تاريخ النشر: ٢٧ / رجب / ١٤٢٩
مرات
الإستماع: 42719
اليد العليا خير من اليد السفلى
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله:
في باب القناعة والعفاف والاقتصاد في المعيشة والإنفاق وذم السؤال من غير ضرورة أورد المصنف -رحمه الله-:
حديث حكيم بن حزام : أن النبي ﷺ قال: اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله [1] ، متفق عليه. قوله ﷺ: اليد العليا خير من اليد السفلى سبق الكلام على هذا المعنى، والمقصود به: أن يد المعطي أفضل من يد الآخذ. حكيم بن حزام عند الشيعة. وقوله ﷺ: وابدأ بمن تعول سئل أبو هريرة عن هذا من المقصود بمن تعول؟ فقال: زوجتك، تقول: أنفق عليّ أو فارقني، وخادمك، يقول: أطعمني واستعملني، وولدك، يقول: إلى من تتركني؟، فمثّل بهؤلاء، والمقصود أن كل من تحت يده ممن استرعاه الله إياهم فهؤلاء هم من يعولهم، من يجب عليه نفقتهم، وهم مَن له من ولد وبنت، وكذلك أيضاً الوالد والوالدة، يعني: الآباء، وإن علوا إذا كانوا يحتاجون إليه، لا يجدون، فإنه يجب عليه أن ينفق عليهم. وابدأ بمن تعول بمعنى: أن الإنسان لا يكون كما قيل:
كمرضعةٍ أولادَ أخرى وضيعتْ
بني بطنها هذا الضلالُ عن القصد
فلا ينفق على الأبعدين أو يتصدق، ومن تحت يده من ولد وزوجة ونحو ذلك هم بحاجة، ولربما أخذوا من الناس الصدقات، كما نسمع أحياناً: المرأة تأخذ صدقة وزكاة، وزوجها غني، لكنه لا ينفق عليها.
مدرسة حكيم بن حزام الابتدائية بجدة
فقال: فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه يعني: يأخذ المال من غير استشراف، ولا تقصٍّ، ولا طمع، وإنما يأخذه بسخاوة نفس، بورك له فيه والعبرة بهذا، يعني: الإنسان قد يطلب ويحتال ولربما وضع اسماً لإنسان آخر من أجل أن يحصل إما على هبة، أو منحة، أو لربما من أجل أن يشترك في مساهمة، أو نحو ذلك، فيأخذ اسم هذا، وبطاقة هذا من أجل أشياء أحياناً تافهة تتهافت نفسه عليها، كما نسمع صباح مساء في أسئلة الكثيرين، آخذُ بطاقة هذا، وأستأجر بطاقة هذا، من أجل أني آخذ من هذا قرشين، ومن هذا ثلاثة قروش، ومن هذا أربعة قروش، ولا يعقبهم بعد هذا كله إلا الفقر والخسائر، هذه القروش التي تجمع من هنا وهناك. فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه ، وهذه هي العبرة، فإن البركة إذا وجدت ولو في الشيء القليل فإن الله -تبارك وتعالى- ينفع به النفع العظيم، وقد يكون ما يحصله الإنسان هو شيئًا كثيرًا، ولكنه إذا نزعت منه البركة صار لا قيمة له، بل إن الإنسان إذا سئل عنه، أين هو؟ يقول: ذهب، أين ذهب؟، كيف أنفقته؟، كيف فرقته؟ يقول: لا أدري، هو يتعجب من هذا المال الكثير أين ذهب! ، ما اشترى شيئًا يراه ذا شأن، أين صرفه؟ لا يعرف، نزع البركة، فهذا الذي يعاني منه كثير من الناس.
حكيم بن حزام بن خويلد
فأجَابَه: أَقْرَأَنِيها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكذَّبه عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه وقال له: إنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ أَقْرَأَنِيهَا على غيْرِ ما قَرَأْتَها!
حكيم بن حزام عند الشيعة
، هو يتعجب من هذا، فيكون نزّل الله عليه من الألطاف والصبر والثبات والعون ما جعله بهذه المثابة، تجد الإنسان أحياناً لربما يأتي نصف النهار إذا لم يأكل ترتعش أطرافه، ولربما إذا لم يبادر إلى الأكل لربما يشعر أنه لا يستطيع أن يعمل شيئًا، وأنه قد يغمى عليه ويتعب، ولربما يتغير خلقه ومزاجه، فإذا أكل اطمأن وارتاح، لكن إذا كان صائماً لا يلتفت لشيء، وهو حينما كان مفطراً لربما أكل في الضحى، أو في أول الصباح، وإذا كان صائماً لربما لم يتسحر، ومع ذلك يأتي منتصف النهار في اليوم الثاني ولا يلتفت لشيء، ولا يخطر بباله شيء، لماذا؟ الله أمده وأعانه. فنسأل الله أن يلطف بنا وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه. أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى، (2/ 112)، برقم: (1427)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى، وأن اليد العليا هي المنفقة وأن السفلى هي الآخذة، (2/ 717)، برقم: (1034). أخرجه أحمد ت شاكر (8/ 392)، برقم: (8687)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 109)، برقم: (566). مدرسة حكيم بن حزام الابتدائية بجدة. أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (12/ 337)، برقم: (9481).
قوله: "أوساخ الناس": يخرج من الأيدي حالة الصرف، كما يخرج الأوساخ، ويحتمل أنه قاله، لأنه كان مال الصدقة. (١) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم، وهو ثقة. وأخرجه الشافعي في "مسنده" ٢/١٥٤-١٥٥ (ترتيب السندي) ، والطبراني في "الكبير" (٣١١٧) مختصراً من طرق عن حماد بن سلمة، به. وقد سلف برقم (١٥٣١٤).
وقد أورد الذهبي عن الواقدي، عن الضحاك بن عثمان عن أهله قالوا: قال حكيم: كنت تاجراً أخرج إلى اليمن، وآتي الشام فكنت أربح أرباحاً كثيرة، فأعود على فقراء قومي، وابتعتُ بسوق عكاظ زيد بن حارثة، لعمتي بست مئة درهم، فلما تزوّج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته زيداً، فأعتقه وقال: فلما حج معاوية، أخذ معاوية مني داري بمكة بأربعين ألف دينار، فبلغني أسد بن الزبير قال: ما يدري هذا الشيخ ما باع، فقلت: والله ما استبتها إلي بزق من خمر، وكان لا يسيء أحد يستحمله في السبيل إلى حمله. ولحبّه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورِقة قلبه ورغبته في الإحسان، رغم أنه لا يزال على دين قومه فقد روي أنه لما حصر المشركون، بني هاشم في الشعب، كان حكيم تأتيه العير بالحنطة، فيقبّلها الشعب، ثم يضرب أعجازها فتدخل عليهم الشعب، فيأخذون ما عليها من الحنطة (سير أعلام النبلاء 3: 47). وبلغ من رجاحة عقله أنه دخل دار الندوة، مشاركاً برأيه وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان من عادة سادة قريش ألا يكون من أهل الرأي فيها من ينقص عمره عن أربعين سنة، كما جاء في جمهرة نسب قريش (ص 376) كما كان أحد النفر الذين دفنوا عثمان ليلاً بعدما قتل في الفتنة رضي الله عنه.
أن ينظر التائب إلى نفسه بعين التّقصير، ويشعر أنه مذنبٌ بحق خالقه، وأنه يجب عليه أن يتوب إلى الله، فإن لم يكن ذلك حاله كان ذلك دليلاً على عدم صدق التوبة، وعدم قبولها بالتالي. أن يبتعد التائب عن كلِّ ما يؤدّي به إلى الرجوع إلى الذنب الذي تاب منه، ويبتعد عن الأسباب المؤدية إليه والطرق المفضية إلى الوقوع به. أن يُقبِل العبد التائب على ربه بأن يتقرب إليه بأبواب الطّاعات والنّوافل فضلاً عن الفرائض، ويسعى بكل جهده للبعد عن المُحرَّمات، ومما يُعين على ذلك الابتعاد عن رفاق السوء. أن ينظر التائب إلى أنَّ توفيق الله له بالتّوبة نعمةٌ من نعم الله التي أنعم بها عليه، فيحافظ عليها ويتمسك بها ويشكر الله أن رزقه بها كأي نعمةٍ أخرى تستوجب الشكر من أنعم الله العديدة. المراجع:
سورة الزمر، آية: 53. كيف أتوب بصدق - موضوع. سورة آل عمران، آية: 135. "معنى كلمة توبة في القرآن الكريم" ، معجم المعاني. أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين ، بيروت: دار المعرفة، صفحة: 5، جزء: 4. بتصرّف. بو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد المحسن السلمان، الأسئلة والأجوبة الفقهية ، صفحة: 87، جزء 6. بتصرّف. سعود بن عبد العزيز الخلف، "شرح شروط التوبة التي ذكرها النووي" ، النصيحة ، اطّلع عليه بتاريخ 30-4-2017.
كيف أتوب بصدق - موضوع
(رواه البزار، والطبراني في المعجم الكبير، وصححه الألباني). فكيف بأعظم الأوقات، وأفضل المواسم؟! قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ *رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ *يُغْفَرَ لَهُ) (رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن صحيح"). ابدأ ولا تسوِّف، واصدق الله يصدقك؛ لا سيما وأن بعض الذنوب تحتاج إلى وقتٍ لتصلح التوبة فيها (2): ( *وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) (طه:84). (2) أمور تعين على تحقيق التوبة الصادقة (3): أ- الصدق والإخلاص لله، فإنه يحصن العبد من الزلل: قال -تعالى- ممتنًا على يوسف بتحصينه، لما كان من عظيم إخلاصه: قال -تعالى-: ( كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف:24). ب- الإقبال على مجالس الذكر، وتعلُّم العلم الشرعي؛ فإنه يزيد الإيمان والخشية ويجلب المغفرة: قال -تعالى-: ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر:28)، وقال -صلى الله عليه وسلم- في حديث المجالس عن الله -عز وجل- أنه يقول للملائكة: ( فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، هُمُ *الْجُلَسَاءُ *لَا *يَشْقَى *بِهِمْ *جَلِيسُهُمْ) (متفق عليه).
وبِهذا تميَّزَ الإنسانُ عنِ الملائِكةِ؛ فلا يَكونُ مَعصوماً، وإنَّما يأتي من الذُّنوبِ والمَعاصي ما يَشوبُ فِطرَتَهُ ويَتوبُ مِنها إن رُدَّ إليهِ ذكرُهُ وفِطرته. فالإنسانُ مُبتَلىً بِذنوبِه ومُختَبَرٌ بِها. [٣]
ولَيسَ في ذلِكَ مُواساةٌ للمُنهمِكينَ في الذُّنوبِ ولا تبرير، إنَّما فيهِ دَعوةٌ للإقبالِ على الله، والتنعُّمِ في عَفوهِ، والتذلُّلِ لهُ، والتزوُّدِ في التّوبةِ والاستِغفارِ، تَحقيقاً لِمحبَّتِهِ تعالى للمُقبِلينَ عليهِ، ورَحمَتِهِ بِعبادِهِ، ومَغفِرتهِ لِذنوبِهم، وتَجاوزِهِ عن الخطَّائينَ التَّوابين. [٤] [٥] [٦]
كيفَ تَكونُ التَّوبَةُ الصَّادِقة
من رَحمةِ اللهِ تعالى بِعبادِهِ أن جَعَلَ لَهمُ التَّوبَةَ باباً مفتوحاً لا يوصَدُ في وَجهِ العَبْدِ مهما بَلَغَ من الذّنوبِ وأصابَ منَ المُنكراتِ، فإذا ما أدرَك العَبدُ نفسَهُ، والتَمَسَ من اللهِ نوراً، وأبْصَرَ إليهِ طريقاً يَبتَغي العودةَ إليهِ والإقبالَ عليهِ والإقلاعِ عمَّا نهى اللهُ وحرَّمَ مُعلِناً بِذلكَ توبَتهُ، عاقداً العزمَ على ألَّا يَعودَ لِسابقِ عهدِهِ؛ فإنَّ الله يَقبَلُ توبَتهُ ، ويَفرحُ بِها على ما يَليقُ بِكمالِهِ وجلالِهِ.