من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا
( النساء: 80)
—
أي من يستجب للرسول صلى الله عليه وسلم، ويعمل بهديه، فقد استجاب لله تعالى وامتثل أمره، ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فما بعثناك- أيها الرسول- على هؤلاء المعترضين رقيبا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها، فحسابهم علينا. التفسير الميسر
بالضغط على هذا الزر.. سيتم نسخ النص إلى الحافظة.. حيث يمكنك مشاركته من خلال استعمال الأمر ـ " لصق " ـ
تفسير قوله تعالى: من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن
الأمير
إذا أطاعه الإنسان فقد أطاع الرسول؛ لأن النبي ﷺ أمر في أكثر من حديث، وأمر
بطاعة ولي الأمر، وقال: « وأطع وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك »
وقال: « اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن
رأسه زبيبة ». وقال: « على المسلم السمع والطاعة
في عسره ويسره ومنشطه ومكرهه ». والأحاديث
في هذا كثيرة، فقد أمر بطاعة ولي الأمر، فإذا أطعت ولي الأمر فقد أطعت الرسول عليه
الصلاة والسلام، وإذا أطعت الرسول فقد أطعت الله. وهذا
الحديث وما سبقه وما لم يذكره المؤلف كلها تدل على وجوب طاعة ولاة الأمور إلا في
معصية الله، لما في طاعتهم من الخير والأمن والاستقرار وعدم الفوضى وعدم اتباع
الهوى. أما إذا عصي ولاة الأمور في أمر تلزم طاعتهم فيه؛ فإنه تحصل الفوضى، ويحصل
إعجاب كل ذي رأي برأيه، ويزول الأمن، وتفسد الأمور، وتكثر الفتن، فلهذا يجب علينا
نحن أن نسمع ونطيع لولاة أمورنا إلا إذا أمرونا بمعصية؛ فإذا أمرونا بمعصية الله
فربنا وربهم الله له الحكم، ولا نطيعهم فيها؛ بل نقول لهم: أنتم يجب عليكم أن
تتجنبوا معصية الله، فكيف تأمروننا بها؟ فلا نسمع لكم ولا نطيع. وقد
سبق لنا أن قلنا: إن ما أمر به ولاة الأمور ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم
الأول: أن يكون الله قد أمر به، مثل أن يأمرونا بإقامة الجماعة في المساجد، وأن
يأمرونا بفعل الخير وترك المنكر، وما أشبه ذلك، فهذا واجب من وجهين: أولًا: أنه
واجب أصلًا.
ولهذا
فإن الذي يهين السلطان بنشر معايبه بين الناس وذمه والتشنيع عليه والتشهير به يكون
عرضة لأن يهينه الله عزّ وجلّ؛ لأنه إذا أهان السلطان بمثل هذه الأمور؛ تمرد الناس
عليه فعصوه، وحينئذٍ يكون هذا سبب شر فيهينه الله عزّ وجلّ. فإن
أهانه في الدنيا فقد أدرك عقوبته، وإن لم يهنه في الدنيا فإنه يستحق أن يهان في
الآخرة والعياذ بالله؛ لأن كلام الرسول ﷺ حق: «من أهان السلطان أهانه
الله»، ومن أعان السلطان أعانه الله؛ لأنه أعان على خير وعلى بر، فإذا بينت للناس
ما يجب عليهم للسلطان وأعنتهم على طاعته في غير معصية فهذا خيرٌ كثيرٌ، بشرط أن
يكون إعانة على البر والتقوى وعلى الخير، نسأل الله لنا ولكم الحماية عما يغضب
وجها، والتوفيق لما يحبه ويرضاه. وصلى
الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. تحقيق
رياض الصالحين للألباني
- (صحيح)
وعن
أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ﷺ يقولُ: « من أهان السلطان أهانهُ اللهُ » رواه الترمذي. وقال:
كذا والذي في الترمذي: " سلطان الله في الأرض " والحديث في
(الصحيحة) رقم (2696) [290]. الحمد لله رب العالمين
اللهُم ارحم مَوتانا مِن المُسلِمين واجمعنا بهِم فيِ جَنّات النَعيمْ
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال
مواضيع ذات صلة
قال مقاتل في هذه الآية: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله " فقال المنافقون: لقد قارب هذا الرجل الشرك وهو أن ينهى أن نعبد غير الله ، ويريد أن نتخذه ربا كما اتخذت النصارى عيسى ، فأنزل الله هذه الآية. واعلم أنا بينا كيفية دلالة الآية على أنه لا طاعة البتة للرسول ، وإنما الطاعة لله. أما قوله: ( ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) ففيه قولان:
أحدهما: أن المراد من التولي هو التولي بالقلب ، يعني يا محمد حكمك على الظواهر ، أما البواطن فلا تتعرض لها. والثاني: أن المراد به التولي بالظاهر. ثم ههنا ففي قوله: ( فما أرسلناك عليهم حفيظا) قولان:
الأول: معناه فلا ينبغي أن تغتم بسبب ذلك التولي وأن تحزن ، فما أرسلناك لتحفظ الناس عن المعاصي ، والسبب في ذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان يشتد حزنه بسبب كفرهم وإعراضهم ، فالله تعالى ذكر هذا الكلام تسلية له عليه الصلاة والسلام عن ذلك الحزن. الثاني: أن المعنى فما أرسلناك لتشتغل بزجرهم عن ذلك التولي وهو كقوله: ( لا إكراه في الدين) [ البقرة: 256] ثم نسخ هذا بعده بآية الجهاد.
وقال آخرون: ما ذكره المصنف عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله الكوفي الزاهد عن أبيه وعائشة وابن عباس وعنه قتادة وأبو الزبير والزهري ، وثقة أحمد وابن معين قال البخاري: مات بعد العشرين ومائة - يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها - قال: إنكارهم إياها أن يقول الرجل: لولا فلان ما كان كذا وكذا ، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا وإختار ابن جرير القول الأول ، واختار غيره أن الآية تعم ما ذكره العلماء في معناها. وهو الصواب والله أعلم. قوله: قال مجاهد هو شيخ التفسير: الإمام الرباني ، مجاهد بن جبر المكي مولى بني مخزوم. قال الفضل بن ميمون: سمعت مجاهداً يقول عرضت المصحف على ابن عباس مرات ، أقفه عند كل آية وأسأله: فيم نزلت ؟ وكيف نزلت ؟ وكيف معناها ؟ توفي سنة اثنتين ومائة. وله ثلاث وثمانون سنة رحمه الله. قوله: وقال أبو العباس هو شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الإمام الجليل رحمه الله ـ بعد حديث زيد بن خالد ـ وقد تقدم في باب ما جاء في الإستسقاء بالأنواء. قال: وهذا كثير في الكتاب والسنة ، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به. (34) باب قوله تعالى {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك. قال بعض السلف هو كقولهم: كانت الريح طيبة ، والملاح حاذقاً.
يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها (خطبة)
تاريخ الإضافة: 22/2/2018 ميلادي - 7/6/1439 هجري
الزيارات: 9772
♦ الآية: ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: النحل: (83). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ يعرفون نعمة الله ثمَّ ينكرونها ﴾ يعني: الكفَّار يُقرُّون بأنَّها كلَّها من الله تعالى ثمَّ يقولون بشفاعة آلهتنا فذلك إنكارهم ﴿ وأكثرهم ﴾ جميعهم ﴿ الكافرون ﴾. يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها (خطبة). ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ﴾، قَالَ السُّدِّيُّ يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ﴿ ثُمَّ يُنْكِرُونَها ﴾، يُكَذِّبُونَ بِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْإِسْلَامُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يَعْنِي مَا عَدَّ لَهُمْ مِنَ النِّعَمِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ يُقِرُّونَ أَنَّهَا مِنَ اللَّهِ، ثُمَّ إِذَا قِيلَ لَهُمْ تَصَدَّقُوا وَامْتَثِلُوا أَمْرَ اللَّهِ فِيهَا يُنْكِرُونَهَا فَيَقُولُونَ وَرِثْنَاهَا مِنْ آبَائِنَا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ لَهُمْ هَذِهِ النِّعَمَ قَالُوا: نَعَمْ هَذِهِ كُلُّهَا مِنَ اللَّهِ وَلَكِنَّهَا بِشَفَاعَةِ آلِهَتِنَا.
يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون . [ النحل: 83]
[ ص: 134] يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون يعرفون نعمت الله استئناف لبيان أن توليهم وإعراضهم عن الإسلام ليس لعدم معرفتهم بما عدد من نعم الله تعالى أصلا، فإنهم يعرفونها، ويعترفون أنها من الله تعالى، ثم ينكرونها بأفعالهم حيث يعبدون غير منعمها، أو بقولهم إنها بشفاعة آلهتنا، أو بسبب كذا. يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون . [ النحل: 83]. وقيل: نعمة الله تعالى نبوة محمد صلى الله عليه وسلم عرفوها بالمعجزات، كما يعرفون أبناءهم، ثم أنكروها عنادا. ومعنى "ثم" لاستبعاد الإنكار بعد المعرفة; لأن حق من عرف النعمة الاعتراف بها، لا الإنكار. وإسناد المعرفة والإنكار المتفرع عليها إلى ضمير المشركين على الإطلاق من باب إسناد حال البعض إلى الكل كقولهم: بنو فلان قتلوا فلانا، وإنما القاتل واحد منهم، فإن بعضهم ليسوا كذلك لقوله سبحانه: وأكثرهم الكافرون أي: المنكرون بقلوبهم غير المعترفين بما ذكر، والحكم عليهم بمطلق الكفر المؤذن بالكمال من حيث الكمية لا ينافي كمال الفرقة الأولى من حيث الكيفية ، هذا، وقد قيل ذكر الأكثر إما لأن بعضهم لم يعرفوا لنقصان العقل، أو التفريط في النظر، أو لم يقم عليه الحجة; لأنه لم يبلغ حد التكليف فتدبر.
(34) باب قوله تعالى {يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك
والمراد بالكفر في قوله- تعالى-: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ الستر لنعم الله عن معرفة لها، وغمطها عن تعمد وإصرار. أى: إن هؤلاء المشركين، يعرفون نعم الله التي عددها في هذه السورة، كما أنهم يعترفون بأن خالقهم وخالق السموات والأرض هو الله، ولكنهم ينكرون هذه النعم بأفعالهم القبيحة، وأقوالهم الباطلة، كقولهم هذه النعم من الله ولكنها بشفاعة آلهتنا الأصنام، أو كقولهم: هذه النعم ورثناها عن آبائنا. وجاء التعبير بثم لاستبعاد الإنكار بعد المعرفة بالنعم، فإن من شأن العالم بالنعمة أن يؤدى الشكر لمسديها، وأن يستعملها فيما خلقت له. وقوله وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ أى: وأكثر هؤلاء الضالين. جاحدون لنعم الله عن علم بها لا عن جهل، وعن تذكر لا عن نسيان. وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا... قال صاحب فتح البيان: وعبر هنا بالأكثر في قوله- تعالى-: وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ والمراد الكل، لأنه قد يذكر الأكثر ويراد به الجميع، أو أراد بالأكثر العقلاء دون الأطفال ونحوهم، أو أراد كفر الجحود، ولم يكن كفر كلهم كذلك، بل كان كفر أقلهم عن جهل، وكفر أكثرهم بسبب تكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم عنادا أو حسدا... وبذلك ترى الآيات الكريمة قد ساقت لنا ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، وأدلة متعددة على وحدانيته وقدرته، وجانبا من موقف الكافرين من هذه النعم.
﴿ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴾ [الزمر: 8]. بين الحاجة والفقر، وهموم تكسر الظهر؛ أطفال يشتكون الجوع، وصاحب دين مفجوع، وإيجار قد حل أوانه، أصبح أسيرًا بين أحزانه، عندها تذكر الغني الرزاق، ومن له خزائن السماوات والأرض، فدعا وألح وعاهد الله عهدًا غليظًا: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [التوبة: 75]، هنالك تغيرت أحواله، وكثرت أمواله، ورزقه الله من حيث لا يحتسب، فأصبح حديث الزمان، وكلام الركبان، ومن يُشار إليه بالبنان، فماذا كان؟! ﴿ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [التوبة: 76]، حتى كانت العقوبة النهائية: ﴿ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [التوبة: 77]، ﴿ يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا ﴾ [النحل: 83].
الخطبة الأولى
الحمد لله حمدًا كثيرًا كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، أسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في إلوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله، أرسله ربه بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله- حق التقوى، واشكروا ربكم على نعمه يزدكم، واعرفوا له قدره وحقه، واستعينوا بنعمه على طاعته: ( لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم: 7]. عباد الله: تفرد الله- سبحانه- بالعطاء والملك والتدبير، وتفضل على عباده بالنعم آناء الليل وأطراف النهار، وكمال التوحيد لا يكون إلا بإضافة النعم إلى المُنعم وهو الله؛ كما قال تعالى: ( وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ) [النحل: 53] وأما العباد فهم أسباب يُجري الله النعم على أيديهم. فإضافة النعم إلى غير الله: من كفر النعمة، وهو من المحرمات المنقصة لتوحيد العبد. وقد ذكر الله- سبحانه- في سورة النحل المسماة بـ (سورة النعم) عددًا من النعم التي أنعم الله بها على عباده، وهي المساكن والأنعام وما يرزقون منها، والسرابيل من الحديد والثياب.