كما يستحب صلاة المسلم ركعتين تحية المسجد، حتّى وإن بدأت الخطبة: فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- "كان يَخْطُبُ يوما في أصحابه فدَخَلَ رَجُلٌ فجلس فرآه النبي فقطع الخطبة فسأله أَصَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". الإصغاء للخطيب والتدبر فيما يقول: فعن أبي هريرة، فعن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل ثم أتى الجمعة، فصلَّى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام»؛ رواه مسلم (857)، وعن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت»؛ رواه مسلم (934). شرح حديث: من غسل واغتسل.... 3- تحري ساعة الإجابة
من سنن صلاة الجمعة تحري ساعة الإجابة، حيث فيه ساعة إجابة كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خيرُ يومٍ طلعت عليه الشَّمسُ يومُ الجمعةِ، فيه خُلِق آدمُ، وفيه أُدخل الجنَّةَ، وفيه أُخرج منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجمعة".
من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب
وعلى أن المراد المعنى الأول فلا فرق بين الأعزب وغيره في تحصيل هذا الأجر، أما على أن المراد هو المعنى الثاني فهذا للمتزوج، لكن الأجر المترتب على من حافظ على الجمعة وواجباتها وآدابها كثير، ويستوي فيه الأعزب وغيره. ففي صحيح البخاري عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر، ثم ادهن أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى. من غسل واغتسل وبكر وابتكر. ثم لو سلم أن المعنى الثاني وهو جماع الزوجة وإلزامها الغسل يوم الجمعة هو المراد فإن ذلك لا يبيح للصائم الجماع في نهار رمضان، ومن فعل ذلك فقد عصى الله تعالى ولزمنه كفارة الجماع أثناء الصيام. وأما متى يبدأ التبكير إلى الجمعة فجوابه أنه يبدأ من أول النهار قيل من طلوع الشمس، وقيل من طلوع الفجر والله أعلم.
صرح الحافظ رحمه الله: " قَوْلُهُ: ( ثُمَّ رَاحَ) زَادَ أَصْحَاب الْمُوَطَّأ عَنْ مَالِك " فِي السَّاعَة الْأُولَى " انتهى من "فتح الباري"
وقال الذري رحمه الله: " الْمُرَاد بِــ "الرَّوَاحِ": الذَّهَاب أَوَّل النَّهَار " انتهى من "علل مسلم"
وينظر " معالم السنن " للخطابي (1/108) و " فسر السنة " (4/237) و " علل المهذب " (4/416) وفسر " أبوي داود للعيني " (2/167). وأما حواره صلى الله عليه وسلم " ومشى ولم يعلو ":
أفاد النووي رحمه الله: " حكى الخطابي عن الأثرم أنه للتأكيد, وأنهما بمعنى. من غسل واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب. والمختار أنه احتراز من شيئين:
أحدهما: نفي ظن حمل المشي على المضي والذهاب, ولو كان راكباً. والثاني: نفي الركوب بالكلية; لأنه لو اقتصر على " مشى " لاحتمل أن المراد وجود شيء من المشي ولو في يسير من الطريق, فنفى ذلك الاحتمال, وبين أن المراد مشى جميع الطريق, ولم يمتطي في شيء منها. وأما حواره صلى الله عليه وسلم " ودنا واستمع " فهما شيئان مختلفان ، وقد يستمع ولا يناهز الخطبة, وقد يدنو ولا يستمع فندب إليهما سوياً ". انتهى من "وضح المهذب" (4/416)
وصرح المبارك فوري رحمه الله: " وفيه أنه يتحتم أن الأمرين معاً ، فلو استمع وهو بعيد ، أو قرب ولم يستمع ، لم يحصل له ذلك الأجر " انتهى من مرعاة المفاتيح فسر مشكاة المصابيح (4/472)
وقوله صلى الله عليه وسلم " ولم يلغ " معناه ولم يتكلم; لأن الكلام حال الخطبة لغو, أفاد الأزهري: " معناه استمع البيان ولم يشتغل بغيرها ".
كيف وقد أجمع حفاظ القرآن والخلفاء الأربعة وكافة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم -إلا الذين شذوا- على أن القرآن هو الذي في المصحف، وأجمعوا في عدد آيات القرآن على عدد قريب بعضه من بعض. وأما خبر عائشة فهو أضعف سنداً، وأقرب تأويلاً؛ فإن صح عنها -ولا أخاله- فقد تحدثت عن شيء نُسخ من القرآن، كان في سورة الأحزاب. وليس بعد إجماع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصحف عثمان مطلب لطالب. وبعدُ، فخبر أُبيٍّ بن كعب خبر غريب، لم يؤثر عن أحد من أصحاب رسول الله، فنوقن بأنه دخله وَهْمٌ من بعض رواته. حول آية (كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ). وهو أيضاً خبر آحاد لا ينتقض به إجماع الأمة على المقدار الموجود من هذه السورة متواتراً". ثم نقل ابن عاشور كلام الزمخشري في هذا الخصوص، قال: "وأما ما يُحكى أن تلك الزيادة التي رويت عن عائشة كانت مكتوبة في صحيفة في بيت عائشة، فأكلتها الداجن -أي الشاة- فمن تأليفات الملاحدة والروافض". ثم ختم ابن عاشور تعقيبه على هذين الخبرين بالقول: "ووضع هذا الخبر ظاهر مكشوف؛ فإنه لو صدق هذا لكانت هذه الصحيفة قد هلكت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعده، والصحابة متوافرون، وحفاظ القرآن كثيرون، فلو تلفت هذه الصحيفة، لم يُتلف ما فيها من صدور الحفاظ.
إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الأحزاب - قوله تعالى ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا - الجزء رقم23
гж÷жЏ гег ћѕ« ( яЁм «ббе «бгƒгднд '— «бё «б)
Allah sufficed for the believers in the fighting by sending against the disbelievers a severe wind and troops of angels. 6
تفسير قوله تعالى: ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ). حدثني الحسين بن عليّ الصُّدائي، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: حُبسنا يوم الخندق عن الصلاة، فلم نصلّ الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء، حتى كان بعد العشاء بهويّ كفينا، وأنـزل الله وكَفَى اللَّهُ المُؤْمِنينَ القِتالَ وكان اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الصلاة، وصلى الظهر، فأحسن صلاتها، كما كان يصليها في وقتها، ثم صلى العصر كذلك، ثم صلى المغرب كذلك، ثم صلى العشاء كذلك، جعل لكل صلاة إقامة، وذلك قبل أن تنـزل صلاة الخوف فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة الأحزاب - الآية 25
حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: ثنا ابن أبي فديك، قال: ثنا ابن أبي ذئب، عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبي سعيد الخدري قال: حُبسنا يوم الخندق، فذكر نحوه. وقوله: (وكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) يقول: وكان الله قويا على فعل ما يشاء فعله بخلقه، فينصر من شاء منهم على من شاء أن يخذله، لا يغلبه غالب؛ (عزيزا): يقول: هو شديد انتقامه ممن انتقم منه من أعدائه. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وكانَ اللَّهُ قَويًّا عَزيزًا): قويا في أمره، عزيزا في نقمته.
حول آية (كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ)
والمصدر المؤوّل (أنّ فيكم ضعفا) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي علم. الفاء استئنافيّة {وإن يكن منكم} {يغلبوا ألفين} مثل نظيرتيهما، (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق ب (يغلبوا)، (اللّه) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور الواو استئنافيّة (اللّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (مع) ظرف منصوب متعلّق بخبر المبتدأ (الصابرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء. وجملة: (خفّف اللّه... وجملة: (علم... ) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة. وجملة: (إن يكن منكم مائة... ) لا محلّ لها استئناف بياني. وجملة: (إن يكن منكم ألف) لا محلّ لها معطوفة على جملة إن يكن منكم (الأولى). وجملة: (يغلبوا (الثانية) لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء. وجملة: (اللّه مع الصابرين) لا محلّ لها استئنافيّة. الصرف: (ضعفا)، مصدر سماعيّ لفعل ضعف يضعف باب نصر وباب كرم، وزنه فعل بفتح فسكون، وثمّة مصادر أخرى من هذين البابين، فمن باب نصر يوجد ضعف بضمّ فسكون، ومن باب كرم يوجد ضعافة بفتح الضاد، وضعافية.. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة الأحزاب - قوله تعالى ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا - الجزء رقم23. إعراب الآية رقم (67): {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)}.
...
صفحات أخرى من الفصل: الباب الثاني: أهل السنّة والتحريف
حول آية (كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ)
روى الحافظ جلال الدين السيوطي في تفسير قوله تعالى: (كَفَى اللّهُ الْمُؤْمِنينَ الْقِتالَ)(1) عن ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر، «عن ابن مسعود رضي اللّه عنه أنّه كان يقرأ هذا الحرف: «وكفى اللّه المؤمنين القتال ـ بعلي بن أبي طالب ـ»(2). وهذا الحديث صريح في أنّ عبداللّه بن مسعود كان يعتقد أنّ اسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام كان ثابتاً في أصل القرآن الكريم، وكذلك في بعض روايات الشيعة، وللآية نظائر كثيرة كما تقدم في (الباب الأول). وابن مسعود كان من أكثر الصحابة تعلّماً من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وحضوراً عنده، حتى روى أهل السنّة عنه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حقه أحاديث كثيرة منها قوله صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: «تمسّكوا بعهد ابن أمّ عبد». ولقد كان مصحفه هو المصحف الوحيد المعتمد لدى أمّة كبيرة من المسلمين، وسيأتي أنّ عثمان بن عفان طلب مصحفه فلم يدفعه إليه، فأمر بضربه. وقد روى الحافظ السيوطي الحديث عن ثلاثة من أئمة الحفاظ وهم:
1 ـ أبو القاسم ابن عساكر حافظ الشام.
2 ـ إبن أبي حاتم الرازي. 3 ـ أبوبكر إبن مردويه الأصبهاني. (1) سورة الأحزاب: 25. (2) الدر المنثور 5: 368، سورة الأحزاب، الآية 25.