مقالات متعلقة
تاريخ الإضافة: 22/1/2014 ميلادي - 21/3/1435 هجري
الزيارات: 237576
تأملات في قوله تعالى
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 185]
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
قال تعالى: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185]. قال ابن كثير - رحمه الله -: «يخبر تعالى إخبارًا عامًّا يعمُّ جميع الخليقة بأن كل نفس ذائقة الموت، كقوله تعالى ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27]. فهو تعالى وحده هو الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون، وكذلك الملائكة وحملة العرش، ويتفرد الواحد الأحد القهار بالديمومة والبقاء، فيكون آخرًا كما كان أولًا، وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس، فإنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت، فإذا انقضت المدة، وفرغت النطفة التي قدر الله وجودها من صلب آدم، وانتهت البَرِيَّةُ، أقام الله القيامة، وجازى الخلائق بأعمالها، جليلها وحقيرها، كثيرها وقليلها، كبيرها وصغيرها، فلا يظلم أحدًا مثقال ذرة؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ » [1].
كل نفس ذايقه الموت وانما توفون اجوركم
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] تفسير ابن كثير ( 3 / 284 - 285). كل نفس ذايقه الموت وانما توفون اجوركم. [2] معجم الطبراني في الأوسط ( 4 / 306) برقم 4278 وقال المنذري في كتابه الترغيب والترهيب ( 1 / 485) برقم 918 إسناده حسن، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 831. [3] جزء من حديث برقم 1844. [4] برقم 2858. [5] برقم 2307 وقال هذا حديث حسن صحيح غريب وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي ( 2 / 266) برقم 1877. [6] برقم 4259 وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 1384.
وهذه الآية فيها تعزية لجميع الناس ، فإنه لا يبقى أحد على وجه الأرض حتى يموت ، فإذا انقضت المدة وفرغت النطفة التي قدر الله وجودها من صلب آدم وانتهت البرية - أقام الله القيامة وجازى الخلائق بأعمالها جليلها وحقيرها ، كثيرها وقليلها ، كبيرها وصغيرها ، فلا يظلم أحدا مثقال ذرة ، ولهذا قال: ( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) وقوله سبحانه: ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) أي: من جنب النار ونجا منها وأدخل الجنة ، فقد فاز كل الفوز. ﻭﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ -ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪـ ﻗﺎﻝ: ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﻳﻘﻮﻝ اﻟﻠﻪ: ﺃﻋﺪﺩﺕ ﻟﻌﺒﺎﺩﻱ اﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻣﺎ ﻻ ﻋﻴﻦ ﺭﺃﺕ ﻭﻻ ﺃﺫﻥ ﺳﻤﻌﺖ ﻭﻻ ﺧﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺐ ﺑﺸﺮ اﻗﺮﺅﻭا ﺇﻥ ﺷﺌﺘﻢ (ﻭﻇﻞ ﻣﻤﺪﻭﺩ) ﻭﻣﻮﺿﻊ ﺳﻮﻁ ﻣﻦ اﻟﺠﻨﺔ ﺧﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭاﻗﺮﺅﻭا ﺇﻥ ﺷﺌﺘﻢ (ﻓﻤﻦ ﺯﺣﺰﺡ ﻋﻦ اﻟﻨﺎﺭ ﻭﺃﺩﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻓﻘﺪ ﻓﺎﺯ) [ ﺭﻭاﻩ اﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭاﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭاﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﻭﺭﻭﻯ اﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻭﻣﺴﻠﻢ ﺑﻌﻀﻪ وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ٣٧٢٨]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة آل عمران - الآية 185. فمن أحب أن يُزحزح عن النار ويدخُل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه... " رواه مسلم. وقوله تعالى: ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) تصغيرا لشأن الدنيا ، وتحقيرا لأمرها ، وأنها دنيئة فانية قليلة زائلة ، كما قال تعالى: ( بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى) [ الأعلى: 16 ، 17] [ وقال تعالى: ( وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع) [ الرعد: 26] وقال تعالى: ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق]) [ النحل: 96].
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22) قوله تعالى: ( وقال الشيطان) يعني: إبليس ( لما قضي الأمر) أي: فرغ منه فأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. وقال الشيطان لما قضى الأمريكية. وقال مقاتل: يوضع له منبر في النار ، فيرقاه فيجتمع عليه الكفار باللائمة فيقول لهم: ( إن الله وعدكم وعد الحق) فوفى لكم به ( ووعدتكم فأخلفتكم) وقيل: يقول لهم: قلت لكم لا بعث ولا جنة ولا نار. ( وما كان لي عليكم من سلطان) ولاية. وقيل: لم آتكم بحجة فيما دعوتكم إليه ( إلا أن دعوتكم) هذا استثناء منقطع معناه: لكن ( دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) بإجابتي ومتابعتي من غير سلطان ولا برهان ( ما أنا بمصرخكم) بمغيثكم ( وما أنتم بمصرخي) بمغيثي. قرأ الأعمش ، وحمزة " بمصرخي " بكسر الياء ، والآخرون بالنصب لأجل التضعيف ، ومن كسر فلالتقاء الساكنين ، حركت إلى الكسر ، لأن الياء أخت الكسرة ، وأهل النحو لم يرضوه ، وقيل: إنه لغة بني يربوع.
القرآن الكريم - تفسير السعدي - تفسير سورة ابراهيم - الآية 22
كـذلك، قـول: (أعـوذ بالله مـن الشـيطـان الرجـيـم) ، يـفـزع الشـيطان ويطـرده ، فـإن عـاد إلـيـك مـرة ومـرة فـقـل كلما شـعـرت بـوسـوسـته ونـزغـا ته: ( أعـوذ بالله مـن الشـيطان الـرجـيـم) ، حـينها سـيعـلم أنـك لست غـافـلا ، وأنـك عـلى صـلة بالله الـواحـد الأحـد، وأنه لا مـدخـل له إلـيـك.
وأما وقع كلام الشيطان من نفوس الذين خاطبهم فهو موقع الحسرة من نفوسهم زيادة في عذاب النفس. وإضافة ( وعد) إلى ( الحق) من إضافة الموصوف إلى الصفة مبالغة في الاتصاف ، أي الوعد الحق الذي لا نقض له. والحق: هنا بمعنى الصدق والوفاء بالموعود به ، وضده: الإخلاف ، ولذلك قال ووعدتكم فأخلفتكم ، أي: كذبت موعدي ، وشمل وعد الحق جميع ما وعدهم الله بالقرآن على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وشمل الخلف جميع ما كان يعدهم الشيطان على لسان أوليائه وما يعدهم إلا غرورا. والسلطان: اسم مصدر ( تسلط عليه) ، أي: غلبه وقهره ، أي: لم أكن مجبرا لكم على اتباعي فيما أمرتكم. والاستثناء في إلا أن دعوتكم استثناء منقطع لأن ما بعد حرف الاستثناء ليس من جنس ما قبله. وقال الشيطان لما قضي الامر تفسير النابلسي. فالمعنى: لكني دعوتكم فاستجبتم لي. وتفرع على ذلك فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ، والمقصود: لوموا أنفسكم ، أي: إذ قبلتم إشارتي ودعوتي ، وقد تقدم بيانه صدر الكلام على الآية. [ ص: 220] ومجموع الجملتين يفيد معنى القصر ، كأنه قال: فلا تلوموا إلا أنفسكم ، وهو في معنى قصر قلب بالنسبة إلى إفراده باللوم ، وحقهم التشريك فقلب اعتقادهم إفراده دون اعتبار الشركة ، وهذا من نادر معاني القصر الإضافي ، وهو مبني على اعتبار أجدر الطرفين بالرد ، وهو طرف اعتقاد العكس بحيث صار التشريك كالملغى; لأن الحظ الأوفر لأحد الشريكين.
إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة إبراهيم - القول في تأويل قوله تعالى "وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق "- الجزء رقم17
ومعنى: لما قضي الأمر أي حصل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ، على ما يأتي بيانه في " مريم " عليها السلام. وقال الشيطان لما قضى الامر. إن الله وعدكم وعد الحق يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدقكم وعده ، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم. وروى ابن المبارك من حديث عقبة بن عامر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة قال: فيقول عيسى أدلكم على النبي الأمي ، فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فيثور مجلسي من أطيب ريح شمها أحد حتى آتي ربي فيشفعني ويجعل لي نورا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا ، فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فيثور مجلسه من أنتن ريح شمها أحد ثم يعظم نحيبهم ويقول عند ذلك: إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم الآية. " وعد الحق " هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم: مسجد الجامع; قال الفراء قال البصريون: وعدكم وعد اليوم الحق أو وعدكم وعد الوعد الحق فصدقكم; فحذف المصدر لدلالة الحال. وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة وبيان; أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزينته لكم في الدنيا ، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي أغويتكم فتابعتموني.
قال: ويقوم إبليس فيقول: ( وما كان لِيَ عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ) ، ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمُغيثيَّ. 20644 - حدثنا الحسين قال ، حدثنا سعيد بن منصور قال ، حدثني خالد ، عن داود ، عن الشعبي ، في قوله: ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي) ، قال: خطيبان يقومان يوم القيامة ، فأما إبليس فيقول هذا ، وأما عيسى فيقول: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. تلاوة ..وقال الشيطان لما قضي الأمر .. بصوت الشيخ عبدالله كامل - Vidéo Dailymotion. 20645 - حدثنا المثنى قال ، حدثنا سويد بن نصر قال ، أخبرنا ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد قال ، أخبرني عبد الرحمن بن زياد ، عن دخين الحجري ، عن عقبة بن عامر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكر الحديث ، قال: يقول عيسى: ذلكم النبيُّ الأميّ. فيأتونني ، فيأذن الله لي أن أقوم ، فيثور من مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ ، حتى آتي ربي فيشفعني ، ويجعل لي نُورًا إلى نور ، من شَعَر رأسي إلى ظفر قدمي ، ثم يقول الكافرون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم ، فقم أنت فاشفع لنا ، فإنكَ أنت أضللتنا. فيقوم ، فيثورُ من مجلسه أنتنُ ريح شَمَّها أحدٌ ، ثم يعظم لجهنّم ، (19) ويقول عند ذلك: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم) ، الآية.
تلاوة ..وقال الشيطان لما قضي الأمر .. بصوت الشيخ عبدالله كامل - Vidéo Dailymotion
20649 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله: ( ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمون من قبل) ، قال: هذا قولُ إبليس يوم القيامة ، يقول: ما أنتم بنافعيّ وما أنا بنافعكم (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) قال: شركته ، عبادته. 20650 - حدثني محمد بن عمرو قال ، حدثنا أبو عاصم قال ، حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال ، حدثنا الحسين قال: حدثنا ورقاء جميعًا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله: ( بمصرخيّ) ، قال: بمغيثيّ. 20651 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا شبابة قال ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله. 20652 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله. إسلام ويب - تفسير الطبري - تفسير سورة إبراهيم - القول في تأويل قوله تعالى "وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق "- الجزء رقم17. 20653 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله. 20654 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس قال: ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ. 20655 - حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد قال: خطيبُ السَّوْء الصادق إبليس ، (21) أفرأيتم صادقًا لم ينفعه صِدقهُ: ( إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان) ، أقهركم به ( إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي) ، قال: أطعتموني ( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم) ، حين أطعتموني ( ما أنا بمصرخكم) ، ما أنا بناصركم ولا مغيثكم ( وما أنتم بمصرخيّ) ، وما أنتم بناصريّ ولا مغيثيّ لما بي ( إني كفرت بما أشركتمون من قبل إنّ الظالمين لهم عذاب أليم).
{ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ} أي: تبرأت من جعلكم لي شريكا مع الله فلست شريكا لله ولا تجب طاعتي، { إِنَّ الظَّالِمِينَ} لأنفسهم بطاعة الشيطان { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} خالدين فيه أبدا. وهذا من لطف الله بعباده ،أن حذرهم من طاعة الشيطان وأخبر بمداخله التي يدخل منها على الإنسان ومقاصده فيه، وأنه يقصد أن يدخله النيران، وهنا بين لنا أنه إذا دخل النار وحزبه أنه يتبرأ منهم هذه البراءة، ويكفر بشركهم { ولا ينبئك مثل خبير} واعلم أن الله ذكر في هذه الآية أنه ليس له سلطان، وقال في آية أخرى { إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} فالسلطان الذي نفاه عنه هو سلطان الحجة والدليل، فليس له حجة أصلا على ما يدعو إليه، وإنما نهاية ذلك أن يقيم لهم من الشبه والتزيينات ما به يتجرؤون على المعاصي. وأما السلطان الذي أثبته فهو التسلط بالإغراء على المعاصي لأوليائه يُؤزّهم إلى المعاصي أزّا، وهم الذين سلطوه على أنفسهم بموالاته والالتحاق بحزبه، ولهذا ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون.