وقال الخليلي - في ترجمة أبى بكر بن أبى داود -: (كان يقال: أئمة ثلاثة في زمن واحد، ابن أبى داود، وابن خزيمة، وابن أبى حاتم). أقول: قدم ذكر ابن أبى داود لأنه في ترجمته وإلا فابن أبى حاتم أجل، مع أنه عاش مدة طويلة بعد ابن أبى داود وابن خزيمة، تفرد فيها بالإمامة. وفى "لسان الميزان" (1 / 265): (روى ابن صاعد ببغداد في أيامه حديثًا أخطأ في إسناده فأنكره عليه ابن عقدة فخرج عليه أصحاب ابن صاعد وارتفعوا إلى الوزير على بن عيسى فحبس ابن عقدة، ثم قال الوزير: من يرجع إليه في هذا؟ فقالوا: ابن حاتم، فكتبوا إليه في ذلك فنظر وتأمل فإذا الصواب مع ابن عقدة فكتب إلى الوزير بذلك فأطلق ابن عقدة وعظَّم شأنه). وقد كان في ذاك العصر جماعة من كبار الحافظ ببغداد وما قرب منها فلم يقع الاختيار إلا على ابن أبي حاتم مع بعد بلده. كتب لسان الدين بن الخطيب - موضوع. وقال مسلمة بن قاسم الأندلسي الحافظ: (كان ثقة جليل القدر عظيم الذكر إمامًا من أئمة خراسان). وقال أبو الوليد الباجي: (ابن أبى حاتم ثقة حافظ). وقال ابن السمعاني في "الأنساب": (من كبار الأئمة صنف التصانيف الكثيرة منها كتاب الجرح والتعديل وثواب الأعمال وغيرهما، سمع جماعة من شيوخ البخاري ومسلم). وقال الذهبي في "التذكرة": (الإمام الحافظ الناقد شيخ الاسلام... كتابه في الجرح والتعديل يقضى له بالرتبة المتقنة في الحفظ، وكتابه في "التفسير" عدة مجلدات، وله مصنف كبير في الرد على الجهمية يدل على إمامته).
- كتب لسان الدين بن الخطيب - موضوع
- حديث : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - بريق الامارات
كتب لسان الدين بن الخطيب - موضوع
ثم حج به أبوه سنة (255هـ) ذكر ذلك في ترجمة أبيه من "التقدمة". وفى "تذكرة الحفاظ" عنه: (رحل بي أبى سنة خمس وخمسين ومائتين وما احتملت بعد، فلما بلغنا ذا الحليفة احتلمت، فسر أبى حيث أدركت حجة الإسلام). وفى "التذكرة" أيضا: (قال أبو الحسن على بن إبراهيم الرازي الخطيب في ترجمة عملها لعبد الرحمن (... ، ثم قال أبو الحسن: رحل مع ابيه، وحج مع محمد بن حماد الطهراني، ورحل بنفسه إلى الشام ومصر سنة 262 ثم رحل إلى أصبهان سنة 264) ولم تؤرخ سنة حجه مع الطهراني، وفى كتابه في ترجمة الطهراني: (سمعت منه مع أبى بالري، وببغداد واسكندرية). وفى "التذكرة" عنه: (كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة، نهارنا ندور على الشيوخ، وبالليل ننسخ ونقابل: فأتينا يوما انا ورفيق لي شيخا، فقالوا هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام وكاد أن ينضى فأكلناه نيئا لم نتفرغ نشويه. ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد). مشايخه والرواة عنه:
ذكر الذهبي في التذكرة جماعة من قدماء شيوخ ابن أبى حاتم الذين ماتوا سنة 256 فما بعدها إلى الستين، منهم: عبد الله بن سعيد أبو سعيد الاشج، وعلى بن المنذر الطريفي، والحسن بن عرفة، ومحمد بن حسان الأزرق، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وحجاج بن الشاعر، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي.
اسم، وإذا كان قولنا: يا زيد منطلق، ممتنعا، فكذلك يمتنع: يا نعم الرجل، إلاّ أن تريد: يا هذا نعم الرجل أنت، على ما قدّرناه فى قولهم: يا نعم المولى. وإذ قد ثبت هذا (١) ، علم أن الذى/ذهبتم إليه لا يستقيم على وجه. وأمّا قولكم: إن النداء الذى لم تصحبه جملة أمريّة أو نهييّة ليس بمتّسع فى القرآن، فغير صحيح، بل مجىء الجمل الاستفهامية والخبرية مع النداء، يكثر كثرة مجىء الأمر والنهى، كقوله تعالى فى الخبر: {يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} (٢) و {يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً} (٣) و {يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ} (٤) و {يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً} (٥) و {يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ} (٦). وقال فى الاستفهام: {يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ} (٧) و {يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ} (٨) و {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ} (٩) و {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} (١٠) فقد تكافأت هذه المعانى فى الكثرة، فليس لبعضها مزيّة على بعض. وأما اعتراضكم بربّت وثمّت، فمدفوع مردود، لأنّ هذه التاء، وإن كانت للتأنيث، ولم تنقلب فى الوقف (١١) ، ليست التاء فى نعمت، من حيث كانت (١) فى د: وإذا ثبت هذا.
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله
(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر)
=*=*=*=
عن أبى بكرة قال: قال رسول الله (صلَّ الله عليهِ و سلَّم):ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ثلاثا،قالوا: بلى يا رسول الله،قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين. وجلس وكان متكئاً فقال:ألا وقول الزور وفى رواية ألا وقول الزور وشهادة الزور فمازال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. متفق عليه
من نفحات الحديث
بوب النووى فى رياضه فقال: باب بيان غلظ تحريم شهادة الزور. ووجه الدلالة فى تغليظ قول الزور: أنها من الكبائر بل أنها من أكبر الكبائر كما قال صلى الله عليه وسلم. إنه قرنها (صلَّ الله عليهِ و سلَّم) بالشرك بالله وبعقوق الوالدين الذين هما أكبر الكبائر فعلاً. جلوسه(صلَّ الله عليهِ و سلَّم) من بعد اتكائه كما فى الحديث وهو اهتمام يدل على تعظيم لما سيقول. حديث : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - بريق الامارات. أنه كررها تدليلاً على عظم شهادة الزور وقوله. وشهادة الزور أحوال:
أولاً: أن يشهد بما يعلم أن الأمر بخلافه. ثانياً: أن يشهد بما لا يعلم أن الأمر بخلافه أو بوفاقه. ثالثاً: أن يشهد بما يعلم أن الأمر على وفاقه لكنه على صفة غير الواقع. وكلها حرام (قاله ابن عثيمين). وشهادة الزور هى أو ما يدخل فى قول الزور قال تعالى:)فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ( والإقران هنا أيضاً بين قول الزور والرجس من الأوثان أى (الشرك) يدل أيضاً على عظم قول وشهادة الزور ، وقال تعالى فى صفات عباد الرحمن:) وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ ( هذا مدح لعدم فعلهم ذلك لذا فعباد الرحمن لا يقولون زوراً ولا يشهدون زوراً أبداً.
حديث : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - بريق الامارات
شرح حديث "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا"
إنَّ الحمد لله تعالى، نَحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يَهْد الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله. أمَّا بعدُ:
فسأقوم في هذا المقال بجَمْع شرحٍ لحديث: ((ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر ثلاثًا)) في إيجاز غير مُخلٍّ، مُستعرضًا قولَ كبار شُرَّاح الحديث. الحديث:
عن عبدالرحمن بن أبي بَكرة، عن أبيه، قال: "كنَّا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور - أو قول الزور))، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مُتَّكِئًا، فجلَس، فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سَكَتَ"؛ رواه مسلم، باب بيان الكبائر. يُخبرنا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن أكبرَ الكبائر ثلاثة: الشِّرك، والعقوق، وقول الزور، ونلاحظ أنه قد كرَّر - من خلال قول الراوي: "فما زال يُكرِّرها؛ حتى قُلنا: ليتَه سكَت" - قولَ الزور؛ لأن في التَّكرار تثبيتَ المعلومة وترسيخَها، وإبرازَ أهميَّتها، والتدليل على قُبح وشَناعة هذا الفعل.
متفق عليه. قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلِّف رحمه الله تعالى: باب تحريم العقوق وقطيعة الأرحام. العقوق: بالنسبة للوالدين، وقطيعة الأرحام: بالنسبة للأقارب غير الوالدين. والعقوق مأخوذٌ من العَقِّ، وهو القطع، ومنه سمِّيت العقيقة التي تُذبَح عن المولود في اليوم السابع؛ لأنها تُعَقُّ: يعني تُقطَع رقبتها عند الذبح. والعقوق من كبائر الذُّنوب؛ لثبوت الوعيد عليه من الكتاب والسُّنة، وكذلك قطيعة الرحم؛ قال الله تعالى: ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23]؛ يعني أنكم إذا تولَّيتُم أفسَدتُم في الأرض، وقطَعتُم الرحم، وحقَّتْ عليكم اللعنةُ، وأعمى الله أبصاركم. ﴿ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ المراد بالأبصار هنا البصيرة، وليس بصر العين، والمراد أن الله تعالى يُعمي بصيرةَ الإنسان والعياذ بالله، حتى يرى الباطل حقًّا، والحقَّ باطلًا. وهذه عقوبة أخرويَّة ودنيويَّة:
أما الأخروية: فقوله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ﴾.