هكذا فهم الصحابة الكرام معنى استحقار الذنوب، فكانوا لا يتهاونون في ذنب أو في مجرد شبهة ذنب، فيسارعون بالتوبة الصادقة إلى الله، أملًا في رضاه سبحانه وتعالى. محتوي مدفوع
إعلان
- إياكم ومحقرات الذنوب - ملتقى الخطباء
- أياكم ومحقرات الذنوب - عالم حواء
- صلاة المريض
إياكم ومحقرات الذنوب - ملتقى الخطباء
فكن يا عبد الله خائفاً من ذنبك، غير مستهينٍ به، فإنَّ الاستهانة بالذنوب من علامة الهلاك، وكلَّما صغر الذنب في عين فاعله عظم عند الله، لمَّا نزل الموت بمحمد بن المنكدر -رحمه الله- بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: " والله ما أبكي لذنبٍ أعلم أنَّي قد أتيته، ولكنَّي أخاف أن أكون أذنبت ذنباً حسبته هيناً وهو عند الله عظيم ". أياكم ومحقرات الذنوب - عالم حواء. معاشر المسلمين: إذا كان العاصي لا يتألم لمعصية اقترفها، ولا يضيق صدره منها، فليتفقد قلبه قبل أن يموت، عليه أن يجلو عنه الغشاوة والران الذي عليه حتى يكون قلباً حيَّاً عامراً بالتقوى والإيمان، يستعظم المعصية ولو كانت من الصغائر. لا تحقرنَّ من الذُّنوب أقلَّها *** إنَّ القليل إلى القليل كثيرُ
فيا من استهنت بالمعاصي تُبْ إلى الله واستغفره، فإنَّ الله غفور رحيم يتوب على من تاب ويغفر ذنب من استغفر، وأنت يا من تستمع إلى المعازف والأغاني وتستهين بها، أما آن لك أن تصون سمعك عنها فإنَّه لا خير في سماعٍ حرَّمه الله. عبد الله: إنَّ سهولة الوصول إلى الحرام لا يسوِّغ اقترافه، ذلك أنَّ الحرام حرام ولو فُرش طريقه بالورد، ولو عُطِّر جوه بالمسك، ومهما دعتك نفسك إلى معصية فزُمَّها بزمام الشرع، وقل لها: يا نفس ما في المعصية خير، فإنَّ لذَّتها قصيرة وندامتها طويلة، قل لها: يا نفس انظري لعظمة الله فأطيعيه ولا تعصينه، فإنَّ النجاة في طاعته والخسارة والحسرة والندامة في معصيته.
أياكم ومحقرات الذنوب - عالم حواء
أخي إياك من ذنوب تحسبها هينة وهي عند الله عظيمة يخاطب أنس - رضى الله عنه - التابعين بقوله " إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أَعْمَالًا هِيَ أَدَقُّ فِي أَعْيُنِكُمْ مِنْ الشَّعَرِ إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْمُوبِقَاتِ" رواه البخاري (6492) فكيف بحالنا الآن. اياكم ومحقرات الذنوب فانهن. الخطبة الثانية
يجب علينا فعل الأوامر كلها مع القدرة وترك النواهي كلها من غير تفريق بين واجب وواجب أو ذنب وذنب امتثالا لأمر ربنا تبارك وتعالى لنا بقوله ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [البقرة: 208] أي ادخلوا في شرائع الإسلام كلها وامتثالا لقول نبينا - صلى الله عليه وسلم - " إِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ" رواه البخاري (7288) ومسلم (1337). فالاغترار بمغفرة الله مما يجري على المعاصي وهذا من الغفلة فالعقوبة على الذنوب متيقنة والمغفرة مظنونة فكيف يتعلق عاقل بأمر مظنون مقابل أمر متيقن وإنما هي الأماني. أخي: حينما تخلو بالمعصية وتأمن اطلاع الآدميين عليك فلا تغفل عن من هو مطلع عليك فهل يكون الله تبارك وتعالى أهون الناظرين إليك حاشاك أن تكون من عداد من قال الله تبارك وتعالى فيهم ﴿ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ﴾ [النساء: 108].
الثالث: أن هذا الضابط مرجعه إلى ما ذكره الله ورسوله من الذنوب، فهو حد متلقى من خطاب الشارع. الرابع: أن هذا الضابط يمكن الفرق به بين الكبائر والصغائر، بخلاف تلك الأقوال، فإن من قال: سبعة، أو سبعة عشر، أو إلى السبعين أقرب، مجرد دعوى، ومن قال: ما اتفقت الشرائع على تحريمه دون ما اختلفت فيه، يقتضي أن شرب الخمر، والفرار من الزحف، والتزوج ببعض المحارم، والمحرم بالرضاعة والصهرية ونحو ذلك ليس من الكبائر! وأن الحبة من مال اليتيم، والسرقة لها، والكذبة الواحدة الخفيفة ونحو ذلك من الكبائر، وهذا فاسد. ومن قال: ما سد باب المعرفة بالله، أو ذهاب الأموال والأبدان، يقتضي أن شرب الخمر، وأكل الخنزير، والميتة، والدم، وقذف المحصنات، ليس من الكبائر! وهذا فاسد. ومن قال: إنها سميت كبائر بالنسبة إلى ما دونها، أو كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة، يقتضي أن الذنوب في نفسها لا تنقسم إلى صغائر وكبائر، وهذا فاسد؛ لأنه خلاف النصوص الدالة على تقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر. ومن قال: إنها لا تعلم أصلاً، أو إنها مبهمة، فإنما أخبر عن نفسه أنه لا يعلمها، فلا يمنع أن يكون قد علمها غيره، والله أعلم]. إياكم ومحقرات الذنوب - ملتقى الخطباء. انقسام الذنوب إلى صغائر وكبائر
خلاف العلماء في تعيين الكبائر وتعدادها
ثبتت بعض الأحاديث التي فيها عد الكبائر كقوله صلى الله عليه وسلم: ( اجتنبوا السبع الموبقات)، وكقوله صلى الله عليه وسلم: ( ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور، وشهادة الزور)، وهذه جعلها من أكبر الكبائر، وسميت اليمين الغموس بهذا لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، فاليمين الكاذبة ورد فيها وعيد شديد.
أصل (الصلاة) الدعاء، وحالة الخوف أولى بالدعاء؛ فلهذا لم تسقط الصلاة بالخوف؛ فإذا لم تسقط الصلاة بالخوف، فأحرى ألا تسقط بغيره من مرض أو نحوه، فأمر الله سبحانه وتعالى بالمحافظة على الصلوات في جميع الأحوال؛ في الصحة والمرض، والحضر والسفر، والقدرة والعجز، والخوف والأمن، ولا تسقط عن المكلف بحال، ولا يتطرق إلى فرضيتها اختلال. وقد وردت ثلاث آيات لها ارتباط بفقه صلاة المريض:
الأولى: قوله تعالى: { فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} (البقرة:239). الثانية: قوله سبحانه: { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} (آل عمران:191). الثالثة: قوله عز وجل: { فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم} (النساء:103). وهذه الآيات الثلاث ليست صريحة بأحكام صلاة المريض، لكن المفسرين تحدثوا عن أحكام صلاة المريض في أثناء تفسيرهم لهذه الآيات؛ ووجه ارتباط الآية الأولى بصلاة المريض أن الخائف من عدو ونحوه يمكن أن يؤدي الفريضة على الوجه الذي يتيسر له، فألحق العلماء بالخائف المريض؛ للاشتراك في العلة، وهي عدم القدرة على أداء الصلاة على الوجه المشروع والمسنون. صفة صلاة المريض. والآية الثانية تتحدث عن (الذكر)، والصحيح أنها عامة في كل ذكر، لكن بعض المفسرين حملها على الصلاة؛ لأن الصلاة ذكر، فمن ثَمَّ تحدثوا عن هذه الأحوال من أداء الصلاة.
صلاة المريض
إن صح الحديث فلا أدري ما وجهه؛ وجمهور أهل العلم لا يجيزون النافلة مضطجعاً؛ فإن كان أحد من أهل العلم قد أجاز النافلة مضطجعاً لمن قدر على القعود، أو على القيام فوجهه هذه الزيادة في هذا الخبر، وهي حجة لمن ذهب إلى ذلك. وإن أجمعوا على كراهة النافلة راقداً لمن قدر على القعود أو القيام، فحديث حسين هذا إما غلط وإما منسوخ". صلاة المريض. وحاصل القول هنا: إن على المكلف أن يقيم الصلاة كيفما أمكن، ولا تسقط عنه بحال، حتى لو لم يتفق فعلها إلا بالإشارة بالعين للزم فعلها؛ كذلك إذا لم يقدر على حركة سائر الجوارح، وبهذا المعنى تميزت عن سائر العبادات؛ فإن العبادات كلها تسقط بالأعذار، ويترخص فيها بالرخص الضعيفة؛ ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن تارك الصلاة يُقتل؛ لأنها أشبهت الإيمان الذي لا يسقط بحال. وقالوا فيها: إحدى دعائم الإسلام، لا تجوز النيابة فيها ببدن ولا مال، يقتل تاركها، وأصله الشهادتان.
أخرجه البخاري (٣). ٢ - عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: يا ملائكتي، أنا قيدت عبدي بقيد من قيودي، فإن أقبضه أغفر له، وإن أعافه فحينئذ يقعد ولا ذنب له)). أخرجه الحاكم والطبراني (٤). (١) أخرجه البخاري برقم (١١١٧). (٢) أخرجه البخاري برقم (١١١٥). (٣) أخرجه البخاري برقم (٢٩٩٦) (٤) حسن بشواهده / أخرجه الحاكم برقم (٧٩٤١)، وصححه، والطبراني في الكبير (٨/ ١٦٧). وانظر السلسلة الصحيحة رقم (١٦١١).