وأهل السنة يعتقدون أن النصيحة لولاة الأمر تكون سرًا لا علانية أمام الناس- عن عياض ابن غنيم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية وليأخذ بيده فإن سمع فذاك وإلا أدى الذي عليه" [14]. وأهل السنة يحرمون الخروج على ولاة الأمور إذا لم يسمعوا للنصيحة، ويأمرون بالصبر عليهم. عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: قلنا يا رسول الله: (أريت أن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم، فقال اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم)، وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستلقون بعدي أثرة اصبروا حتى تلقوني" [15]. من الادله على وجوب طاعه الرسول للانصار. الهوامش:
[1] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب الأمر بلزوم الجماعة عند ظهور الفتن وتحذير الدعاة، رقم الحديث: (1851)
[2] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أمورًا تنكرونها)، رقم الحديث: (7055). [3] رواه البخاري، كتاب الفتن، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (سترون بعدي أمورًا تنكرونها)، رقم الحديث: (7054). [4] رواه الترمذي، أبواب الفتن، باب ما جاء في لزوم الجماعة، رقم الحديث: (2165).
- من الادله على وجوب طاعه الرسول بما
- من الادله على وجوب طاعه الرسول للانصار
- أذكر مثال على التورية – تريند
من الادله على وجوب طاعه الرسول بما
قال تعالى: {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ}، [4] جاءت هذه الآية بأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يحكم المسلمين بما أمر الله -عزَّ وجلَّ- ومن المعلوم أنَّ خطاب النبي هو خطابٌ لأمته ما لم يرد تخصيص، وإنَّ الأمر بالحكم بما أنزل الله يتوجب وجود إمامٍ يلي أمور المسلمين، وإنَّ الأمر باتخاذ إمامٍ يلي أمر المسلمين، يوجب على المسلمين طاعته. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}، [5] إنَّ الأمر بنصرة ولاة الأمر، تقتضي الأمر بوجوب طاعتهم. من السنة النبوية: كذلك وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدلُّ على وجوب طاعة ولاة الأمر، ومن هذه الأحاديث ما يأتي:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ".
من الادله على وجوب طاعه الرسول للانصار
أسامة شحادة
وجوب طاعة الرسل على الناس هي حقيقة قرآنية تشمل كل الرسل والأمم والبشرية، لأن شرعية طاعة الرسل جاءت من الحق سبحانه وتعالى، الذي خلق الخلق كله، وأن تحكيم الرسول والقبول بحكمه وقضائه هو علامة الإيمان من الكفر، قال تعالى: "وما أرسلنا من رسول إلا ليُطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسولُ لوجدوا الله تواباً رحيماً * فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلّموا تسليما" (النساء: 64-65). يقول الشيخ السعدي في تفسيره: "يخبر تعالى خبرا في ضمنه الأمر والحث على طاعة الرسول والانقياد له. مؤسسة التحاضير الحديثة - تحاضير جاهزة 1443 للمعلمات والمعلمين - جاهزة للطباعة. وأن الغاية من إرسال الرسل أن يكونوا مطاعين ينقاد لهم المرسلُ إليهم في جميع ما أمروا به ونهوا عنه، وأن يكونوا معظّمين تعظيم المطيع للمطاع. وفي هذا إثبات عصمة الرسل فيما يبلغونه عن الله، وفيما يأمرون به وينهون عنه؛ لأن الله أمر بطاعتهم مطلقا، فلولا أنهم معصومون لا يشرعون ما هو خطأ، لما أمر بذلك مطلقا". وهذه الآية جاءت ردا على قيام بعض المنافقين بترك التحاكم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم والتحاكم للطاغوت "ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أُنزل إليك وما أُنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أُمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلّهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيتَ المنافقين يصدّون عنك صدودا" (النساء: 60-61).
ذات صلة الدعوة والداعي موضوع عن طاعة الله
طاعة الله تعالى ورسوله
لقد خلق الله تعالى الإنسان وأحسن خلقه، وأسكنه الأرض، وسخّر له كل ما يحتاج إليه من أجل أن يعيش حياةً كريمةً ويؤدّي ما أمره به من الطاعات والعبادات، مثل تأدية الصلاة والالتزام بها، والصيام، وحج البيت، وأداء الزكاة واجتناب المنكرات وكلّ ما نهى عنه جلّ في علاه
وغيرها، كما أمره بطاعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنّه الرسول الموحى إليه منه عزّ وجل، مثل الاقتداء به في كيفيّة أداء الصلاة والحج وغيرها، وقد أعطى الله تعالى الرخص التي تمكّن جميع العباد من طاعته في جميع حالاتهم؛ لأنّها أحبّ الأعمال إليه عزّ وجلّ.
شرح دروس البلاغة لفضيلة الشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
أبدأ هذه المحسنات بالسرد،فقال: أولها التورية. والتورية مشتقة من وري الزند, إذا كثرت ناره، أو وري المخ، إذا كثر, فهي مشتقة من الكثرة، ومنه اشتقاق الورىللبشر لكثرتهم، فالورى معناه: الكثيرون. وهي في الاصطلاح:أن يذكر لفظٌ، لفظه واحد ومعانيه متعددة كثيرة, فيُقصد به المعنى الخفي, لا المعنى المعروف, المعنى الذي لا يتبادر إلى الذهن؛ لذلك قال: أن يذكر لفظ له معنيان. واللغة العربية يستعمل فيها اللفظ الواحد لمعان متعددة, ويسمى ذلك بمشترك اللفظ, ويستعمل فيها اللفظان فأكثر للمعنى الواحد فيسمى ذاك بالمترادفات؛ فإذن في اللغة اشتراك وترادف, فالاشتراك أن يستعمل اللفظ الواحد لعدة معان, كالعين يطلق على العين الباصرة، وعلى الجاسوس، وعلى عين الشمس، وعلى عين الماء، وعلى عين النقد أي: الذهب والفضة, كل ذلك يسمى عيناً،فهو من المشترك اللفظي كقول الحريري
إن جاد بالعين حين أعمى هواه..... أذكر مثال على التورية – تريند. وعينه فانثنى بلا عينين (إن جاد بالعين) أي: بالذهب والفضة, ((حين أعمى هواه)) عينه الباصرة (فانثنى بلا عينين)انثنى أي: رجع بلا عينين. وهذا النوع المشترك اللفظي سبب من أسباب الخفاء, كما هو معلوم في أصول الفقه, وأما الترادف فهو عكسه باستعمال الألفاظ المتعددةللمعنى الواحد، كهذا العضو يسمى رقبة، ويسمى عنقا، ويسمى جيداً، وغير ذلك مما يطلق عليه، فالرقبة والعنق والجيد كلها بهذا المعنى.
أذكر مثال على التورية – تريند
(في المعاريض)وهي هذا النوع من الكلام, التورية، (مندوحة عن الكذب)، أي: طريق يفر فيه الإنسان من الكذب, فلا يكذب, لكنه يذهب إلى معنى آخر لا يتبادر إلى الذهن, وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في غزوة بدر حين مرَّة على قوم فسألهم من أنتم؟ فقالوا: مدلج فقالوا: من أنت؟ فقال: نحن من ماء. فجعل الرجل يقول: أمن ماء العراق أم من ماء نجد؟! نحن من ماء، وظن أنها اسم قبيلة، وهذا فعلاً اسم لقبيلة معروفة، والنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن الله تعالى خلق كل حي من الماء: {وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} فجعل الرجل يقول: أمن ماء العراق أم من ماء نجد؟! وكان النبي صلى الله عليه وسلم ربما استعمل هذه التورية في بعض الأحوال, كقوله لعمته صفية -رَضِي اللهُ عَنْهُا- حين سألته أن يعطيها جملاً, قال: ((لأحملنك على ابن الناقة)). فظنت أنه سيعطيها فصيلاً حماراً صغيراً, فقالت: لا يحملني ابن الناقة, فالجمل ما هو إلا ابن الناقة, ويروى كذلك أنه دخلت عليه عجوز, فسألته أن يسأل الله لها الجنة, فقال: ((إن الجنة لا تدخلها عجوز)). وهذا تورية, المقصود به أن أهل الجنة جميعاً يبعثون على سن الثالثة والثلاثين, فليس فيهم عجائز, ويظهر هذا قوله للأعراب, كانوا إذا أتوه يسألونه متى الساعة؟ فينظر إلى أصغرهم, فيقول: ((لايموت هذا حتى تقوم الساعة)) فالمقصود بذلك ساعته هو الخاصة به, أي: قيامته الصغرى, فإذا مات ابن آدم فقد قامت قيامته.
المّورى عنه: وهو المعنى البعيد الذي يقصده المتكلم، ولكنه يخفى على السامع. وهناك أمثلة كثيرة على التورية، نذكر منها ما يأتي: مثال 1 قول الشاعر ابن سناء الملك: أما والله لولا خوف سخطك لهان على محبك أمر رهطك ملكت الخافقين فتهت عُجبا وليس هما سوى قلبي وقرطك نلاحظ في قول الشاعر (ابن سناء الملك) تورية واضحة في لفظة الخافقين، والتي تعني المشرق والمغرب ولكنه المعنى القريب الذي لا يقصده الشاعر، أما المعنى المقصود فهو قلب الشاعر وقرط المحبوبة، وقد ظهر المعنى البعيد في اللفظ صراحة. مثال رقم 2 قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ من المحسنات البديعية التورية وهي: ذكر كلمة لها معنيان، أحدهما قريب غير مقصود ، والآخر بعيد مقصود. وهذا النوع من الفنون ممتع حقاً وهو يدل على بلاغة وفصاحة متكلميها.