قال السعدي في تفسيره: { رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي} أي: وهن وضعف، وإذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، { وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته. اقرأ أيضا: "وكل شيء أحصيناه في إمام مبين".. ما الفرق بين الكتابة والإحصاء؟ (الشعراوي يجيب) { وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} أي: لم تكن يا رب تردني خائبا ولا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا ولدعائي مجيبا، ولم تزل ألطافك تتوالى علي، وإحسانك واصلا إلي، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا. { وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي} أي: وإني خفت من يتولى على بني إسرائيل من بعد موتي، أن لا يقوموا بدينك حق القيام، ولا يدعوا عبادك إليك، وظاهر هذا، أنه لم ير فيهم أحدا فيه لياقة للإمامة في الدين، وهذا فيه شفقة زكريا عليه السلام ونصحه، وأن طلبه للولد، ليس كطلب غيره، قصده مجرد المصلحة الدنيوية، وإنما قصده مصلحة الدين، والخوف من ضياعه، ورأى غيره غير صالح لذلك، وكان بيته من البيوت المشهورة في الدين، ومعدن الرسالة، ومظنة للخير، فدعا الله أن يرزقه ولدا، يقوم بالدين من بعده، واشتكى أن امرأته عاقر، أي ليست تلد أصلا وأنه قد بلغ من الكبر عتيا، أي: عمرا يندر معه وجود الشهوة والولد.
رابعًا: في الدعاء حسن الظن بالله في قوله: (عفو تحب العفو) استشعار بأن الله كثير العفو؛ بل يحب العفو عن عباده، فيحسن المسلم ظنه بالله تعالى، ويقوى طمعه في عظيم عفوه، فينعم قلب المؤمن بالرجاء، كيف لا وهو يذكر قول ربه جلا وعلا: «أنا عند ظن عبدي بي إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشرٌّ»؛ (رواه الطبراني بسند صحيح). وما أجمل توسُّل زكريا عليه السلام إلى ربه! بقوله: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]؛ أي: ولم أعهد منك يا رب إلَّا الإجابة في الدُّعاء، ولم ترُدَّني قطُّ فيما سألتُك، فلا تقطع عادتك، ولا تمنع جميلك، وكما لم أشْقَ بدعائي فيما مضى، فأنا على ثقة أني لن أشقى به فيما بقي، فلنطمع عباد الله في عفو الله ورحمته ومغفرته، ولنحسن الظن بربنا جل وعلا، ولنعمر قلوبنا بحبِّه سبحانه. علينا أن نستغل ما بقي من أيام هذا الشهر، فالأعمال بالخواتيم، ونحن نعيش أشرف الليالي والأيام، فكل الغبن أن نفرط فيها، قال ابن القيم رحمه الله: "والله سبحانه يعاقب من فتح له بابًا من الخير فلم ينتهزه بأن يحول بين قلبه وإرادته فلا يمكنه بعدُ من إرادته عقوبةً له". كونوا من أهل القيام والتهجُّد والذكر والدعاء والقرآن، عَمِّروا هذه الأوقات الشريفة، فقد لا تعود عليكم، فكم فقدنا من قريب وحبيب؟!
﴿ وَلَم أَكُن بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا﴾ [مريم: ٤] - ماهر المعيقلي - YouTube
مرحباً بالضيف
قبيل الرحيل
الظفرُ بالمحبوب واللقاءُ به هو غايةُ المنى، وكلما طال اللقاءُ زادت الأشواق إليه، واستبدَّ الوَلَهُ بصاحبه، وليل المحبين هو أشرف أزمانهم؛ ففيه تطيب المنادمة والمسامرة، ولا يعكر صفْوَ هذا المتعة إلا خوفُ الفِراق، وقديمًا قال الأول:
وَما في الأَرضِ أَشقى مِن مُحِبٍّ
وَإِن وَجَدَ الهَوى حُلْوَ المَذاقِ
تَراهُ باكِيًا في كُلِّ وَقتٍ
مَخافَةَ فُرقَةٍ أَوْ لاشتِياقِ
فَيَبكي إِن نَأى شَوقًا إِلَيهِم
وَيَبكي إِن دَنَوا خَوفَ الفِراقِ
فَتَسخنُ عَينُهُ عِندَ التَّنائي
وَتَسخنُ عَينُهُ عِندَ التَّلاقي
هذا في محبوب الدنيا فكيف بمحبوب يصل القلوب بسرِّ سعادتها في الدنيا والآخرة؟! كيف بمحبوب جاء يحمل إلينا الرحمة والبركات والعفو والمسرَّات والطمع في الجنة؟! كيف بمحبوب سلب قلوب الأتقياء والأصفياء فاستبشروا به وبشروا؟!
كيف بمحبوب جاء يحمل إلينا الرحمة والبركات والعفو والمسرَّات والطمع في الجنة؟! كيف بمحبوب سلب قلوب الأتقياء والأصفياء فاستبشروا به وبشروا؟!
بقلم |
أنس محمد |
الاحد 03 مايو 2020 - 01:25 م
قال الله تعالى:{ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [الكهف 1-6]. دعا زكريا عليه السلام في مشهد من أعظم مشاهد الافتقار إلى الله و التوسل إليه دعاءا خفيا خاليا من الرياء, وتودد إليه بذكر الضعف و وهن القوى و التماس القوة منه وحده, بعدما اعترف زكريا لربه سبحانه أنه بسلاح الدعاء الدائم نال العافية و الخير كله و ابتعد عنه الشقاء سائر عمره. افتقر زكريا عليه السلام للسند في الدعاء إلى الله، بعدما قارب على مفارقة الحياة يخاف على دين الناس و إمامتهم أن يتولها من بعده من ليس لها بأهل فيضل العباد و يفسد البلاد. فدعا زكريا ربه وسأله الوريث الصالح الذي يتولى إمامة الناس و قيادة الأمة من بعده رغم علمه بضعف الأسباب فالزوجة عاقر و الزوج مسن.
في 27/4/2022 - 16:56 م
ليلة القدر من أعظم الليالي التي حدثنا عنها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كثيراً وحثنا على تحري هذه الليلة العظيمة في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، حيث حثنا النبي صلى الله عليه وسلم الإكثار من الأعمال الصالحة والعبادات التي تقربنا إلى الله عز وجل، حيث تعد هذه الليلة من أعظم الليالي فهي ليلة نزل فيها القرءان الكريم و قال الله عز وجل في كتابه العزيز "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" فهي ليلة يضعاف الله فيها أجر العبادات لذلك يتساءل جميع المسلمين عن أفضل العبادات التي كان يقوم بها النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في ذلك الليلة العظيمة. أفضل الأعمال التي تقام في ليلة القدر
هناك الكثير من العبادات والأعمال التي تقربنا إلى الله عز وجل يمكنك فعلها في ليلة القدر، ومن أكثر الأعمال التى كان يحرص النبي على فعلها هي:
كثرة الدعاء: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء في هذه الليلة العظيمة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: «قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني».
كان النبي صلي الله عليه وسلم انشوده
وحديث صفية رضي الله عنها كان النبي ﷺ يعتكف في رمضان وزارته صفية في الليل فتحدثت عنده بعض الشيء، ثم قامت فقام معها يقلبها إلى باب المسجد، فمر رجلان من الأنصار رضي الله عنهما فلما رأيا النبي ﷺ استعجلا، فقال: على رسلكما -يعني على مهلكما- إنها صفية بنت حيي خشي أن يلقي الشيطان في قلوبهما شرًا أنها أجنبية، قالا: سبحان الله يا رسول الله!
اهـ
وقال المباركفوري في الرحيق المختوم: وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لا يجهل كان أشجع الناس حضر المواقف الصعبة وفر عنه الكماة والأبطال غير مرة وهو ثابت لا يبرح ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة وحفظت عنه جولة سواه، قال علي: كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه، قال أنس: فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول: لم تراعو ا لم تراعوا. اهـ.