فهذا مِن جملة النعيم الذي يُسأل عنه الإنسان. جاء في الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج مرة مِن بيته، خرج جائعًا قد ألمَّ به الجوع الشديد، لم يجد ما يَطعَمه، فخرج فوجد أبا بكر أمامه وقد ناله ما ناله، ثم خرج عمر رضي الله عنه وقد ناله ما نال صاحبيه فقال: انظروا مَن نذهب إليه فنَطعَم عنده يَرفع الله عنا هذا الجوع، فخرجوا إلى أحد الصحابة فقدَّم لهم تمرًا وشيئًا مِن ماء بارد في ظلِّ نخلِه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: ((هذا من النعيم الذي تسألون عنه)). القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة التكاثر. فتأمل: أفضل خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأفضل الخلق من بعده أبوبكر وعمر، يخرجون من الجوع، لا يجدون شيئًا يطعمونه في دورهم، ثم يُيَسِّر الله لهم شربة ماء وشيئًا من تمر، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: ((هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة)). ولذلك فإن المأمور به للمؤمن أن يكون حريصًا على استثمار كلِّ نعمة يُنعم الله به عليه بشكر الله تعالى، فيلازم الشكر والحمد في كل ما يتجدد عليه من النعم، وفي كل قيام وقعود، وفي كل قيام ورقود، وفي كل الأحوال، جاء في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنه قال: ((نِعمتانِ مغْبونٌ فيهما كَثيرٌ مِن النّاس: الصِّحَّةُ والفَراغُ))؛ فالصحة التي يُنعم الله تعالى بها على العبد، والفراغ الذي يجده مع تيسر الأمن وتيسر الصحة وتيسُّر المعايش كل ذلك مما يكون الإنسان فيه مغبون إذا لم يستثمره في طاعة الله جل وعلا.
- مقاصد سورة التكاثر - سطور
- القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة التكاثر
- القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكاثر
- مرايتي | دعاء الذنب العظيم
مقاصد سورة التكاثر - سطور
فاستمرت غفلتكم ولهوتكم [وتشاغلكم] { { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}} فانكشف لكم حينئذ الغطاء، ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه. ودل قوله: { { حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}} أن البرزخ دار مقصود منها النفوذ إلى الدار الباقية ، أن الله سماهم زائرين، ولم يسمهم مقيمين. { { كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ}} أي: لو تعلمون ما أمامكم علمًا يصل إلى القلوب ، لما ألهاكم التكاثر، ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة. ولكن عدم العلم الحقيقي، صيركم إلى ما ترون، { { لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ}} أي: لتردن القيامة ، فلترون الجحيم التي أعدها الله للكافرين. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكاثر. { { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ}} أي: رؤية بصرية، كما قال تعالى: { { وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا}}. { { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}} الذي تنعمتم به في دار الدنيا، هل قمتم بشكره، وأديتم حق الله فيه، ولم تستعينوا به، على معاصيه، فينعمكم نعيمًا أعلى منه وأفضل. أم اغتررتم به، ولم تقوموا بشكره؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله فيعاقبكم على ذلك، قال تعالى: { { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}} الآية.
القرآن الكريم - تفسير ابن كثير - تفسير سورة التكاثر
سورة التكاثر - قرآن كريم بالتجويد - YouTube
القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة التكاثر
حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا آدم، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن أُبيّ بن كعب، قال: كنا نرى أن هذا الحديث من القرآن: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لتمنى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله على من تاب " حتى نـزلت هذه السورة: ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) إلى آخرها. وقوله صلى الله عليه وسلم بعقب قراءته " ألهاكم " ليس لك من مالك إلا كذا وكذا، ينبئ أن معنى ذلك عنده: ألهاكم التكاثر: المال.
ثم جاء تفسير هذا الوعيد، وهو قوله جل وعلا: ﴿ كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ﴾ [التكاثر: 5، 6]؛ أي أن عِلم اليقين الذي سيصير إليه الناس؛ أنهم سيرون الجحيم، سيرونها عيانًا؛ وذلك عند بعثهم من قبورهم، ووقوفهم في أرض المحشر للفصل والجزاء في ذلك اليوم العظيم، وحسْبنا أن نعلم أنه في ذلك اليوم العظيم إذا زَفَرَت النار زفرة واحدة خرَّ لها كل ملَك مقرَّب ونبيٌّ مرسل، خرَّ الأنبياء على رُكبهم من المهابة والعظمة ومعاينة الأهوال، على ما جاء بيانه في الأثر الصحيح في هذا الباب. ولذلك حين يكون هذا الحال ينسَى الناسُ الذين تنعموا في هذه الحياة الدنيا كلَّ نعيم مرَّ بهم، وبخاصة إذا عاينوا العقوبة التي آلوا إليها إن كانوا ممن يستحق العقوبة، فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ أنه قال: ((يُغْمس الكافرُ مِن المنعَّمين من أهل الدنيا في النار غمسة، فيقال له: يا ابن آدم هل مرَّ بك نعيمٌ قط، فيقول: لا والله ما مرَّ بي نعيمٌ قط)). أو كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام. وقوله جل وعلا: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8] أي: لتسألنَّ يومئذ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك من أنواع النِّعم، هل قابلتم ذلك بشكر الله جل وعلا، وتصريفِ هذه النعم فيما يحبه الله ويرضاه، أم أن الأمر على الضد من ذلك؟
ولكم أن تتأملوا أيها الإخوة الكرام إلى أي حدٍّ سيَبلُغ السؤال في ذلك اليوم، فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام الترمذي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: ((أول ما يسأل عنه ابن آدم يوم القيامة - أو قال: يسأل ابن آدم يوم القيامة - يقال له: ألم نُصِحَّ بَدَنكَ ونسقيك من الماء البارد؟)).
كتب الله عزوجل على نفسه الرحمة، ومن أسمائه جل وعلا التوّاب، وهو سبحانه يحب التائبين، كما قال سبحانه في سورة البقرة:
(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ)، والله سبحانه وتعالى يفرح بعبده إذا تاب إليه، مع وعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذنوبه، وفيما يلي نسلط الضوء على أدعية التوبة من الذنب المتكرر وشروط التوبة الصادقة.
مرايتي | دعاء الذنب العظيم
كما نسألك إيمانا لا يرتد ونعيماً لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ومرافقة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد. ثم اللهم أعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا آثرنا ولا تؤثر علينا اللهم. يا فالق الحب والنوى، يا منشئ الأجساد بعد البَلاء. يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اللهم أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك. ربي نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم. كما نعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم. دعاء لغفران الذنوب
وهبنا الله تعالى الدعاء لكي نلجأ له في أي وقت، فمن يريد أن يطلب رزق أو شفاء أو مال أو توفيق، عليه أن يلجأ لله وحده، دعاء للتكفير عن الذنوب:
اللَّهمَّ أَنْتَ رَبِّي، لا إِلَه إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَني وأَنَا عَبْدكَ، وأَنَا على عهْدِكَ ووعْدِكَ ما اسْتَطَعْت. أَعوذ بِكَ مِنْ شَرِّ ما صنَعْت، أَبوء لَكَ بِنِعْمتِكَ علَيَ، وأَبوء بذَنْبي فَاغْفِرْ لي، فَإِنَّه لا يغْفِر الذنوبِ إِلاَّ أَنْتَ. مرايتي | دعاء الذنب العظيم. رب إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر. وأيضًا الفوز بالجنة والنجاة من النار.
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. اللهم إني أستغفرك من كل سيئة ارتكبتها في بياض النهار وسواد الليل،
في ملأ وخلاء وسر وعلانية وأنت ناظر إلي، اللهم إني أستغفرك من كل فريضة
أوجبتها علي في آناء الليل والنهار تركتها خطأً أو عمداً أو نسياناً أو جهلاً،
وأستغفرك من كل سنة من سنن سيد المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
تركتها غفلةً أو سهواً أو نسياناً أو تهاوناً وجهلاً أو قلة مبالاة بها،
أستغفر الله وأتوب إلى الله مما يكره الله قولاً وفعلاً وباطناً وظاهراً،
اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين. أدعية الاستغفار من الذنوب
أستغفر الله العظيم لي ولوالدي ولذوي الحقوق علي، وللمؤمنين والمؤمنات،
والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات،
وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين. أستغفر الله العظيم من كل ذنب أذنبته، ومن كل فرض تركته،
ومن كل إنسان ظلمته، ومن كل صالح جـفوته. اللهم إني أستغفرك من النعم التي أنعمت بها علي فاستعنت بها على معاصيك. أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه من الذنوب التي تحل النقم،
ومن الذنوب التي تغيـر النعم، ومن الذنوب التي تورث الندم،
ومن الذنوب التي تحبس القسم، ومن الذنوب التي تعجل الفناء،
ومن الذنوب التي تقطع الرجاء، ومن الذنوب التي تمسك غيث السماء،
ومن الذنوب التي تكشف الغطاء.