واعلم أن تسطيحها لا ينافي أنها كرة مستديرة، قد أحاطت
الأفلاك فيها من جميع جوانبها، كما دل على ذلك النقل والعقل والحس والمشاهدة، كما
هو مذكور معروف عند أكثر الناس، خصوصًا في هذه الأزمنة، التي وقف الناس على أكثر
أرجائها بما أعطاهم الله من الأسباب المقربة للبعيد، فإن التسطيح إنما ينافي كروية
الجسم الصغير جدًا، الذي لو سطح لم يبق له استدارة تذكر. وأما جسم الأرض الذي هو في غاية الكبر والسعة ، فيكون كرويًا
مسطحًا، ولا يتنافى الأمران، كما يعرف ذلك أرباب الخبرة. إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير السعدي- الجزء رقم1. ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ
مُذَكِّرٌ) أي: ذكر الناس وعظهم، وأنذرهم وبشرهم، فإنك مبعوث لدعوة
الخلق إلى الله وتذكيرهم، ولم تبعث مسيطرًا عليهم، مسلطًا موكلا بأعمالهم، فإذا
قمت بما عليك، فلا عليك بعد ذلك لوم، كقوله تعالى: وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ
بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ. وقوله: ( إِلا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ) أي: لكن من تولى عن الطاعة وكفر بالله (
فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأكْبَرَ) أي:
الشديد الدائم، ( إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ) أي: رجوع الخليقة وجمعهم في يوم القيامة. ( ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا
حِسَابَهُمْ) فنحاسبهم على ما عملوا من خير وشر.
إسلام ويب - تفسير السعدي - تفسير السعدي- الجزء رقم1
اقرأ أيضاً أنواع الأموال الربوية أنواع الربا
تفسير السعدي لسورة قريش
المقطع الأول من السورة
قال السعدي: "قال كثير من المفسرين: إنَّ الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها؛ أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام؛ لأجل التجارة والمكاسب فأهلك الله من أرادهم بسوء، وعظَّم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم يعترضوا لهم في أي: سفر أرادوا، ولهذا أمرهم الله بالشكر".
قال -تعالى-: (وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ* فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً)، [٧] والمؤتفكات؛ هم قوم لوط، وأما الخاطئة؛ فهي الذنب العظيم؛ وهوالشرك، ففرعون والأقوام التي سبقته، وقوم لوط الذين جاءوا بالفاحشة، جميعهم اشتركوا بالآثام والذنوب الكبيرة، كما أنهم عصوا رسلهم موسى ولوط -عليهما السلام- حتى جاء العقاب بعد العصيان، فأخذهم الله -سبحانه- أخذة شديدة، وجعل مصيرهم عذاباً أليماً. قال -تعالى-: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) ، [٨] لقد ذكر قوم نوح -عليه السلام- وعذابهم بالطوفان؛ لبيان فضله -سبحانه- وامتنانه على الأقوام من بعدهم، فلولا نجاة آبائهم، وهلاك أعدائهم، ما كان لهم وجود، فحملت الآية معنى التذكير بالنعمة، والتذكير بإهلاك الأعداء. أهوال يوم القيامة
صوّرت سورة الحاقة عدداً من مشاهد وأهوال يوم القيامة، وفيما يأتي بيان لهذه المشاهد: [٩]
قال -تعالى-: (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ) ، [١٠] فهذه النفخة هي لحظة إعلان قيام الساعة، فلا يبق أحد، وتموت جميع الخلائق، فهي نفخة أخيرة لا تُثنّى.
القول في تأويل قوله تعالى: ( فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد ( 44) فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب ( 45))
يقول - تعالى ذكره - مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وقومه: [ ص: 394] فستذكرون أيها القوم إذا عاينتم عقاب الله قد حل بكم ، ولقيتم ما لقيتموه صدق ما أقول ، وحقيقة ما أخبركم به من أن المسرفين هم أصحاب النار. كما حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد ، في قوله: ( فستذكرون ما أقول لكم) ، فقلت له: أو ذلك في الأخرة ؟ قال: نعم. وقوله: ( وأفوض أمري إلى الله) يقول: وأسلم أمري إلى الله ، وأجعله إليه وأتوكل عليه ، فإنه الكافي من توكل عليه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط ، عن السدي ( وأفوض أمري إلى الله) قال: أجعل أمري إلى الله. وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اسلام ويب aman al rajhi. وقوله: ( إن الله بصير بالعباد) يقول: إن الله عالم بأمور عباده ، ومن المطيع منهم ، والعاصي له ، والمستحق جميل الثواب ، والمستوجب سيئ العقاب. وقوله: ( فوقاه الله سيئات ما مكروا) يقول - تعالى ذكره -: فدفع الله عن هذا المؤمن من آل فرعون بإيمانه وتصديق رسوله موسى ، مكروه ما كان فرعون ينال به أهل الخلاف عليه من العذاب والبلاء ، فنجاه منه.
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اسلام ويب Aman Al Rajhi
اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اسلام ويب
تفسير قوله تعالى: (فستذكرون ما أقول لكم... )
ثم قال تعالى: فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [غافر:44].
وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد اسلام ويب Mobily
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط
ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّىٰ عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(الأعراف:94 ـ 96). والبأسـاء: هي ما يصيب الناس في أبدانهم من أمراض وأسقام. [ اللهم أذهب الباس رب الناس]. والضراء: ما يصيبهم من فقر وحاجة. أي يصيبهم بذلك { لعلهم يضرعون}: أي يدعون ويخشعون ويبتهلون إلى الله في كشف ما نزل بهم. فإذا لم يثوبوا ولم يرجعوا إلى الله { بدلنا مكان السيئة الحسنة}: أي قلب لهم الحال من الشدة إلى الرخاء، ومن الفقر إلى الغنى، ومن المرض إلى الصحة والعافية. أَيُّ الْفِتْنَةِ أَشَدُّ ؟ قَالَ : أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْك الْخَيْرُ وَالشَّرُّ لاَ تَدْرِي أَيَّهُمَا تَتْبَعُ.. { حتى عفوا}: أي بقوا على نفورهم وعتوهم، واستمروا على حالهم حتى كثرت أعدادهم وأموالهم، فما شكروا لله نعمة، ولا عرفوه في رخاء ولا شدة، وإنما قالوا { قد مس آباءنا الضراء والسراء} أي إنما هي الايام تتقلب بأهلها، وإنما يحدث فينا مثل ما حدث في آبائنا وأجدادنا، وإنما هي عاديات الغير، والأيام دول يوم لك ويوم عليك، والدهر تارات وتارات.