فهُم إخوة لهم، يَدينون لهم بالطَّاعة والمحبَّة والولاء، يجمعهم همٌّ واحد، وهو الكيد لدين الله، والعمل على صدِّ المؤمنين عن دينِهم؛ فلِذا يُذِيعون أسْرار المؤمنين لهم، يوصِّلون لهم ما يَجري في بلاد المسلمين، وما يدور في منتدياتِهم، وما يكتب ويُبَثُّ في إعلامهم، وما يتلقَّونه في مدارسهم، وما تحتويه مقرَّراتُهم الدراسيَّة، فالمنافقون عينٌ على المسلمين، وشوكة في حلوقهم. ومن صفاتِهم: أنَّهم يسعَون لتوفير الغِطاء الشَّرعي لأعمالِهم، فلمَّا كانوا مُظْهِرين الإيمان مبطنين النِّفاق، فإنَّهم يُحاولون بشتَّى الطُّرق - عن طريق الكذِب والخداع - ألاَّ يظهر منْهم للنَّاس ما يدلُّ على نفاقِهم؛ فلِذا يسعون أن يصبغوا أعمالَهم بالشَّرع، ويُلْبِسونَها لبوس الدِّين، ففي كلِّ أمر يطرحونه يقدِّمون بين يدَي ذلك، بشرط ألاَّ يتعارض مع الدين، ثم هم بعدُ ينسفون ذلك كلَّه بحجَّة أنَّ هذا الذي يعارضه ليس من الدِّين بل هو من العادات، أو أنَّ المسألة خلافيَّة، فلا تلزموننا برأْي واحد، فلنختر من الأقوال ما نعتقِد أنَّه الحقُّ، والحقُّ الَّذي يدَّعونه ما يحقِّق أغراضهم ومآرِبَهم. فالجهاد في سبيل الله من أشقِّ الأعمال على النُّفوس؛ ففيه فوات النفس ومفارقة المألوف، فلمَّا دعا النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - المؤمنين إلى الجهاد، قال لأحد الكفَّار المتسربِلِين بسربال النِّفاق، وهو الجَدُّ بن قيس: ((يا جدُّ، هل لك في جِلاد بني الأصفر؟))، فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتنِّي؟ فوالله لقد عرف قوْمِي أنَّه ما من رجُلٍ بأشدَّ عجبًا بالنِّساء مني، وإنِّي أخْشى إن رأيتُ نساء بني الأصْفر ألاَّ أصبر، فأعرض عنْه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: ((لقد أذِنْتُ لك)).
فوائد من كتيِّب (صفات المنافقين) لابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى - طريق الإسلام
من صفات المنافقين (11)
﴿ ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا ﴾
الحمد لله العليم الحكيم، اللطيف الخبير؛ يعلم مكنون القلوب وما تخفيه الصدور، وهو بكل شيء عليم، نحمده حمداً كثيراً، ونشكره شكراً مزيداً؛ فهو الإله المعبود، وما سواه عبد مربوب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ بيَّن لنا حقيقة أعدائنا، وأمرنا أن نأخذ منهم حذرنا، فالكفار والمنافقون يتربصون بنا ﴿ إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ﴾ [النساء:101]. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، لم يسلم من دسائس المنافقين وكيدهم، وقد حذره الله تعالى منهم حين خاطبه بقوله سبحانه ﴿ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ﴾ [المنافقون:4] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واجعلوا القرآن إمامكم، والسنة هداكم، والعبودية لله تعالى شرفكم، والإسلام فخركم؛ فإن الفخر به هو أعظم الفخر وأعلاه ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ المُسْلِمِينَ ﴾ [فصِّلت:33] فتمسكوا به كله، ولا تنتقوا من أحكامه، ولا تضلوا عن صراطه ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الزُّخرف:43].
من صفات المنافقين (11) ثم سئلوا الفتنة لآتوها
صفات المنافقين
للمنافقين صفاتٌ يعرفون بها وتميزهم، وتتلخّص في الآتي:
أنّ ما قلوبهم مختلفٌ عن ظاهر حديثهم. مفسدون في الأرض قولاً وفعلاً. مخادعون للمؤمنين. دائمو الاستهزاء بالمؤمنين. الحلف كذباً ليستروا أنفسهم بعد فعلهم السيئات. يوالون الكافرين وينصرونهم على المؤمنين. خذلان المؤمنين وإضعافهم. المؤامرات المستمرة ضد المسلمين. مرجعيتهم ليست لله ولا لرسوله. الكذب وعدم الحفاظ على العهود والوعود. إفشاء كل الأسرار وإلحاق الأذى بالشخص الذي يتخاصم ويتجادل معه. عقاب المنافقين
للمنافقين عذابان، في الدنيا والآخرة، كالتالي:
في الدنيا: يتحمل المنافقون كل مشقة العبادات من صيامٍ وصلاةٍ وحجٍ دون أجرٍ أو ثواب، لأنّ نيّتهم لا تكون خالصةً لله. في الآخرة: المنافقون مقيمون وخالدون في نار جهنم، وهم في الدرك الأسفل من النار أي في قاع جهنم، فيتعرّضون فيها للعذاب الشديد، وعليهم لعنة الله، ولا ينصرهم أو يعينهم أحد.
ما صفات المنافقين - موضوع
ينظر: "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة" نشر الندوة العالمية للشباب الإسلامي "ص٦٨٩-٦٩٦".
الشهوات والشبهات دينهم وديدنهم
د- مرض الشهوة والشبهة في قلوبهم: وهذا واضح في تهالكهم في دعوة المرأة إلى السفور والاختلاط والتمرد على الرجل (أبا أو أځا أو زوجا) بشبهات يلقونها، وهذه الصفة تكاد تكون مشتركة بين المنافقين الليبراليين الجدد، فلا يكاد يخلو مقال لهم عن المرأة، وكأن ليس لديهم من مشاريع إلا المشروع الأنثوي. ولا يخفى ما في هذا من إشاعة للفاحشة في المؤمنين. ونظرا للهجوم الشديد على المرأة المسلمة والسعي لتغريبها ونشر الفاحشة بدعوتها إلى السفور والاختلاط والتمرد على الرجل (أبا أو أخا أو زوجا). انقل هنا بعض كتابات القوم التي تنم عما في قلوبهم من الحرج والكره لما أنزل الله عز وجل ، واعتراضهم على ذلك بشبهات وشهوات.
فتِّش نفسَك: هل أنت سالم من ذلك؟
فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ ♦♦♦ وَإِلاَّ فَإِنِّي لا إِخَالُكَ نَاجِيَا
ثمَّ إن سلمت من ذلك ففتِّش نفسك: هل فيك خصلة من خصال المنافقين نفاقًا عمليًّا؛ فعن عبدالله بن عمرو: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أربعٌ من كنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلةٌ منهنَّ، كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتَّى يدَعَها: إذا اؤتُمن خان، وإذا حدَّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر))؛ رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هُريْرة عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((آيةُ المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذَب، وإذا وعد أخْلَف، وإذا اؤتُمِن خان))؛ رواه البخاري ومسلم.
يمكنك أن تجعل طفلك يشاهد تفسير سورة النصر، من خلال هذه السورة:
أسباب نزول سورة النصر تفسير سورة النصر للاطفال فضل سورة النصر
تفسير سورة الفتح من عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير شرح فضيلة الشيخ صالح العبود - موقع الفرقان للتلاوات وعلوم القرآن
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾ فأرسل الله عليهم نصيبًا من العذاب المؤلم الشديد. ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ إن ربك يرصد أعمال الفجار ويرقب أفعال الكفار. ﴿ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾ فأما الإنسان إذا ما اختبره ربه بحالة الغنى فأكرمه بالمال وحسن الحال فإنه يغتر وينخدع ويقول: هذا لمنزلتي عند ربي. ﴿ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ وإذا ما اختبره بالفقر والعسر فضيق عليه الرزق، وقتر عليه المعيشة ظن أنه لسوء مكانته وبعده عن ربه. ﴿ كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ ﴾ والصحيح أنه ليس الإعطاء تكريمًا وليس المنع إهانة ولكنكم في حال الغنى لا تحسنون إلى اليتيم. تفسير سورة الفتح من عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير شرح فضيلة الشيخ صالح العبود - موقع الفرقان للتلاوات وعلوم القرآن. ﴿ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ ولا يحث بعضكم بعضًا على إطعام المسكين. ﴿ وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا ﴾ وتأكلون الميراث بنهم وشره. ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ وتحبون جمع المال حبًّا شديدًا. ﴿ كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا ﴾ انتهوا عن هذا الفعل وتذكروا إذا زلزلت الأرض زلزالًا شديدًا ذلك يوم القيامة.
﴿ وتوقروه ﴾: وتعظِّموه وتكبِّروا أمره. ﴿ وتسبِّحوه ﴾: وتنزهوه عمَّا لا يليق به. ﴿ بكرةً وأصيلا ﴾: أي في كل وقت؛ ليكون القلب متصلاً بالله دائمًا. مضمون الآيات الكريمة من (1) إلى (9) من سورة «الفتح»:
تبدأ هذه الآيات ببشرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين أدخلت السعادة على نفوسهم، فقد بشرت بالفتح المبين، والمغفرة الشاملة، وإتمام النعمة، وبالمغفرة والثواب، وبمعونة الله لهم بجنوده التي لا يعلمها إلا هو، ثم بينت ما أعده الله للمنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات من غضب وعذاب. دروس مستفادة من الآيات الكريمة:
1- ضرورة الوفاء بالعهد والالتزام بالوعد وخاصة إذا كان عهدًا مع الله - سبحانه وتعالى - والحذر من الغدر وعدم الوفاء مهما كانت الدوافع والأسباب. 2- من فتح الله على رسوله وعلى المؤمنين مغفرة الذنوب، وإتمام نعمة الدين، وصلح الحديبية وما جاء بعده من فتوح متعددة في صور مختلفة. 3- الرسول صلى الله عليه وسلم شهيد على الناس بأنه بلغهم ما أُمِرَ به وكان منهم من آمن ومنهم من كفر ومنهم المنافقون. معاني مفردات الآيات الكريمة من (10) إلى (15) من سورة «الفتح»:
﴿ يبايعونك ﴾: يعاهدونك يا محمد في (الحديبية) وهي بيعة الرضوان.