والإخبات-يا معاشر العباد- سكونٌ وطمأنينة وخشوعٌ وخضوع وذل لله -تبارك وتعالى-، فإذا أخبت القلب إلى الله -عز وجل- تحلى بجميل الصفات، وحسِن النعوت، وطيب الأخلاق والآداب. أيها المؤمن: وإذا قُلت ما هي صفات المخبتين الجامعة التي إن وُجدت في العبد مجتمعةً دلت على صدق إخباته إلى الله -جل في علاه-؟
وجواب ذلك تراه في سورة الحج: قول الله -سبحانه وتعالى-: ( وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ) كأنه قيل: من هم يا الله؟ وما هي صفاتهم؟ وما نعوتهم؟
قال الله -عز وجل-: ( وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الأنعام: 34 - 35]. فهذه -أيها المؤمن- صفاتٌ أربع ذكرها الله للمخبتين إلى الله -جل في علاه-:
أولها: وجل القلب عند ذكر الله -عز وجل-، والوجل كما قال العلماء: "خوفٌ مع محبة وهيبة"، فهذه صفة القلب المخبِت إلى الله -عز وجل- أنه إذا ذُكر الله عنده وجل قلبه، وهذا الوجل لقلبه ناشئ من حُسن معرفته بربه؛ كما قال الله -جل في علاه-: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: 28] أي بالله.
من هم المخبتين - منبع الحلول
المخبتون
الثلاثاء ١٩ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال:
من هم المخبتون فى قول الله سبحانه وتعالى: ( وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ﴿٣٤﴾ الحج) ؟
آحمد صبحي منصور:
اجمالي القراءات
1673
المسلمون يتساءلون | ما معنى المخبتين ومن هم ؟ - Youtube
وقال المفسرون في تفسير قوله تعالى: { وأخبتوا إلى ربهم} أي: أطاعوا ربهم أحسن طاعة، وتواضعوا لأمره بامتثاله؛ وأيضًا فُسِّر قوله تعالى: { فتخبت له قلوبهم} بأنه التواضع، أي: فيستقر الحق في قلوبهم فيخضعوا له، ويستسلموا لحكمه، كما قال تعالى في حق إبراهيم الخليل عليه السلام: { قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} (البقرة:260). وكما ترى، فإن لفظ (الإخبات) يفيد معنى الخشوع، والخضوع، والتواضع، كما يفيد معنى الهبوط، والنزول؛ وهو على ارتباط وثيق بهذه المعاني كلها، فيشترك معها في كثيرٍ من الدلالات اللغوية، وإن كنا لا نعدم فرقًا طفيفيًا بين كل واحدٍ منها، كما تفيد بذلك كتب الفروق اللغوية.
تحدث إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ أسامة بن عبدالله خياط في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم عن اليأس والقنوط وحسن ظن العبد بربه. وقال: شر ما مُنِيَت به النفوس، واضطربت به القلوب؛ يأسٌ يُمِيتُ الشعور، وقنوطٌ تُظلِم به الدنيا، وتتحطّم به الآمال، وتخبو به الأماني، وتُسَدّ به المسالك، وتُغْلَقُ به المنافذ. وأضاف: ذكر اليأس والقنوط جاء في آيتين من كتاب الله، في مَعْرِض الذَّمِ لهما والتنفير من سلوك سبيلهما؛ لأنهما من كبائر الذنوب، فقال عزَّ من قائل: (إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)، ورَوْح الله هو رحمته ورجاء الفرج عنده, وقال سبحانه: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّون)، فبين سبحانه أن المؤمن ليس من شأنه اليأس والقنوط، وإنما يكون على الدوام خائفًا راجيًا، يخاف جَرِيرَة ذنبه وتَبِعَة معصيته، ويرجو مع ذلك رحمة ربه وعفوه ومغفرته، مقرونًا بالعمل بطاعته.
فهذا علامة توحيد الإلهيَّة، والبابُ الذي دخل إليه منه: توحيد الرُّبوبيَّة، كما يدعو سبحانه عبادَه في كتابه بهذا النَّوع من التَّوحيد إلى النَّوع الآخر، ويحتجُّ عليهم به، ويقرِّرهم به، ثمّ يخبر أنّهم يَنقضونه بشِرْكهم به في الإلهيَّة. وفي هذا المشهد يتحقَّق له مقام {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} [الزخرف: 87] أي: فمِن أين يُصرَفون). وبتحقيق التوحيد يحيا المؤمن في هذه الدنيا حياة الأمن والسكينة والطمأنينة، مع ما يرجوه في الآخرة من الثواب الحسن والنعيم المقيم: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام: 82].
كيف يرقي الانسان نفسه بصيرة
ولقد كانت الآيات تتنزل في مكة لتثبيت عقيدة التوحيد في نفوس الموحدين وترد على المعاندين والمعرضين الذين أصروا على الشرك ومعاداة دعوة التوحيد. كما أن القرآن قد أقام الحجة على هؤلاء المشركين بوجوب إفراده بالعبادة والطاعة بما أقروا به من كونه سبحانه هو وحده الخالق لهذا الكون وما فيه. كيف يرقي الانسان نفسه فحص المرضى. وأظهر القرآن عجز هذه الآلهة المزعومة، وبين أنها لا تملك نفعا ولا ضرا. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة]. وقال عز وجل في بيان استحقاقه وحده العبادة وبطلان عبادة ما سواه: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ (22) لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ (23)} [النحل].
وأما عن عدد قراءة الرقية: فقد ثبت الترغيب في جعله وترا، وجاء في بعض النصوص أنه سبع مرات، فقد روى الترمذي وصححه، عن عثمان بن أبي العاص قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امسح بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، قال: ففعلت هذا فأذهب الله ما كان في، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم. ولمسلم: ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاث مرات، وقل: سبع مرات ـ وذكره وفي آخره: وأحاذر. أثر التوحيد في تزكية النفوس. وعن محمد بن سالم قال: قال لي ثابت البناني: يا محمد؛ إذا اشتكيت فضع يدك حيث تشتكي ثم قل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي هذا، ثم ارفع يدك، ثم أعد ذلك وترا، فإن أنس بن مالك حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك. رواه الترمذي ، وصححه الألباني. وقد ذكر أهل العلم في طريقة القراءة على الماء أن يقرب الراقي فمه من الإناء الذي فيه الماء ثم يقرأ ما تيسر من القرآن ثم ينفث على الماء، قال ابن القيم في المدارج: كان يعرض لي آلام مزعجة بحيث تكاد تقطع الحركة مني وذلك في أثناء الطواف وغيره فأبادر إلى قراءة الفاتحة وأمسح بها على محل الألم فكأنه حصاة تسقط، جربت ذلك مرارا عديدة وكنت آخذ قدحا من ماء زمزم فأقرأ عليه الفاتحة مرارا فأشربه فأجد به من النفع والقوة ما لم أعهد مثله في الدواء... اهـ.