لقد أمرنا الله تعالى نحن المسلمين بأن نتّبع النّبي. وهذه التبعيّة تكون في كافّة شؤون الحياة. ذاك العظيم قدوة ونموذج في كلّ شيء؛ وليس في كلامه فقط، بل في سلوكه، في نمط عيشه، في كيفيّة معاشرته للنّاس وللعائلة، وفي معاملته للأصدقاء، ومعاملته للأعداء والأجانب، وتصرّفه مع الضّعفاء والأقوياء. مجتمعنا الإسلاميّ يكون مجتمعاً إسلاميّاً كاملاً بالمعنى الحقيقيّ للكلمة، عندما يجعل نفسه مطابقاً لسلوك الرّسول الأكرم (ص). 1991/9/27
إنّ الشخصيّة العظيمة لنبيّ الإسلام الكريم تقع في الصّدارة لسلسة الأنبياء والأولياء، ونحن المسلمون كُلّفنا بالاقتداء بذاك العظيم؛ حيث قال عزّ وجل: «وَلَكُم في رَسولِاللهِ اُسوَةٌ حَسَنَةٌ». علينا أن نقتدي ونتأسّى بالنبيّ الأكرم (ص). ولا يكون ذلك بمجرّد أداء عددٍ من الرّكعات في الصلاة، بل علينا أن نقتدي به في سلوكنا، كلامنا، معاشرتنا وتعاملنا. علينا إذاً أن نعرفه. لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. 2000/5/12
الأرستقراطيّة وأنواع التعصّبات الخرافيّة والغرور القبليّ وانفصال مختلف شرائح النّاس عن بعضهم البعض، كانت أهمّ ابتلاءات المجتمع العربيّة المتعصّبة والجاهليّة في ذلك الزّمان. وقد داس الرّسول الأكرم بقدمه على كلّ هذه الأمور عبر إيجاد الأخوّة، وبخطوته هذه أزال كلّ العوائق أمام الوحدة الاجتماعيّة.
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة - صحيفة الأيام البحرينية
أيُّها المسلمون:
ما أحوجَنا - ونحن نعيش في رحاب ذِكْرى ميلاد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن نوضِّح أنَّ رسول الإسلام جاء خاتَمًا لرسالات السَّماء، فليس بِدْعًا من الرُّسل، وإنَّما جاء متمِّمًا لِمَن سبقه من الرُّسل؛ ولِهذا قرَّر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - هذه الحقيقةَ في أحاديثه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إنَّ مثَلي ومثل الأنبياء قبلي كمثَلِ رجلٍ بنَى بيتًا، فأحسنه وأجمله إلاَّ موضع لَبِنة من زاويةٍ، فجعل الناس يَطُوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلاَّ وُضِعَت هذه اللَّبِنة! فأنا اللَّبِنة، وأنا خاتَمُ النبيِّين))؛ رواه الشَّيخان. فالبيت في الحديث الشريف هو الإسلام، وأمَّا بُناته فهم الرُّسل والأنبياء - عليهم الصَّلاة والسَّلام - وفي ضوء هذا؛ فمهمَّة الرُّسل جميعًا واحدة، وأهدافهم متَّفقة، وإن اختلفت أزمانُهم ومناهجهم، فالدِّين عند الله الإسلام، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، من لدن آدم - عليه السَّلام - إلى خاتَمِ الأنبياء والمرسلين، وما أرسل الله من رسولٍ إلاَّ بلسان قومه؛ ليبين لَهم أنَّهم خُلِقوا ليعبدوا الله وحده لا شريك له، ولِيَشكروه على ما أولاهم من نعمة الخلافة في الأرض على دعائم ثابتةٍ من العلم والإيمان، والفضيلة والعزَّة والكرامة.
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة - محمود إبراهيم الصباغ
وقال مقاتل: يخشى الله) ( واليوم الآخر) أي: يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال ( وذكر الله كثيرا) في جميع المواطن على السراء والضراء. ﴿ تفسير الوسيط ﴾
قال القرطبي: قوله- تعالى-: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ أى: كان لكم قدوة في النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث بذل نفسه لنصرة دين الله، في خروجه إلى الخندق. والأسوة: القدوة. وقرأ عاصم أُسْوَةٌ بضم الهمزة. والباقون بكسرها. والجمع أسى وإسى- بضم الهمزة وكسرها. يقال: فلان ائتسى بفلان، إذا اقتدى به، وسار على نهجه وطريقته. وقال الإمام ابن كثير: هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسى برسول الله صلّى الله عليه وسلّم في أقواله وأفعاله وأحواله ولهذا أمر الناس بالتأسى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه- تعالى-... لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة - محمود إبراهيم الصباغ. والذي يقرأ السيرة النبوية الشريفة. يرى أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان في هذه الغزوة بصفة خاصة، وفي غيرها بصفة عامة القدوة الحسنة الطيبة في كل أقواله وأفعاله وأحواله صلّى الله عليه وسلّم. لقد شارك أصحابه في حفر الخندق، وفي الضرب بالفأس. وفي حمل التراب بل وشاركهم في أراجيزهم وأناشيدهم، وهم يقومون بهذا العمل الشاق المتعب.
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
هذا هو الإسلام الذي وضع كلُّ رسول في بناءِ صرحِه الخالد لبنةً، وأخذ البيتُ يتكامل شيئًا فشيئًا حتَّى أتَمَّه إمامُ المرسلين وخاتم النبيِّين محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكانت هذه اللبنة مثلاً لسيِّد المرسلين رسول الوَحْدة، والختام، والكمال، والرحمة الشاملة، سيِّدنا وصفيِّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذه كانت نقطة الانطلاق لتحقيق التغيير والإصلاح على كافة الجوانب وفي مستوياتها المختلفة، على أساسٍ متين من الإيمان الصحيح والعقيدة السليمة في قلوب أفرادٍ ربانيين، أنشأوا مجتمعًا صالحًا إيمانيًّا ، ودولةً فاضلةً ربانيةً، غيَّرت وجه التاريخ. والسؤال: كيف نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم ، والجواب: إنَّ أوَّل خطوة على طريق الاقتداء بالنبي الكريم هي: مدارسة سيرة النبي الكريم وسنَّته ؛ حتى نتعلَّم كيف كانت حياته، وكيف كانت معاملاته، وكيف كان يسير في جوانب حياته كلِّها، فإنه صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الوحيد على وجه البسيطة الذي كانت حياته كلُّها كتابًا مفتوحًا للجميع، فلم يكن في حياته الجانب الخاص الذي لا يعرفه الناس، بل إنَّ حياته من أصغر صغيرةٍ وأخصِّ خصِّيصةٍ فيها كانت معروفةً لأصحابه، بل إنَّها دُوِّنت حتى تقرأها أمَّته من بعده إلى قيام الساعة. كما يجب أن نستخرج من خلال قراءتنا لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم روحه في التعامل مع الأمور، لذا ينبغي أن تكون قراءتنا لحياة نبينا قراءةَ الباحث عن المنهج الذي يضبط له أموره. ولا يجب أن يكون اقتداؤنا بالنبي صلى الله عليه وسلم في جانبٍ دون آخر، أو تكون تعاملاتنا خلاف منهجه، فعلينا الاقتداء الشامل بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم في كافة الجوانب وبذل أقصى جهد لتحقيق ذلك.
فالقدوة لها دورٌ كبير في إعلاء الهِمم وإصلاح المسلمين، فمَن كان عالي الهِمَّة اقتَدى به غيره، فأصلَح نفسه وأصلَح غيره. يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا» (الفرقان: 74)، ففي هذه الآية يريد الله ـ عز وجل ـ من المسلمين التطلُّع للأفضل وإلى أعلى المقامات، وانظر لَم يقل ـ سبحانه ـ: واجعَلنا في المتقين، ولكنَّها تربية للمؤمنين على الهِمَّة العالية، وأن يكونوا مثل إبراهيم ـ عليه السلام ـ يطلب إمامةَ المتقين؛ يقول شيخ الإسلام: «أي: فاجْعَلنا أئمَّة لِمَن يَقتدي بنا ويأْتَمُّ، ولا تَجعلنا فتنة لمن يضلُّ بنا ويشقى». ويقول السعدي في تفسير هذه الآية: «أي: أَوْصِلنا يا ربَّنا إلى هذه الدرجة العالية، درجة الصِّديقين والكُمَّل من عباد الله الصالحين، وهي درجة الإمامة في الدين، وأن يكونوا قدوة للمتَّقين في أقوالهم وأفعالهم، يُقتدى بأفعالهم، ويُطمَئنُّ لأقوالهم، ويسير أهل الخير خلفهم، فيهدون ويهتدون؛ ولهذا لما كانت هِممهم ومطالبهم عالية، كان الجزاء من جنس العمل، فجازاهم بالمنازل العاليات، فقال: «أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا» (الفرقان: 75).
﴿ إن ﴾ حرف ناسخ، ﴿ لدينا ﴾ ظرف مكان خبرها المقدم، ﴿ أنكالًا ﴾ اسمها المؤخر، ﴿ ترجف ﴾ فعل مضارع مرفوع، ﴿ الأرض ﴾ فاعل، ﴿ وكانت ﴾ فعل ماضٍ ناسخ، ﴿ الجبال ﴾ اسمها، ﴿ كثيبًا ﴾ خبرها. ﴿ شاهدًا ﴾ نعت لرسول، ﴿ كما ﴾ الكاف نعت لمصدر محذوف. ﴿ فأخذناه ﴾ فعل ماضٍ، ونا فاعل، والهاء مفعول به، ﴿ أخذًا ﴾ مفعول مطلق، ﴿ وبيلًا ﴾ نعت. ﴿ فكيف ﴾ الفاء للعطف، كيف: اسم استفهام حال، ﴿ تتقون ﴾ فعل مضارع مرفوع، والواو فاعل، ﴿ يومًا ﴾ مفعول به، ويجوز: نصبُه على الظرفية الزمانية. ﴿ الولدان ﴾ مفعول به أول، ﴿ شيبًا ﴾ مفعول به ثانٍ. في الاية كسران اعتياديان غير متشابهان هما وناتج جمعهما - حقول المعرفة. ﴿ السماء ﴾ مبتدأ، ﴿ منفطر ﴾ خبر. ﴿ إن هذه ﴾ هذه: اسم إن، ﴿ تذكرة ﴾ خبرها، ﴿ سبيلًا ﴾ مفعول به، والجملة خبر. ﴿ إن ﴾ حرف ناسخ، ﴿ ربك ﴾ اسمها، والكاف مضاف إليه، وجملة يعلم خبرها، ﴿ يعلم ﴾ فعل مضارع مرفوع والفاعل هو، ﴿ أنك ﴾ حرف مصدري ونسخ، والكاف اسمها، وجملة تقوم خبرها، وأنك وما في حيزها سدَّت مسد مفعولي يعلم، ﴿ ونصفه ﴾ بالنصب عطفًا على أدنى مفعول به لتقوم، ﴿ وطائفة ﴾ الواو للعطف، طائفة: عطف بالرفع على الفاعل في تقوم، ويجوز: فاعل لفعل محذوف يفسره ما قبله.
في الاية كسران اعتياديان غير متشابهان هما وناتج جمعهما - حقول المعرفة
وكذلك { { آخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}} فذكر تعالى تخفيفين، تخفيفا للصحيح المقيم، يراعي فيه نشاطه، من غير أن يكلف عليه تحرير الوقت، بل يتحرى الصلاة الفاضلة، وهي ثلث الليل بعد نصفه الأول. وتخفيفا للمريض أو المسافر، سواء كان سفره للتجارة، أو لعبادة، من قتال أو جهاد، أو حج، أو عمرة، ونحو ذلك ، فإنه أيضا يراعي ما لا يكلفه، فلله الحمد والثناء، الذي ما جعل على الأمة في الدين من حرج، بل سهل شرعه، وراعى أحوال عباده ومصالح دينهم وأبدانهم ودنياهم. ثم أمر العباد بعبادتين، هما أم العبادات وعمادها: إقامة الصلاة، التي لا يستقيم الدين إلا بها، وإيتاء الزكاة التي هي برهان الإيمان، وبها تحصل المواساة للفقراء والمساكين، ولهذا قال: { { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ}} بأركانها، وشروطها، ومكملاتها، { { وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}} أي: خالصا لوجه الله، من نية صادقة، وتثبيت من النفس ، ومال طيب، ويدخل في هذا، الصدقة الواجبة ؟ والمستحبة، ثم حث على عموم الخير وأفعاله فقال: { { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا}} الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.
إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ - مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام
﴿ يا أيها ﴾ يا: أداة نداء، أيها: منادى مبني على الضم في محل نصب، ﴿ المزمل ﴾ بدل. ﴿ قم ﴾ فعل أمر والفاعل أنت، ﴿ إلا ﴾ أداة استثناء، ﴿ قليلًا ﴾ مستثنى من الليل. ﴿ نصفَه ﴾ بدل من الليل، ﴿ أو ﴾ للعطف، ﴿ انقُصْ ﴾ فعل أمر، والفاعل أنت، ﴿ قليلًا ﴾ مفعول به، ويجوز: نعت لمصدر محذوف. ﴿ أو ﴾ للعطف والتخيير، ﴿ القرآنَ ﴾ مفعول به. ﴿ ترتيلًا ﴾ مفعول مطلق. ﴿ إنا ﴾ حرف ناسخ، ونا اسمها، ﴿ سنُلقِي ﴾ السين للاستقبال، فعل مضارع، والفاعل نحن، ﴿ قولًا ﴾ مفعول به. ﴿ إن ﴾ حرف ناسخ، ﴿ ناشئة ﴾ اسمها، ﴿ هي ﴾ مبتدأ، ﴿ أشد ﴾ خبر، والجملة الاسمية خبر إن، ﴿ وطئًا ﴾ تمييز. ﴿ لك في النهار ﴾ جارٌّ ومجرور خبر أن، ﴿ سبحًا ﴾ اسمها، ﴿ طويلًا ﴾ نعت. ﴿ وتبتَّلْ ﴾ فعل أمر، والفاعل أنت، ﴿ تبتيلًا ﴾ مفعول مطلق. ﴿ ربُّ ﴾ خبر لمبتدأ محذوف "هو"، ﴿ لا ﴾ نافية للجنس، ﴿ إله ﴾ اسمها، ﴿ إلا ﴾ أداة حصر، ﴿ هو ﴾ بدل من اسم لا على المحل، وخبرها محذوف "موجود"، ﴿ وكيلًا ﴾ مفعول به ثانٍ. ﴿ واصبِرْ ﴾ فعل أمر، والفاعل أنت. ﴿ وذَرْني ﴾ الواو استئنافية، ذرني: فعل أمر مبني على السكون والفاعل مستتر أنت، والنون للوقاية، والياء مضاف إليه، ﴿ والمكذبين ﴾ الواو للمعيَّة، المكذبين: مفعول معه، ﴿ أُولِي ﴾ نعت، ﴿ النَّعمة ﴾ مضاف إليه، ﴿ ومهِّلهم ﴾ فعل أمر، والفاعل أنت، والهاء مفعول به، ﴿ قليلًا ﴾ نعت لمفعول مطلق، ويجوز: ظرف زمان.
وهَكَذا رُوِيَ عَنْ سَعِيدٍ والحُسْنِ وعِكْرِمَةَ وقَتادَةَ. قالَ ابْنُ حَجَرٍ في "شَرْحِ البُخارِيِّ ": ذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّ صَلاةَ اللَّيْلِ كانَتْ مَفْرُوضَةً، ثُمَّ نُسِخَتْ بِقِيامِ بَعْضِ اللَّيْلِ مُطْلَقًا، ثُمَّ نُسِخَ بِالخُمْسِ. وأنْكَرَهُ المَرْوَزِيُّ. وذَهَبَ بَعْضُهم إلى أنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الإسْراءِ صَلاةٌ مَفْرُوضَةٌ. وقالَ السُّيُوطِيُّ في "الإكْلِيلِ": قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إلا قَلِيلا﴾ [المزمل: ٢] هو مَنسُوخٌ بَعْدَ أنْ كانَ واجِبًا، بِآخِرِ السُّورَةِ. وقِيلَ: مُحْكَمٌ، فاسْتُدِلَّ بِهِ عَلى نَدْبِ قِيامِ اللَّيْلِ. واسْتَدَلَّ بِهِ طائِفَةٌ عَلى وُجُوبِهِ عَلى النَّبِيِّ ﷺ خاصَّةً. وآخَرُونَ عَلى وُجُوبِهِ عَلى الأُمَّةِ أيْضًا، ولَكِنْ لَيْسَ اللَّيْلَ كُلَّهُ، بَلْ صَلاةَ ما فِيهِ، وعَلَيْهِ الحَسَنُ وابْنُ سِيرِينَ. انْتَهى. أقُولُ: مَن ذَهَبَ إلى أنَّ الأمْرَ مُحْكَمٌ وأنَّهُ لِلنَّدْبِ، يَرى أنَّ آخِرَ السُّورَةِ تَعْلِيمٌ لَهُمُ الرِّفْقَ بِأنْفُسِهِمْ؛ لِأنَّهُ تابَ عَلَيْهِمْ بِاليُسْرِ، ورَفَعَ عَنْهُمُ الآصارَ. وفِيهِ ما يَدُلُّ عَلى عِنايَتِهِمْ بِالمَندُوبِ، وحِرْصِهِمْ عَلَيْهِ، حَتّى أفْضى الحالُ إلى الرِّفْقِ بِهِمْ فِيهِ.